الجمعة  03 أيار 2024

صعود أقصى اليمين واليمين الشعبوي في إسرائيل: قراءة في الأسباب والمعاني والإسقاطات

يوم دراسي بالشراكة بين أربع مؤسسات أكاديمية

2023-07-09 11:28:19 AM
صعود أقصى اليمين واليمين الشعبوي في إسرائيل: قراءة في الأسباب والمعاني والإسقاطات
ملصق الدعوة

تدوين- تغطيات

نُظم في جامعة بيرزيت، يوما دراسيا بعنوان: "صعود أقصى اليمين واليمين الشعبوي في إسرائيل: قراءة في الأسباب والمعاني والإسقاطات"، بالشراكة ما بين برنامج الماجستير في الدراسات الإسرائيلية في جامعة بيرزيت، ومركز مدى الكرمل ومركز مدار ومؤسسة الدراسات الفلسطينية.

وتأتي أهمية هذا اليوم الدراسي، وفقا لما جاء في الكلمة الترحيبية، في ظل طبيعة الانزياح المستمر في دولة الاحتلال نحو أقصى اليمين واليمين الشعبوي، حيث كشفت الانتخابات الأخيرة والأحداث السياسة عن صيرورة مستمرة من تطبيع التطرف والفاشية، مرتبطة بتغييرات عميقة في البنية الإسرائيلية الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية، وبدينامية هذه التفاعلات بين هذه المتغيرات، كما أنها تنعكس على المساعي المجموعة من أجل حسم القضية الفلسطينية عبر تفكيكها وحسم هوية وطابع الدولة الفاشية الإسرائيلية.

وشكلت الأوراق المقدمة في المؤتمر إحاطة بهذه التحولات وتقصيا لأسبابها ومعانيها وأثرها على الواقع الفلسطيني، كما قدمت قراءة في المجتمع الإسرائيلي، وكيف ولماذا وصلنا إلى هذه المرحلة.

وافتتح عميد كلية الدراسات العليا والأبحاث في جامعة بيرزيت، أحمد أبو هنية،  المؤتمر بكلمة قال فيها إن: "إن دراسة أعماق الكيان الصهيوني هو جزء أساسي لا يتجزأ من نضالنا إلى التحرر والتخلص من الاستعمار، ويأتي هذا المؤتمر كجزء من مشاركة جامعة بيرزيت في الواقع الفلسطيني بشكل خاص ومشاركة أيضا دولية وعالمية وإقليمية من خلال توضيح أبعاد القضية الفلسطينية وتوضيح أبعاد الكيان الصهيوني الذي يحاول أن يغير جغرافية وتاريخ فلسطين من خلال تحول الحالة التي نراها في الحكومة الإسرائيلية من صعود يمين واليمين الشعبوي إلى منصة الحكم وغطرسة المستوطنين الذين قاموا بتشجعيها، وهذه لم يسبق لها مثيل حتى في تاريخ الاحتلال الصهيوني".

إن دراسة أعماق الكيان الصهيوني هو جزء أساسي لا يتجزأ من نضالنا إلى التحرر والتخلص من الاستعمار

من جانبه قدم د. امطانس شحادة نيابة عن مدير مركز مدى الكرمل، مداخلة قال فيها إن: "هذا المؤتمر يعبر عن تشبيك الجهد البحثي الكلي الفلسطيني، إذ أصبح المستعمِر يبحث المستعمَر بالمنظور الكلي، لأن صيرورة التحولات في السياسة والمجتمع الإسرائيلي تفرض علينا إعادة توحيد الجهد البحثي وطرح مقاربات نقدية للواقعين الفلسطيني والإسرائيلي".

وقال أمين سر مؤسسة الدراسات الفلسطينية كميل منصور، إن أهمية مشاركة المؤسسات الأربعة، ليس فقط في استمرارية التعاون فيما بينها بل أيضا في جعل المتابعة العلمية للقضية الفلسطينية، عملية معرفية تراكمية، ضمن أوعية مؤسسة متكاملة.

وقدم منصور بعض التساؤلات التي ستجيب عليها أوراق المؤتمر وجاءت على النحو التالي: "ما هو الوزن النسبي للعامل التاريخي، أي الديناميكية الذاتية للحركة الصهيونية كحركة استعمارية منذ نشوئها تؤدي لا محالة إلى صعود اليمين؟، ما هو وزن العامل الديمغرافي الذي يتمثل في نمو فئات اجتماعية على حساب الأشكنازيين ذوي التوجهات الغربية؟ هل الدعم الأمريكي لإسرائيل اللامحدود متواصل منذ عقود يسمح بتفاقم المؤسسات العنصرية دون أن يكون خشية من عقاب أمريكي وبالتالي خشية من عقاب دولي؟، ولماذا تحرص الإدارة الأمريكية على استمرار النموذج الديمقراطي الغربي في إسرائيل وتضغط الحكومة الإسرائيلية للحفاظ مثلا على حفاظ المحكمة العليا الإسرائيلية ولا تكترث بما تقوم بها الحكومة نفسها من ممارسات ضد الشعب الفلسطيني في فلسطين، وما تأثير الضعف السياسي الفلسطيني على مستوى السلطة في السماح بنمو اليمين المتطرف في إسرائيل".

وقدمت مديرة مركز مدار هنيدة غانم المحاضرة الافتتاحية للمؤتمر، بعنوان: "صعود أقصى اليمين الجديد في السياق الاستعماري الاستيطاني: الخلفية والمعاني والمشروع" قالت فيها "إن القرن الواحد والعشرين يوصف بأنه عصر أقصى اليمين الجديد والشعبوية ويأتي ذلك على خلفية موجة الصعود المتسارع وغير المسبوق في قوة أحزاب من أقصى اليمين وتبوؤ شخصيات شعبوية سدة الحكم في الهند والولايات المتحدة، والبرازيل، وهنغاريا وبولندا وأخيرا وصول جورجيا ميلوني لمنصب رئيس وزراء إيطاليا في أكتوبر 2022، كما سجل أقصى اليمين في فرنسا بزعامة مارين لوبان نجاحات متلاحقة انعكست في تحولها إلى منافسة قوية لرئاسة فرنسا وضاعف من شعبيته في ألمانيا، حيث تشير آخر الاستطلاعات أنه في حال إجراء انتخابات اليوم في ألمانيا يمكن أن يتوفق حزب البديل اليميني المتطرف على حزب المستشار شولتز الاشتراكي الديمقراطي، أو في أسوأ الأحوال أن يتوازى معه، وقد فاز مرشح حزب البديل من أجل ألمانيا بمنصب عمدة أحد المدن المهمة في ألمانيا لأول مرة في الأسبوع الماضي".

إن القرن الواحد والعشرين يوصف بأنه عصر أقصى اليمين الجديد والشعبوية

وفقا لغانم تشارك أحزاب أقصى اليمين في الائتلاف الحكومي في السويد وفنلندا، ما يعني أننا لا نتحدث عن صعود أقصى اليمين فقط في دولة أو فقط في الولايات المتحدة، إنما الأمر عابر للقارات. والأهم أننا نتحدث عن أحزاب ذات جذور فاشية واستبدادية ونازية جديدة.

وأشارت غانم إلى أن هذه الأحزاب كانت حتى نهاية القرن المنصرم مقصاة وهامشية من قبل الأغلبية، ورفضت الأحزاب الرئيسية في الدول الغربية التعاون معها.

الجلسة الأولى

وافتتحت الجلسة الأولى بعنوان: "قراءة في الواقع السياسي الإسرائيلي اليوم: الإعلام والقضاء والاقتصاد"، بمداخلة لامطانس شحادة قامت على تحليل سيرورة صعود اليمين واليمين المتطرف بإسرائيل، وارتباط ذلك بانضمام إسرائيل إلى العولمة الاقتصادية، ستتناول الورقة تأثير العولمة على المواقف السياسية وأنماط التصويت حيث عرض التحولات في موقف المجتمع الإسرائيلي وفقا للرابحين والخاسرين من العولمة الاقتصادية ونمو التوافق النيو صهيوني".

واستندت الورقة إلى الأدبيات العالمية التي تناولت تأثير العولمة على المواقف السياسية وأنماط التصويت، والتي ساهمت في تفسير صعود اليمين واليمين المتطرف في أوروبا.

وعرض شحادة تياريين أساسيين وفقا للأدبيات الإسرائيلية، هما: التيار الليبرالي السياسي، ووفقا له يمكن أن تتنازل إسرائيل عن قسم كبير من الأراضي المحتلة عام 1967، ولبرلة المواطنة، وادعى هذا التيار أن في وسع هذا التحول أن يوفر لإسرائيل شرعية إقليمية وعالمية، ويسهل انضمام إسرائيل للاقتصاد العالمي.

أما التيار الثاني، "محافظ جديد"، فدعا إلى عدم التناول عن الأراضي المحتلة بل تعميق الاستيطان وعدم لبرلة نظام دولة إسرائيل وصيغة المواطنة، بل طالب هذا التيار العودة إلى جذور الصهيونية الحقيقية والمشارب الفكرية لهرتسل، في حين أن الدراسة الثالثة ترى أن الحاجة للحفاظ على سقف أدنى من الإجماع في المجتمع الإسرائيلي كمجتمع استيطاني، بالرغم من وجود تناقضات في مصالح الفئات المختلفة، أدت إلى ولادة نيار نيو- صهيونيي يجمع ما بين الفكر الاقتصادي الليبرالي والاندماج بالعولمة الاقتصادية، وبين التشديد على طبيعة الدولة كدولة يهودية، وعلى تعزيز المواطنة الإثنية اليهودية، واستمرار للأراضي الفلسطينية، وفقا لشحادة.

الحاجة للحفاظ على سقف أدنى من الإجماع في المجتمع الإسرائيلي كمجتمع استيطاني، بالرغم من وجود تناقضات في مصالح الفئات المختلفة، أدت إلى ولادة نيار نيو- صهيونيي 

وبحسب الباحث، يمكن الادعاء أن هذا التيار اقترح صيغة لنظام جمهوري في إسرائيل، مبني على الجامع اليهودي الصهيوني الجديد، بدل الصهيوني التقليدي الذي اقترحه حزب العمل التاريخي، ويشدد على القواسم اليهودية المشتركة للمجتمع الإسرائيلي يوافق على إبقاء جزء كبير من الاستعمار الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية المحتلة وخاصة في القدس، دون أن يعارض بالمطلق مبدأ لإقامة دولة فلسطينية في مرحلة بداية الألفية الثالثة.

وقدمت المحامية سوسن زهر، ورقة بعنوان: "اسقاطات مخطط اليمين الإسرائيلي للإصلاح/ الانقلاب الدستوري على الفلسطينيين"، عرضت فيها التغيرات القضائية الإسرائيلية الأخيرة، وما هي أهدافها ومعانيها وماذا تعني للفلسطينيين وأيضا ما هي تداعيات القانون الدولي في هذا الخصوص".

ثم قدم الباحث رازي نابلسي مداخلة تمحورت حول المكان الموجود فيه الصراع اليوم، قائلا إن القراءة التقليدية للخارطة السياسية الإسرائيلية لم تعد ممكنة، إذ بات هناك نوع من أنواع السياسة تحت سقف اليمين، سياسة تنشط تحت سقف وفي إطار الإجماع على إنكار حقوق الشعب الفلسطيني.

وتطرق النابلسي إلى المؤشرات التي تشير إلى بدء إسرائيل في تعميم نموذج الضفة الغربية على فلسطين التاريخية وبناء حالة تقتل الفروقات المبينة الموجودة بين الضفة والأراضي المحتلة عام 1948، مقسما إياها إلى ثلاثة مؤشرات، الأول: الحرس القومي، النواة التوراتية وانتشارها في أراضي 1948، وقوانين بن غبير وحزبه، الذي يريد تحويل ذاته إلى حاكم عسكري، واستهداف النقب والجليل، والعودة عن التصالح الذي جرى مع الرموز الفلسطينية في إطار الوضع السياسي العام.

الجلسة الثانية

انطلقت الجلسة الثانية التي سيّرتها عرين هواري بعنوان: "دوافع واسقاطات هيمنة اليمين"، بورقة قدمها كريم قرط، تمحورت حول خطة سموتريتش للحسم بوصفها نسخة مفصلة من الجدار الحديدي، تمازج بين الاستشراق والاستعمار الاستيطاني"، وقال فيها: إن الأساسيات التي بنيت عليها الخطة، خطاب أيديولوجي متكامل، يتألف من مجموعة سرديات صهيونية ليست جديدة، ومؤسسة.

وتقوم الخطة على انكار وجود الشعب الفلسطيني، وفائدة الاستعمار للعرب، وأن الصهيونية حولت الصحراء إلى جنة، إضافة إلى سرديات أمنية، تقوم على فكرة الخطر الوجودي، وغيرها.

وضمن ذات الجلسة، قدم الباحث والأكاديمي أشرف بدر مداخلة بعنوان: "قراءة نقدية في صعود التيار الديني القومي في الانتخابات الإسرائيلي عام 2022"، قام خلالها بمسح وتحليل النتائج الانتخابية المتعلقة بالمصوتين للتيار الديني القومي في إسرائيل، منذ نشأته عام 1948، حتى الانتخابات الأخيرة عام 2022، والادعاء المركزي الذي ناقشه أنه لا يوجد تحول في الخطاب إنما إعادة إنتاج لنفس الخطاب العنصري.

وتحدثت الباحثة في السياسات التنموية والاقتصادية لميس فراج، في مداخلة بعنوان: "التحولات السياسية في إسرائيل وأثرها على الواقع المالي للسلطة الفلسطينية، عالجت خلالها أثر تصاعد اليمين الإسرائيلي على السلطة الفلسطينية وإدارتها المالية، مقدمة اجتهاد في فهم تبعية السلطة الفلسطينية على الاقتصاد الإسرائيلي.

الجلسة الثالثة

وجاءت الجلسة الثالثة التي سيرها مجدي المالكي، بعنوان: "الفكر اليميني ما بين الماضي والحاضر"، تحدثت فيها طالبة الماجستير في الدراسات الإسرائيلية في جامعة بيرزيت سلام أبو شرار، بعنوان الخيال في أيديولوجيا اليمين الإسرائيلي المتطرف: دافع لتصاعد لمواجهة"، ركزت على رصد تحليل المخيال الأيديولوجي في نصوص المؤسسة لأحزاب اليمين العقائدي من جهة، والممارسة السياسية التي تقدمها هذه الأحزاب منذ صدور نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة عام 2022. إذ كان للمخيال الأيديولوجي حضورا واضحا، في الممارسة السياسية الإسرائيلية الرسمية خصوصا في ظل صعود أحزاب أقصى اليمين إلى سدة الحكم، والذي منح هذا المخيال أبعادا أكثر وضوحا في الممارسة المتطرفة العلنية على الأرض.

أما الباحث في مركز مدار وليد حباس، فكانت مداخلته بعنوان: "الحردلية: التيار المتزمت دينيا والقومي سياسيا والمحافظ ثقافيا" تتبع فيها تاريخ نشوء التيار الحردلي من داخل الصهيونية الدينية، كما رصد أهم ملامح هذا التيار بالتركيز على أسس هويته الدينية وانعكاساتها على الحياة السياسية داخل إسرائيل، ومجالات تدخل الحردليين في الحيز العام في المجتمع الإسرائيلي.

واختتم المؤتمر بمداخلة للباحث علاء سلامة، بعنوان:" اليمين الجديد والتيار الإفنجيلي" استعرض خلالها تاريخ هذا التيار ومبادئهم وتأثراتهم على السياسة الأمريكية، كذلك علاقتهم مع اليمين الصهيوني الجديد".

والتيار الإنفجيلي هو تيار ديني مسيحي، وقد يبدو تيارا هامشيا، إنما هو ليس كذلك نهائيا، ويهيمن على اليمين الأمريكي المتدين منذ عقود.

لمتابعة المؤتمر كاملا: