الإثنين  23 كانون الأول 2024

* ستعودُ المدينةُ إلى وردِها لـ الشاعر: خالد جمعه

2015-01-27 12:25:22 AM
* ستعودُ المدينةُ إلى وردِها
لـ الشاعر: خالد جمعه
صورة ارشيفية

 شعر

يوماً، ستقومُ الأميرةُ من تعويذتِها، ستجِدُ المغازلَ كلَّها دونَ إبَرٍ، سيكونُ نهاراً من خارجِ أوقاتِنا، أزرقَ رُبَّمَا، مدجَّجاً كجيشِ أطفالٍ بالبراءةِ، بعينين من عِنَبٍ حُلوٍ، ساعاتُهُ غزالاتٌ مُحَنَّاةٌ بالمِسْكِ الإلهي، يداهُ تغرفانِ الأساطيرَ، ودمعتُهُ موسيقى سائلةْ، سيطلبُ المدينةَ للرَّقصِ، ستمدُّ يدها وتستحي من يباسِ خصرِها، يؤلِمُها الرَّقصُ المتفائلُ للنَّهارِ المتفائلِ، والألمُ يخافُ الرَّقصَ، وتواصلُ المدينةُ الرَّقصَ "نكايةً بالوجعِ" فيزولُ.

يوماً، ستفتحُ هذه المدينةُ حِجْرَها، لتستقبلَ زرعَها حين ينهمكُ في النضوجِ، تكرِّسُ بحرَها لسفن العشاقِ، وميناءها للآتين إلى القلبِ من بعيدٍ ليس بعيداً، ويوماً، سيلعبُ الْحَسُّونُ راقصاً على جدائلها، آمناً على ريشِهِ من الريحِ، لا قفصَ ولا صيادْ.

يوماً، سننامُ على الدفء الناشئ من حُلمِنا، مُنْشِدين، ومُنْشَدِّين إلى غدٍ ينظر من الآتي إلى الحاضر منتظراً دورهُ، ويوماً، هو ابنُ اليومِ، ستعودُ الأشياءُ إلى مداراتِها، سيخرجُ اللَّحنُ من دمِ القلبِ إلى الوتر، مُسْتَنْزِفَاً الوَلَهَ إلى نهايته، وترقص حَبّاتُ الهواءِ في فضاءٍ مُشْبَعٍ بالصهيلِ وبالحنينْ، سيُفْرِجُ الصوتُ عن فَجْرِهِ مُتَّحِدَاً بالزَّمَنِ في ألوانٍ شاخصةٍ نحو الجمال.

ويوماً، سيأتي من يُبدِّلُ اسمَ الحبِّ في ورقِ اللُّغةِ، ويعطيهِ لوناً ثامناً، وعِطراً دونَ شبيهٍ، يحشو بِهِ الغيمةَ فتحبُلُ بكلامٍ بحوافٍ من بُرتُقالٍ وغَزَلْ، ستُمطِرُ أمَّهاتٍ حنوناتٍ خارِجَ منطِقِ اللحمِ والدَّمِ المجرَّدِ، ونغفو نحنُ كأولادٍ تعِبوا من اللَّعبِ في الغابةِ القريبةِ، سيكونُ من حقِّنا أن نأخذَ الغابةَ إلى بيوتِنا في المساءِ، وأن نضعَ النَّهرَ في الخِزانةِ جوارَ بقيَّةِ الألعابِ، وسيُقرِضُ جارٌ جارَهُ الفقيرَ أميرَتَيْ حكايةٍ شرطَ أن يعيدَهما في الصباحِ تلبسانِ حكايةً أخرى.

ويوماً، ستعودُ المدينةُ إلى وَرْدِها

وينمو النعناعُ في أكفِّ الزارعينَ

ستقولُ أُمّي: هذا ما أخبرتُكَ به

ولم تُصدِّقْ.

* من ديوان "لا شيء يمشي في هذا المنام"