الجمعة  11 تشرين الأول 2024

حب الوطن وكيف تعلمه الأجانب لأولادها في المدارس

2023-09-19 11:00:43 AM
حب الوطن وكيف تعلمه الأجانب لأولادها في المدارس

تدوين-ذاكرات

نشرت صحيفة القدس الصادرة في يافا في عددها 86 بتاريخ 21/9/1909 مقالة للكاتب اللبناني سليم أفندي سركيس نشرها في مجلته التي تحمل اسمه، بعنوان "السلام لك يا مريم" يتحدث فيها عن إعجابه بما نشرته جريدة الصدق الصادرة في الأرجنتين والتي تتحدث عن طرق غرس الوطنية لدى طلاب المدارس في الأرجنتين مع مقارنتها بما يتعلمه الطلبة العرب في مدارسهم:

وفيما يلي نص المقالة:

حب الوطن

وكيف تعلمه الأجانب لأولادها في المدارس


إن سليم أفندي سركيس الصحافي العظيم الذي شهد ببراعته وتفتنه كل من طالع مجلته المعروفة بإسمه كتب في العدد الرابع والعشرين الذي صدر في ١٥ سبتمبر قبل أيام قليلة تحت عنوان «السلام لك يا مريم» مقالة يقول فيها أن قد أتحفه بها مع
قرائه صاحب جريدة (الصدق) التي تصدر في) بونس ايرس) من الجمهورية الفضية، ونحن ننقل لقرائنا النمط الذي اختاره في تصوير الفكرة المأخوذة من المقالة ليرى قراء جريدتنا كيف يغرس الأجانب في بلادهم حب الوطن في قلوب أولادهم. ويشرّبوهم روح التفاني في نصرته والإخلاص له، وكيف يغرسونه في قلوب أولادنا في هذه البلاد وكيف نهمله نحن أيضاً في مدارسنا الوطنية وهذه هي صورة النمط الذي نشرته مجلة سركيس:

1

في المدرسة الأرجنتينية

دخل المحرر إلى المدرسة وكان قد طلب إلى صديقه الأستاذ أن يكون افتتاح الدروس بحضوره فلما اكتمل عدد الطلبة أبدى الأستاذ إشارة وقف لها الجميع.

ولماذا؟ للصلاة الافتتاحية كما هي العادة المألوفة عندنا؟ ارعني سمعك تعلم ما هي ما هي صلواتهم في مدارسهم.

المعلم - فلتحيا الجمهورية الفضية.

الطلبة - فلتحيا الجمهورية الفضية.

المعلم - فليحيا الوطن.

الطلبة - فليحيا الوطن.

المعلم - ما هي واجبات الأرجنتيني؟

الطلبة – (بصوت واحد) أن يعتبر القوانين والشرائع وأن يدافع عن وطنه بماله وأفكاره وحياته.

المعلم - من هم سان مرتين ومورينا وريفادفيا وبلغرانو ودو الخ.

الطلبة - هم محررو الوطن ويجب علينا احترامهم والتشبه بهم.

المعلم – اجلسوا.

2
معلومات المحرر الشرقي

بلغ من تأثير هذه الصلوات الجديدة على المحرر المهاجر أنه انتقل إلى عالم الفكر فجال في مدارسنا ۔ في سوريا، وإليك ما رآه دخلنا مدرسة الآباء اليسوعيين في القاعة الكبرى وفيها 150 تلميذاً تتراوح أعمارهم بين العاشرة والخامسة عشرة.

رأيناهم ركعوا على مقاعدهم يرددون "يا قديسة مريم والدة الله" قلنا هذه وطنية الملكوت فلنذهب إلى مدرسة الأرثوذكس لنرى. وصلنا إلى حي الصيفي حيث مدرسة الثلاثة أقمار، ولم نكد نصعد خمس درجات السلم إلا وسمعناهم يرددون "قدوس القوي الذي لا يموت" قلنا هذه وطنية السماء أيضا وهذه وتلك واحدة هلم بنا إلى المدرسة الإسلامية لعلهم يعلمون هناك وطنية الأرض.

فذهبنا إلى البسطة بالقرب من الحاووز الكبير والمقبرة الإسلامية وعند النقطة التي تفصل المصيطبة عن البسطة وقبل أن ندخل باب المدرسة السلطانية سمعنا دوياً وسمعنا هتافاً فأصغينا فإذا التلامذة يهتفون "غير المغضوب عليهم ولا الضالين آمين".

3

ماذا رأى المفتش العام

ولكن المحرر انتبه من ذهوله هذا لدخول مفتش المدارس العام فمشى إلى طرف القاعة وأخذ لواء وعاد إلى أول تلميذ لقيه ففاجأه بقوله أنشد الفقرة الثانية من اللحن الوطني. فطفق التلميذ يرتل بصوته الرخيم حتى أتى على آخر الدور الوطني ثم اندفع على اللواء الارجنتيني فائتزر به وأخذ يقبله.

***

هل يقال أن أولاد مدارس الأرجنتين لا دين لهم وأن الدين محصور عند أولادنا وأننا قد احتكرنا الله والسماء، أم يقال أنهم تعلموا الدين في منازلهم أو تعلموه درساً من الدروس ثم جعلوا للوطن محلاً رفيعاً.

في الأرجنتين بناءً على ما تقدم رجال يحبون وطنهم وفي بلادنا رجال يصلون مدارسهم تخرج الوطني العامل الأمين والجندي الشجاع ومدارسنا – مدارسنا أفضل من مدارسهم. إنها تخرج قسوساً ومشايخ أما أنا فأفضل مدارس الأرجنتين لأنها تعطي ما لله الله وما لقيصر لقيصر.