الأحد  24 تشرين الثاني 2024

على امتداد 11 عاما.. مراسلات أدبية بين كاتبين في كتاب "رسائل من القدس وإليها"

2022-07-21 10:25:44 AM
على امتداد 11 عاما.. مراسلات أدبية بين كاتبين في كتاب
كتاب رسائل من القدس وإليها

 

الحدث الثقافي - إصدارات

صدر حديثا عن مكتبة كل شيء في حيفا، كتاب رسائل من القدس وإليها للكاتبين جميل السلحوت وصباح بشير، وهو تجربة أدبية فريدة من نوعها تجمع بين كاتب وكاتبة.

وعن الكتاب قالت الكاتبة صباح بشير، إن في الكتاب ما يقرب من أربعين رسالة أدبية، "فيها مساحة دافئة عبرنا فيها من خلالها عن أنفسنا، وتبادلنا على امتداد 11 عاما قضايا فكرية وثقافية ومختلف شؤون الحياة والمجتمع".

وأوضحت الكاتبة أن المراسلات بدأت من مدينة القدس بعد لقائهما في ندوة اليوم السابع المقدسية التي تقام في مسرح الحكواتي، فثمة قواسم مشتركة جمعتهما، كالجذور المكانية والانتماء إلى قضية التنوير الثقافي، الإيمان بقضية المرأة، حب الكتابة والمطالعة، الانخراط في المجال الإبداعي والشأن الثقافي بشكل عام، حب المعرفة بمجالاتها المختلفة، وصقل كل ذلك بالأسفار المتعددة في أقطار كثيرة حول العالم.

ولاقى الكتاب الذي يقع في 182 صفحة من الحجم الكبير، أصداء واسعة، حيث كتبت الشاعرة فوز فرانسيس إن "الكتاب فيه تنوع غريب وجاذب وملفت في الرسائل التي رحت أقرأها مع صعوبة القراءة التي نعهدها حين يكون النص من خلال شاشة الحاسوب، لكني وجدت نفسي أقرأ دون ملل، بنهم ومتعة، وذكرتني الرسائل بأيام مضت حين كنّا نتبادل الرسائل مع الأصدقاء وننتظر بلهفة وشوق الردّ، مضيفة: "هذا ما بدا لي في الرسائل بين الكاتبين خصوصا في البداية، هذه الرسائل التي امتدت لأكثر من عقد من الزمان ولم تجفّ روحها ولم يعتريها الملل، يحدّث كل واحد ذاته أو صديقا صدوقا ما غيّره الزمان رغم السنوات، بل ظلت صداقة راقية ترفّعت عن القيل والقال واهتمت بشؤون خاصة حينا، وأمور اجتماعية وسياسية وثقافية عامة حينا آخر".

بدوره، قال الشاعر محمود شقير في ورقة مقدمة إلى ندوة اليوم السابع المقدسية: "إن الكاتبين يطرحان رؤية  لقضايا الوطن ومناهج التعليم القاصرة وأوضاع المرأة الفلسطينية، وما تتعرض له من ظلم وإجحاف في مجتمع ذكوري ظالم، وتجري المقارنة بين الحين والآخر مع مجتمعات أخرى منفتحة على الحضارة والرقي والتقدم، ولا نلمس أي خلاف في وجهات النظر بين الكاتب والكاتبة، بل هناك توافق في النظر إلى مختلف الأمور والقضايا، ويأخذ وصف الزيارات والرحلات إلى داخل بلادنا وإلى بلدان أخرى عربية وأجنبية والإقامة في بعضها لسنوات حيزًا ملموسًا في الرسائل.

ورأى شقير أن الرسائل مكتوبة بلغة سلسة لا تعقيد فيها ولا غموض، وفيها تشويق للقارئ بالنظر إلى أنها تأخذ من فن السيرة الذاتية قسطًا، ومن أدب الرحلات قسطًا آخر، ومن السرد الأدبي القسط الأوفر، وهي، أي الرسائل، تحمل في طياتها دعوة صريحة إلى نبذ التعصب والتزمت والمغالاة في التمسك بالعادات البالية وبالتقاليد التي لم تعد مناسبة للعصر الذي نعيش فيه، وفيها كذلك دعوة إلى نبذ التخلف والانغلاق، وضرورة التعلم من تجارب الشعوب الأخرى واكتساب ما هو نافع مفيد وترك ما هو سلبي ضار من هذه التجارب، وفيها حثٌّ على احترام المرأة في مجتمع ما زال يمارس سطوة ضارية على حق المرأة في التعلم وفي المساواة وفي التعبير عن نفسها بحرية ومن دون إكراه.

وطرح الشاعر في نصه سؤالا حول حاجتنا إلى أدب الرسائل والمراسلات مجيبا عليه بقوله: نعم، نحن بحاجة إلى هذا الأدب الذي يحمل قدرًا من البوح والمكاشفة، وقدرًا من نقد سلبيات المجتمع للوصول إلى التغيير المنشود الذي لا يتم إلا عبر التزود بالثقافة التي لا بد منها لكل مجتمع طامح إلى التقدم والرقي والتحرر والانعتاق.

أما الكاتب عبد الله دعيس فقال إن الكتاب يستحق القراءة، ويعطي صورة واضحة عن الحياة الاجتماعية في القدس وفلسطين، وعن الوضع الثقافي فيها، في فترة اضطربت فيها الأفكار والمشاعر، تمر الأمّة فيها بمخاض عسير.

ورأى دعيس أن الكاتبين يتفقان في كثير من الأمور فهما محبان للأدب، محبان للسفر، مؤمنان بقيمة الحريّة، يزدريان الجهل، ويحفهما الأمل بالتّغيير. لكن هناك تباينا بين شخصيّتيهما، فالكاتبة صباح بشير كانت تشعر بالاغتراب عن مجتمعها ثمّ اختارت طوعا الغربة والابتعاد عن الوطن، وعندما عادت، اختارت أن تسكن في حيفا بعيدا عن مرتع طفولتها والقدس التي أحبتها، كما تقول، ونراها تزدري العادات الاجتماعيّة العربيّة وترفع من شأن المجتمعات الغربية التي عايشتها. أما الكاتب جميل السلحوت فرغم وعيه لكل ما في مجتمعاتنا من جهل وعادات سيّئة، والتي يشير إليها بوضوح ويحاربها بقوّة، إلا أنّه لا ينفصل عن ثقافتة مجتمعه وتراثه ودينه، ويرى الخير فيها، كما يرى الاعوجاج والانحراف، ويسعى نحو الإصلاح دون الانقلاب على الثوابت ومعاداتها، يعجبه في الغرب الكثير الكثير ويذكره دون انتقاص، لكنّه لا ينحدر نحو الانبهار بحضارة الغرب، ولا ينسى ما قامت عليه هذه الحضارة من ظلم واضطهاد واستعمار وتفرقة عنصريّة والكيل بمكيالين.