الجمعة  11 تشرين الأول 2024

اسعاف النشاشيبي: أيها الشرقي علم ابنتك

2023-10-04 10:37:01 AM
اسعاف النشاشيبي: أيها الشرقي علم ابنتك

تدوين-ذاكرات

كتب اسعاف النشاشيبي في مجلة النفائس العصرية في مجلدها الأول الجزء الثاني والعشرين بتاريخ 1/7/1909 مقالة بعنوان "أيها الشرقي علّم ابنتك" يحث فيها الرجل الشرقي على تعليم ابنته لما فيه من فوائد تعود عليها وتجعلها قوية قادرة على حماية نفسها فبغير العلم لا تستطيع المرأة الدفاع عن نفسها وتحقيق مكانتها ودورها في أي مجتمع.

وفيما يلي نص المقالة:
أيها الشرقي المتزمل برداء. الكآبة والاسف القابع في بيته قبوع القنفذ والمتحجر إنحجار الضب أخرج إني لأتلو عليك من الأحاديث والآثار ما يرشدك إلى الطريقة المثلى ويهديك سبيل الرشاد. فإني علمت أن (فتاة مكدونيا) أو (الحرية) قد أشجتك وامضتك. وآسفتك وأحزنتك وأشفقت أن تضل ابنتك وتغوي فتاتك فلا تقوى عندئذ على ردعها وكبح جماحها فذهبت إلى حجرتك تفتكر في المخلص والختام ومغبة الحالة وعاقبتها وما يجب ان تورده وتصدره وتأتيه وتذره. فاصغ إلي فسأفرش لك دخلة الأمر واكشف لك الستار عن وجه السر.

إن ابنتك ستخرج من خدرها. نعم ستخرج وستقطع تلك الأصفاد التي كبلتها بها تقطيعاً وتمزق ذلك (الكفن) الذي لففتها به تمزيقاً فهيئ هيئ لها سلاحاً تتقلده لتذوذ به عن شرفها وشرفك وتذب عن حقيقتها وحقيقتك وترد به رواد الخنا وأهل الدعارة والعهارة من فتيان وشبان هذا الزمان الذي توطدت فيه دعائم المزاني والمعاهر ونفقت فيه سوق الفسق ولم ينج من بلائه وشره إلا كريم النفس عاليها وكل عزوف ظلف شريف ولا تحسبن أن هذا السلاح هو الحسام المقصل البتار او الرمح الذابل العسال أو الدرع الدِلاص الفضفاضة أو الترس أو اليلب أو الدرق فإن هذا السلاح لا يقي ولا يحمي ولا يدفع ولا يصد طالباً ولا يريع مقتحماً قاصداً ولو كان ذا الفقار أو صمصامة عمرو أو سيف عثمان. بل سلاح العلم. سلاح التربية. سلاح التهذيب الذي تتقلده اليوم آنسات الانكليز وفتياتهم فيردين به من تصدى لهن. هذا السلاح يقي ابنتك ويصونها فإذا كنت تحبها حب الوالد ولده وتبغي أن تحمي شرفها من عبث العابث ومجون الماجن فعلمها جهد استطاعتك وغاية قدرتك ولا تشفق بعد تعليمها وقر عيناً ولا تحزن فالعلم خير حافظ لها وكالئ، وخير فارس وحارس فسر إليها من الآن مهطعاً هارعاً وبثها ونثها ما تلوته عليك وأرشدتك إليه فإنها ستسكن إليه وترتاح ويبهجها ويسرها كثيراً فتشكر لي أنت عند ذلك نصحي كما شكرت لي (فتاة الحي) يوم بشرتها بقدوم (الدستور) إلى ربوعها.

فقالت لقد سررتني وحبرتني     وأنفعت ما بي من أوام ومن ظمأ

فلا زلت تدعو القوم للحق والهدى     ولا زلت تشدو بالعلى مترنما


وسأعود إليك أيها الشرقي مرة أخرى لأرى ما أتيته والسلام.