الإثنين  23 كانون الأول 2024

سردية جمعة الرفاعي بقلم: مرمر قاسم الأنصاري

2015-02-12 12:52:33 PM
سردية جمعة الرفاعي
بقلم: مرمر قاسم الأنصاري
صورة ارشيفية

الحدث. 

من نافل القول التصريح بأن البحث في الرؤية الواقعية للأدب السرديّ في السجون  لا يمكن إلا أن يرتبط بأوثق الصلات بالمعتقلات الصهيونيّة، وكذا بالعناصر الرئيسية المكونة لمساره ولاختياراته الثقافية والجمالية.

 وإذا كان السياق السوسيوتاريخي يلعب أحد أكبر الأدوار في عملية التشكيل والتأثير في تبلور الإنتاج الأدبي، وخاصة من حيث الجانبين المضموني والدلالي العامين، فإنه لا يعد كافيًا أو مشبعًا لتعليق كل الاهتمـام عليه باعتبار الظاهرة الإبداعية متوفرة على مرتكزات وعوامل خصوصية وبالغة الأهمية بدورها، وهو ما يدفعنا لإيلاء الأهمية الأولى لها تاركين للقارئ التماس عناصر السياق المذكور في مظان أخرى لمن يحرص على بلوغها.

وعليه، فبما أن الكتابة السرديّة تقع في مركز الإنتاج الأدبي العربي فإننا نعتبر بأن حفرًا يظهر للسطح الملامح الكبرى لهذا الإنتاج لمن شأنه أن يسمح بقياس المكانة المشغولة من جانب التجربة الشخصيّة  الروائية وتقييم مقدار إسهامها في بلورة سمات وخطاب أدب السجون. أضافة إلى هذا أن في ذلك ما يساعد على معرفة أفضل بالأدب الفلسطيني الذي عانى ويعـاني من التجاهل، وليس الإهتمام به  إلا ابن وقت قريب.

لذا نرى من الضروري إعادة النظر في العناصر المكونة لأدبنا، وإخضاع هذا الأدب لتأمل يهدف إلى الكشف الأوضح عن مرجعياته وبنيته، ولأبعاده، وكذلك لمساءلته بغية تشخيص هويته الحقيقية المتجاورة لمجرد معاينة وجوده.

 في هذا الاتجاه يصبح الكـلام عن الأدب الفلسطيني العربي بمثابة النظر إليه ككيان نصيّ ينتمي إلى فلك التحديث، أي إلى أفـق جديد للكتابة مع كل ما ينطوي عليه هذا الوضع ويستلزمه من قطائع وتخطيات بالقياس إلى قواعد ومفاهيم جاهزة مسبقا. وبالفعل، فإن نزعة التحديث في "أدب السجون"، في موضوع الأعمال المكونة له تستحق أعمق التحليل ولا يمكن اعتبارها أمرًا مفروغًا منه اعتمادًا على ما تراكم من نصوص خلال العقود الثلاثة الأخيرة، فمن مشاكل أدب السجون، إسقاط النظرة التحديثية سلفًا على كل إبداع يستلهم ضوابط ومقولات الأجناس الأدبية الحديثة أو المشترطة بها نسبيا. إن الشكل الحديث، أو بالأحرى محاكاة هذا الشكل يخلق الوهم بكتابة ذات طبيعة مماثلة. ونحن نرى أن اعتقادًا من هذا القبيل، تنضم إليه عوامل أخرى لهو مما تسبب في عرقلة نضج وتفتح التجربة الروائية العربية الفلسطينية بأفضل السبل. والإنتاج السرديّ، قابل لكثير من النقاش من هذا الجانب.

في سردية "خارج الموعد"للكاتب جمعة الرفاعي مرحلة تقدير درجة تحقق عناصر ومظاهر التحديث في الكتابة السردية، إذ أنـها مهمة موكـولة إلى مرحلة تحليل المتن، القادرة وحدهـا على توفير هذا الاقتنـاع أو استبعادها.

سرديّة قصيرة كتبت من وراء قضبان السجون والّتي أظهرت مدى غياب البطل عن واقعه السجن من خلال تناوله وطرحه لما كان قبل السجن وما سيكون بعده.وهذا يدلّ على الحالة النفسية السيّئة الّتي كان عليها السجين.فلم يتطرق لمدة محكوميته ولا لبشاعة السجّان إنما تناول قضايا أخرى لامست إنسانيته.

 وعلى كل، ودون أي حكم مسبق عن منفذ هذا التحليل، فليـس من التناقض في شيء حيث توصلت في نـهايته إلى استنتاجـات غير حاسمة لا يمكن أن تقلل من أهـمية أدبنا.