الثلاثاء  08 تموز 2025

"أصداء الطوفان".. كتاب جديد يرصد مأساة غزة ويعيد تعريف الكلمة كأداة مواجهة

2025-07-08 04:15:55 AM

تدوين-إصدارات 

صدر حديثًا عن دار مؤسسة أفرا للدراسات والأبحاث كتاب "أصداء الطوفان: صوت غزة في زمن الانكسار" للكاتب والصحافي المغربي عبد الحي كريط - مدير نشر موقع أنباء إكسبريس. ويُعدّ الكتاب بمثابة صرخة سردية مقاومة، لا توثق المأساة الفلسطينية فحسب، بل تضع الثقافة في موقعها الطبيعي: ساحة مواجهة، لا ملاذًا للهروب.

الكتاب عمل توثيقي- تحليلي يتناول الأبعاد الإنسانية والسياسية والنفسية للعدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، من خلال منظور فلسفي وإعلامي، مع ربطه بالأحداث الإقليمية الكبرى مثل عملية "طوفان الأقصى" وما بعدها، وانعكاسات ذلك على الوعي العربي والإعلام المعاصر.

ويأتي الكتاب الذي يقع في 170 صفحة كعمل أدبي وفكري يتجاوز حدود التوثيق التقليدي، ليُعلن أن الكلمة ما تزال قادرة على حمل الصوت حين يغيب الصدى، وعلى مواجهة الصمت العربي والدولي بلغة مشبعة بالوعي والمقاومة.

"أصداء الطوفان" لا يُقرأ كأرشيفٍ للحرب، بل كحفرٍ في الذاكرة الجمعية، من خلال ثلاثة مستويات مترابطة:

- حوارات مع مثقفين من فلسطين والعالم العربي وإسبانيا،

- مقالات تحليلية نقدية،

- نصوص شعرية وإبداعية كُتبت من قلب الاحتراق الفلسطيني.

يجمع الكتاب شهادات وقراءات لمثقفين عايشوا المأساة أو تأملوها عن كثب، معتبرين أن ما يحدث في غزة لا يفضح فقط جرائم الاحتلال، بل يُعرّي خراب الضمير الإنساني في زمن الهيمنة والتواطؤ الإعلامي.

أما القسم التحليلي، فيُقدّم مقالات معمّقة تتناول السياقات السياسية ما بعد 7 أكتوبر، وتُشرّح الخذلان العربي، واستراتيجيات الإخضاع النفسي، والدور الملتبس للإعلام الغربي في إعادة إنتاج الرواية الرسمية للاحتلال.

وفي بُعده الإبداعي، يضم الكتاب نصوصًا وقصائد تمثل صرخات مكتوبة تحت الحصار، تعكس البعد الروحي للمقاومة، حيث تتحول الكلمات إلى شكل من أشكال التطهير الجماعي، وتعيد للإنسان الفلسطيني وجهه واسمه وصوته.

يكتب عبد الحي كريط في مقدمة العمل: "لا أكتب من موقع الراوي المحايد، بل من موضع الشاهد المنكسر... المنحاز للحياة في وجه الموت، وللكلمة في وجه القصف، جاعلًا من الكتاب منصة للبوح الجماعي، ومن القارئ طرفًا أصيلًا في التوثيق لا مجرد متلقٍ".

بهذا العمل، يُؤكد الكاتب امتداد مشروعه في مساءلة الوعي العربي من الداخل، وهو المعروف بإسهاماته الرصينة في مجالات النقد الثقافي والحوار المتوسطي، ومن مؤلفاته السابقة: "مدارات ثقافية: الشمس تشرق من المغرب"، و"نوافذ حوارية في الأدب الإسباني".

"أصداء الطوفان" ليس مجرد كتاب، بل موقف فكري وأدبي حادّ، يضع القارئ أمام مسؤوليته الأخلاقية، ويعيد صياغة العلاقة بين الثقافة والمقاومة، خصوصًا حين تصبح الكلمة سلاحًا، والقراءة فعلًا من أفعال التذكير بأن غزة ليست بعيدة، وأن الجرح الفلسطيني يسكننا جميعًا.