الأحد  22 كانون الأول 2024

النزاهة الأكاديمية وتحديات النشر العلمي

2023-07-13 12:02:38 PM
النزاهة الأكاديمية وتحديات النشر العلمي

تدوين- تغطيات 

ضمن سلسلة ندوات بيرزيتية التي ينظمها نائب رئيس جامعة بيرزيت للشؤون الأكاديمية، والتي تسلط الضوء على قضايا معاصرة للأكاديميا وعلى التحولات التي تشهدها في ضوء التطور المتسارع لتكنولوجيا المعلومات، وتعاظم أهمية المقاربات بينية-الحقول وتلك العابرة للحقول في إنتاج المعرفة وبلورة فهم أفضل للعلاقة بين المجتمع والتكنولوجيا والبيئة، جاءت الندوة الثانية عشرة والتي أدارها د. مصطفى جرار، بعوان "النزاهة الأكاديمية وتحديات النشر العلمي"، لتلقي الضوء على إشكاليات النزاهة والأمانة الأكاديمية.

افتتحت الندوة بمداخلة للأستاذ في علم الحاسوب في جامعة قطر تامر السيد، الذي بدأ بالحديث عن أهداف نشر الأبحاث العلمية، إذ أن الهدف الرئيسي هو تطوير الوضع العلمي في مسألة معينة، قد تخدم المجتمع وتفيده لذا يقوم الباحث بتطويرها وتقديم الحلول المرتبطة بها، لنشره في وقت لاحق بهدف الإفادة والتطوير عليه.

تامر السيد

في حين أن الهدف الثاني وفقا للسيد هو تطوير المعرفة الإنسانية الحالية.

وتختلف الأهداف البحثية باختلاف الجهات البحثية، وفقا للسيد، إذ يكون الهدف الأساسي للطلبة من البحث هو الحصول على الدرجة العلمية، أما فيهدفون إلى تطوير المعرفة والحلول المقدمة في مسألة بحثية معينة، بالإضافة لأهداف أخرى، كالحصول على ترقية، أو الحصول على حوافز مادية، أو كي يحظى الباحث في تقييم سنوي جيد، أو تجديد عقد العمل، أو من باب رفع المكانة الاجتماعية والأكاديمية، وغيرها.

أما الجامعات فتكون مهتمة في تحسين ترتيبها في التصنيفات الجامعية العالمية، ذلك لأنه في حال قل النشر البحثي للجامعة، قد يتراجع ترتيبها وسمعتها الأكاديمية، بالتالي أعداد الطلبة الجدد الملتحقين فيها.

أما عاقبة الأهداف المذكورة أعلاه في حال سيئ استخدامها وفقا للسيد، فتتلخص في المصطلح الشائع في المجتمع البحثي "إما أن تنشر أو تهلك" وهو مصطلح يشير إلى الضغط الواقع على الباحثين الأكاديميين لنشر الأبحاث العلمية من أجل النجاح في مهنتهم.

وبحسب أستاذ علم الحاسوب في جامعة قطر، نتيجة لهذا أصبح الاهتمام بالكم وليس الكيف، ما أدى لأن يلجأ الباحثون إلى أسهل وأسرع طريقة لنشر البحث حتى لو كانت بمقابل مادي، وبالتالي أوعية النشر تستقبل كم كبير من الأوراق البحثية ما يقلل وقت التقييم وبالتالي جودة الأبحاث المنشورة.

وعرج السيد على عشر ممارسات غير أخلاقية في هذا الجانب، وهي: إضافة اسم شخص على ورقة بحثية دون مساهمة حقيقية مؤثرة، إضافة اسم أستاذ على مقترح تمويل بحثي لا يفقه فيه شيئا وقد كتبه غيره بالكامل دون مساهمة حقيقية مؤثرة منه، تعديل ترتيب المؤلفين على ورقة بحثية لسبب غير إسهاماتهم فيها.

كما أشار إلى تأجير باحث أو عدد من الباحثين لتنفيذ وكتابة الأبحاث دون إضافة أسمائهم على البحث، شراء أبحاث مقبولة في مجلات بحثية ووضع أسماء جديدة عليها بعد قبولها، الاقتباس المتبادل أي أن تقوم مجموعة من الباحثين بالاتفاق على اقتباس أبحاث بعضهم البعض، إضافة قائمة طويلة من الاقتباسات لأبحاث سابقة لنفس المؤلف.

إلى جانب إرغام مجلات بحثية على إضافة اقتباسات لأبحاث سابقة من نفس المجلة بغرض رفع معدل التأثير للمجلة. نسخ أوراق بحثية سابقة أو توليدها ثم تعديل بعض العبارات الشهيرة لتضليل نظم كشف السرقات الأدبية. ونشر الأبحاث في مجلات بحثية لا تتناسب مع مجالهم البحثي.

ووفقا لأستاذ علم الحاسوب في جامعة قطر، للحد من مخاطر هذه السلوكيات، يجب العمل على توعية المجتمع البحثي في كل ما سبق، وفتح باب النقاش من خلال الندوات والمحاضرات وغيرها، ومقاومة تلك السلوكيات، وأخيرا تغيير طريقة التقييم، للباحثين.

من جانبه، قال رئيس دائرة الفلسفة في جامعة بيرزيت، مضر قسيس، إن المجتمع العلمي يمر مؤخرا بأزمة تتعلق بجدارته بالثقة، وأزمة أخرى تتعلق بدوره في تلبية توقعات المجتمع، سيما وأننا على أبواب عالم جديد أزماته كثيرة، مشيرا إلى أن المجتمع بتوقع من العلماء أن يقدموا حلولا، ويريدهم كسحرة، وعندما تخيب آمالهم، تتراجع سمعة الأكاديميا والعلماء.

وتطرق د. خضر إلى الاتجاه السائد في الجامعات اليوم، مستخدما جامعة بيرزيت كنموذج، قائلا" يفترض أن الطبيعي للجامعة ومن هم فيها هو الانضمام بل الارتقاء، إلى الاتجاهات والتوجهات والقيم الأكاديمية العالمية، بيد أن هذه التوجهات العالمية تعلن من على المنبر الأكاديمي أن العالم ليس واحدا، وأن هناك ثنائيات منبثقة عن الواقع الكولونيالي".

هذا الواقع وفقا لقسيس، قسم العالم إلى شمال وجنوب، غني وفقير، شرقي وغربي، قادر ونامي، متمكن وبحاجة إلى التمكين.

ويأخذ الانقسام في داخل المنظومة العلمية الذي يتبع هذا الانقسام الكولونيالي أشكالا متنوعة، فتارة يساهم العلم في التفوق العسكري، من أجل محو منجزات بشرية في دولة أخرى، وتارة أخرى تأخذ الثنائيات شكل عرض عنصري لثوب ليبرالي للعالم مثل صراع الحضارات، وتارة أخرى تأخذ شكل انحياز أيديولوجي، وتأخذ أحيانا الدعم التقني واللوجستي للسياسات العنصرية ولسياسات الابرتهايد، ولعمليات المراقبة والتحكم، وفقا لقسيس.

وبسبب وجود اتجاهات قمعية غير أخلاقية، ضمن ما يعرف بالاتجاهات العالمية فإن على الساعين للتحرر والحرية عدم الانجرار وراء هذا الجانب من العالمية، بل وقفها وشق الطرق المتجهة نحو الحرية، بحسب قسيس.

لمتابعة الندوة كاملة