الإثنين  23 كانون الأول 2024

رواية (أورفوار عكا) للكاتب علاء حليحل بقلم: سهير مقدادي

2015-02-12 04:34:28 PM
رواية (أورفوار عكا) 
للكاتب علاء حليحل
بقلم: سهير مقدادي
صورة ارشيفية

 الحدث.

لم أعتد الحديث عما أقرأه من أعمال ابداعية متميزة ..لكن ولأن المبدع علاء حليحل استفز فيّ ما لا أدري في عمله الإبداعي هذا ..سأقول ..

أبدعت حد الألم والدهشة حين كتبت لنا مستنِداً على الجرأة، تاريخاً جديداً ومرجعاً صدقناه وأحببناه واستبدلناه بتاريخ اعتدنا قراءته من خلال أقلام الأقوياء والمنتفعين فكبرنا وفي أذهاننا أن المجازر بحق من لا يشبهنا ..بطولة

والدفاع عن طين أخرس من سور ومدن وعقد نفسية تسكن بعض من أسميناهم أبطالا ..عقيدة الجزار وفي مخيلتي إلى حين قراءة روايتك ما كان إلا صورة جميلة لمسجد ومئذنة وسور يتوج جبهة عكا تناسيت خلاله أو نسيت ذاك الجزار قاتل قبيلة كاملة .. ولم أكن لأسمح لمخيلتي الطفلة أن ترسم أكثر من مشهد واحد لبطل يدعى أحمد يبتسم بعزة وكرامة في وجهٍ مهزومٍ لغاز مستبد جاء مزركشاً بعقد التفوق والحضارة الزائفة ..

نابليون بونابرت .. ذاك المهزوم بسعال الطاعون وصمود سور من صخر إرادة وانتماء.

أما سفينة المومسات والتي أرسلتها فرنسا للترفيه عن جنودها المنهكين من حرب لا تنتهي وسور عنيد لا يتعب فما صورتها لنا مكتظة بمجرد أجساد بضّة ناعمة بل بآهات قهر وضعف وجهل غابت فيها الروح والمشاعر والكرامة بكذبة صدقتها هؤلاء النسوة أو إدعيّن تصديقها خجلا أمام مفردة (الوطن) .

وكم من السفن الآن مازالت تبحر بمثيلاتهن .. وكم من الأسوار بنيت قريبا لتخنقنا وتعصرنا بأوهام صنعوها وصنعناها وصدقناها.

أما رسائل بونابرته للحبيبة جوزفين فما كانت إلا إشارة ذكية منك لأن ننتبه بأن الحب وحده هو القادر على هزيمة وفضح وتعرية قوة مرضية تسكن قلوب أكبر الطغاة ..وما هلوسات الجزّار وحواراته الوهمية مع بونابرته إلا تذكير بتشابه القتلة في نرجسيتهم وضعفهم وزيفهم وأوهامهم.

ووجعا فعلت حين سكبت في قلوبنا قهر سكان عكا وساكنيها فعويلهم وصراخهم وتماسكهم وصبرهم كان صورة حقيقية صافية دون تزويق لشعب يريد الخلاص من قلل النار وسوط الحاكم المستبد.

المشهد الأخير ..

وفيه أبدعت حين أحضرت الماضي والحاضر والغد جلياً واضحاً بسفينة تبحر بالجزّار بعيداً..

بالسفن الفرنسية مغادرةً وهزيمتها.. (بفرحي) اليد اليمنى للجزّار ..حين لوّح لواليه مودعاً ومبتهجاً فقد خلت له المدينة.. بمدينة جميلة ترمم مبانيها وجسدها بالدمع والألم والأمل والفخر والاعتزاز.

كنت صادقاً حين محوت تاريخاً واستبدلته بآخر أكثر ايلاماً ..حين أقنعتنا بأن التاريخ يعيد نفسه بقسوة أكثر ..

حين أعدتني طفلة مذهولة تحاول فهم السور والصور والحكايا.. كم هي عالية وناعمة وخشنة وصادقة وكاذبة وكثيرة تلك الأسوار.