الأربعاء 13 آب 2025
تدوين- إصدارات
أصدر الشاعر أدونيس ديوانًا جديدًا بعنوان "دفتر مقابسات: في أحوال طنجيس ومقاماتها" عن دار "سيليكي أخوين للنشر"، بتقديم من الشاعر المغربي رشيد المومني. وقد اعتبر هذا الإصدار حدثًا ثقافيًا مهمًا، احتفت به مدينة طنجة ضمن مهرجانها المتوسطي للثقافة الأمازيغية.
طنجة كما لم تُقرأ من قبل: بين الأسطورة والوجود
يتجاوز أدونيس في ديوانه النظرة التقليدية للمدينة، مُقدمًا قراءةً عميقة لطنجة في أبعادها الميثولوجية، والتاريخية، والوجودية. لا يكتب الشاعر عن طنجة الواقعية، بل عن "الخريطة الأثر" التي ترتسم في مخيلته، معيدًا خلقها كفضاء رؤيوي تتداخل فيه الأزمنة والحضارات.
في هذا النص، تتحول تضاريس المدينة إلى بنية رمزية، ويُصبح التجوال سؤالًا، واليومي كونيًا. يستخدم أدونيس الشعر كقوة خلاقة تُعيد تشكيل الواقع والأشياء، فتتحول الجمادات إلى حركة، والمادة إلى رمز، واللغة إلى كينونة.
الشعر كفعل خلق لا وصف
يُطلق أدونيس على طنجة اسمها القديم "طنجيس"، في إشارة إلى إعادة تعريف المدينة وزحزحة تاريخها الرسمي. من خلال تأملاته، ينسج شبكة من الأقوال المكثفة التي تمزج بين التاريخ الثقافي والوجودي الرمزي والفلسفي. يُسائل أدونيس في قصائده مفاهيم راسخة، مثل الصراع بين الدائرة (التي تمثل الانفتاح واللانهاية) والمستقيم (الذي يمثل الاتجاه الواحد والهيمنة)، موضحًا كيف يجد الأخير في الأول ما يلغيه ويرفضه.
هواجس الحاضر وذاكرة الأمكنة
يتجول الشاعر في ديوانه عبر أزقة طنجة وأماكنها الأثرية، من باب البحر إلى ضريح سيدي أحمد بو قجّة ومسجد القصبة. كل مكان يصبح عنوانًا لقصيدة، تستعيد دلالاته القديمة وتُسائل هواجس الذات المسكونة بقلق الحاضر. تتداخل في قصائد أدونيس حكايات شخصية ويومية، مثل حديثه مع صديقه الراحل محمد شكري، مع أسئلة وجودية عميقة.
يعكس الديوان طابعه الحواري التشاركي من خلال عنوانه "مقابسات"، مما يسمح بأسلوب نثري انسيابي ومكاشفة حرة لطنجة "الكثيرة المتعددة الشاردة في أبجدية اللانهاية". يمزج أدونيس ببراعة بين أصوات التاريخ، والجغرافيا، والرموز، والأسئلة الفلسفية، ليقدم تجربة شعرية فريدة، تليق بمدينة أحبها وعبر عنها في هذا العمل.
