الأحد  22 كانون الأول 2024

جلال الشايب يكتب سيرة 9 شخصيات غيرت مسار العلم والفكر في "رجال عاشوا ألف عام"

2023-10-01 09:00:10 AM
جلال الشايب يكتب سيرة 9 شخصيات غيرت مسار العلم والفكر في

تدوين- إصدارات 

صدر حديثا عن دار"ديوان للنشر" كتاب "رجال عاشوا ألف عام" للكاتب جلال الشايب، حول تسع شخصيات غيرت مسار العلم والفكر والأدب.

يعرض هذا الكتاب قصة حياة تسعة رجال من عباقرة الإنسانية ، عاشوا حياة مديدة حافلة بالإنجازات العظيمة، ويكاد جميع المؤرخين يتفقون على أنهم قد غيروا مسار العلم والفكر الأدب في العالم، ولذلك سيظل ذكرهم خالدا في أذهاننا إلى الأبد.

والهدف من هذا العرض القصصي لرحلتهم في الحياة هو أن يتعرف القارئ على بعض ما قدمه هؤلاء العباقرة العظام من اكتشافات علمية ونظريات فلسفية وأعمال إبداعية، وأن يتذوق شيئا من شخصية هؤلاء الرجال وثقافتهم، وشيئا مما أصابهم من متاعب أثناء رحالة الحياة، تغلبوا عليها صابرين أو وقفوا أمامها عاجزين، وشيئا مما واجهوا من قضايا سياسية واجتماعية وأخلاقيةـ وكيف كانت مشاركتهم المتميزة فيها.

يقول المؤلف في مقدمة الكتاب: "بُذِلت جهود كثيرة لتفسير التاريخ من زوايا مختلفة، فحاول بعض المفكرين أن يجعل للعوامل الجغرافية الأثر الأكبر في توجيه التاريخ؛ بمعنى أن البيئة والمناخ والتربة وتضاريس الأرض هي التي تشكل سلوك البشر، وكأن التاريخ من صنع الطبيعة لا الإنسان. وحاول مفكرون آخرون أن يجعلوا للعوامل الاقتصادية المكانة الأولى في أحداث التاريخ، بمعنى أن التاريخ تقرره قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج والصراع الطبقي. ورأى بعض المفكرين أن التاريخ مجرد سلسلة من الوقائع والمعارك والسلالات الحاكمة، أي إن التاريخ من صنع الحكام والملوك والأباطرة". 

ويضيف: "ورأى مفكرون آخرون أن العقائد الدينية والأيديولوجيات السياسية هي المحرك الخفي لقاطرة التاريخ، والباعث الحقيقي وراء تحولات التاريخ وتطوراته. وهناك نظرية «التحدي والاستجابة» للمؤرخ الإنجليزي أرنولد توينبي، والتي تعني قدرة الشعوب والأمم والحضارات على الاستجابة بنجاح للتحديات البيئية والبشرية".

ويرى الشايب أن في كل رأي من هذه الآراء والنظريات جانب من الحقيقة وجانب من المبالغة، وفي ظني أن الإنسان هو العامل الأول في صنع التاريخ، وأن له المكانة الأولى في أحداث التاريخ، تعاونه الأسباب الأخرى وتمهد له؛ فالإنسان لا يجلس هادئًا صامتًا ليتلقى عادات المجتمع وتقاليده، ويخضع لتيار الحوادث مستكينًا مستسلمًا، وإنما يُعمل عقله ويستعمل إرادته ونشاطه وحيويته للتأثير في سير الأحداث، لأنه ليس شيئًا جامدًا تجري عليه أحكام الضرورات بغير تعديل ولا تغيير. والظروف التاريخية قد تتناول البشر وتعمل على تشكيلهم وصوغهم بما يناسب طبيعة تلك الظروف، وتصبهم في القوالب الملائمة، لكن هذا كله لا يمنع كون الإنسان من العوامل المهمة، بل من أهم العوامل في حركة التاريخ.

وللمؤرخ وعالم الأنثروبولوجيا الأسترالي جوردون تشايلد كتاب مهم عنوانه «الإنسان يصنع نفسه»، وهو عنوان ينطوي على شيء من الغرور والتحدي، ولكنه يفسر تاريخ الإنسانية في مختلف عصورها تفسيرًا يوضح لنا كيف شق الإنسان طريقه الوعر الحافل بالعقبات إلى تكوين المجتمع الإنساني وبناء الحضارة، وسن القوانين والشرائع، ووضع النظم والتقاليد ومكونات الثقافة في مختلف ألوانها.

ويعتبر الشايب أن المهمة الأساسية للكاتب هي أن يكون أداة توصيل جيدة بين القارئ والأفكار المختلفة، مهما كانت هذه الأفكار صعبة وعميقة، فليس شرطًا أن تكون الكتابات العميقة معقدة، وليس شرطًا أن تكون الكتابات البسيطة ساذجة. البراعة الحقيقية هي كيف يستطيع الكاتب أن يقول الفكرة العميقة ببساطة، بحيث يوفر المتعة لنفس القارئ إلى جانب تيسير الفهم لعقله في الوقت ذاته. وأذكر أن المفكر الكبير الدكتور جلال أمين هو الذي نبهني إلى حب الناس لسماع القصص والحكايات، قال لي ذات مرة إن الإنسان قد يشعر بالملل في حوار مع شخص ما، حتى يسمع هذا الشخص يقول: «سأحكي لك موقفًا حدث معي»، هنا ننتبه جميعًا إلى المتحدث بكل جوارحنا لسماع تفاصيل هذا الموقف، سواء كان طريفًا أو مؤلمًا. من هنا وجدت أن أفضل وسيلة لتوصيل الأفكار إلى القراء هي دمج الأفكار داخل حكايات في سبيكة واحدة، ولم أجد حكايات في تاريخ الإنسانية أفضل من قصص حياة العظماء من البشر.

وحاول الكاتب في هذا المؤلف أن  يعرض قصة حياة تسعة رجال من عباقرة الإنسانية، يكاد جميع المؤرخين يتفقون على أنهم قد غيروا مسار العلم والفكر والأدب في العالم. ولما كانت هذه المجالات جزءًا أصيلًا من شخصياتهم، فقد تركت صورهم تتشكل بقدر الإمكان من خلال إنجازاتهم العلمية والفكرية والأدبية، مكرسًا جزءًا أكبر من الكتاب لحياتهم الشخصية. ومع ذلك، فإذا لم يكن القارئ مهتمًّا اهتمامًا خاصًّا بالموضوعات العلمية والفكرية والأدبية المعروضة، فله ألا يتوقف عند تفاصيلها الدقيقة؛ فهدفي هو أن أعرض حياة هؤلاء الرجال عرضًا قصصيًّا في المقام الأول، منه يتذوق القارئ شيئًا من شخصية هؤلاء الرجال وثقافتهم، وشيئًا مما أصابهم من متاعب أثناء رحلة الحياة، تغلبوا عليها صابرين أو وقفوا أمامها عاجزين، وشيئًا مما واجهوا من قضايا سياسية واجتماعية وأخلاقية، وكيف كانت مشاركتهم المتميزة فيها.