الأربعاء  05 تشرين الثاني 2025

انسحاب جماعي من معرض إيطالي: فنانون يواجهون التواطؤ الثقافي مع الإبادة في غزة

2025-11-05 03:07:34 AM
انسحاب جماعي من معرض إيطالي: فنانون يواجهون التواطؤ الثقافي مع الإبادة في غزة
متحف MAXXI للفنون المعاصرة في العاصمة الإيطالية روما

تدوين-يحدث الآن 

أعلن عدد من الفنانين الدوليين انسحابهم الجماعي من معرض "1+1: السنوات العلائقية" الذي ينظمه متحف MAXXI للفنون المعاصرة في العاصمة الإيطالية روما، احتجاجا على "تواطؤ المتحف مع الإبادة الجارية في غزة والاحتلال الوحشي لفلسطين".

جاء هذا القرار قبيل افتتاح المعرض في 29 تشرين الأول الماضي، وهو أحد أبرز فعاليات الخريف الثقافي في روما، بإشراف القيم الفني الفرنسي نيكولا بوريو، الذي يستعرض من خلاله جيل التسعينيات من الفنانين الذين أعادوا تعريف الفن عبر الممارسات الاجتماعية والجماعية.

الانسحاب شمل الفنانين: تانيا بروغيرا، دورا غارسيا، فيل كولينز وسينيشا ميتروفيتش، أليساندرا سافيّوتي، وجيما مدينا، وجميعهم كانوا من المشاركين الأساسيين في المعرض الذي يحمل رمزية عالية في المشهد الفني الأوروبي.

اتهامات بالتواطؤ مع شركات السلاح والطاقة

في بيان مفتوح نشرته دار النشر الثقافية Nero Editions، أوضح الفنانون أن انسحابهم جاء بعد اطلاعهم على علاقات المتحف المالية مع شركات إيني (Eni) وليوناردو (Leonardo S.p.A.)، وغيرها من الكيانات "المتورطة مباشرة في جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني".

تُعد شركة ليوناردو أكبر مصنع للأسلحة في الاتحاد الأوروبي وواحدة من الأكبر في العالم، بحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI). أما شركة إيني للطاقة فقد حصلت في تشرين الأول 2023 على ترخيص من وزارة الطاقة الإسرائيلية للتنقيب عن الغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط، وفقا لتقرير رويترز.

وذكر الفنانون في بيانهم أن لمتحف MAXXI تاريخا من الشراكات مع شركات منخرطة في سياسات الإبادة، من بينها Med-Or Foundation وe-GEOS وTelespazio، معتبرين أن هذه العلاقات "تكشف دور المؤسسة في إضفاء الشرعية على الدعاية الصهيونية والسرديات التي تمكّن من المحو المنهجي للثقافة والتاريخ الفلسطينيين".

الحياد تواطؤ: الفنانون يحددون موقفهم

قال الفنانون المنسحبون إن المؤسسات الثقافية "يجب أن تجسد القيم التي تزعم الدفاع عنها"، مؤكدين أن تجاهل المتحف للتحذيرات المتكررة من العاملين في الثقافة والمجتمع الإيطالي يُعد "تخليا عن مسؤوليته العامة وتواطؤا مع منظومة القمع".

وجاء في البيان: "رفض المتحف قطع علاقاته مع مصادر التمويل المتورطة في شبكات التدمير والمعاناة والموت، وعدم إدانته الواضحة لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي، يشكلان فشلا سياسيا وأخلاقيا لا يمكن الدفاع عنه. في هذا المنعطف التاريخي، الحياد تواطؤ، واتخاذ موقف واضح ليس خيارا بل واجب أخلاقي".

وأضاف الفنانون: "لا يمكننا بضمير حي التعاون مع مؤسسة تتجاهل هذه الحقائق، لذلك انسحبنا جماعيًا من المعرض. الفن لا يجب أن يُستخدم لتبرير الظلم أو تجميله. النضال من أجل تحرير فلسطين لا ينتهي بخطط سلام زائفة تُستخدم ذريعة لاستمرار الاستعمار والتوسع".

لم يتوقف الموقف عند حدود الفنانين المنسحبين، بل دعمته خمس مجموعات ثقافية ناشطة في إيطاليا هي: Galassia Antisionista، Vogliamo Tutt’Altro، BDS Roma، Il Campo Innocente، ANGA، Sale Docks.

وأكدت هذه المجموعات في بيانها أن إيطاليا هي ثالث أكبر مصدر للأسلحة إلى الاحتلال بعد الولايات المتحدة وألمانيا، استنادا إلى بيانات SIPRI لعام 2024.

وجاء في البيان: "لن نسمح لأعمالنا بأن تخدم مؤسسات تدعم وتبيض تدمير المجتمعات وتصحر الأنظمة البيئية وإنكار حقوق الفلسطينيين. الفن ليس محايدا. وعلى الفنانين ألا يتعاونوا مع MAXXI ما لم يتخذ موقفا واضحا ضد الإبادة ويقطع علاقاته مع الكيانات التي تستفيد من الاستعمار الصهيوني لفلسطين".

وكانت هذه المجموعات قد أطلقت في نيسان الماضي حملة مقاطعة موسعة شملت مؤسسات ثقافية أخرى مثل معرض Miart في ميلانو ومتحف Palazzo delle Esposizioni في روما.

وقائع سابقة وممارسات مثيرة للجدل

أشار الفنانون والناشطون إلى عدد من الأنشطة السابقة التي نظمها MAXXI وأظهرت دعما للاحتلال، منها:

معرض عام 2018 بعنوان "تل أبيب، المدينة البيضاء"، فعالية في شبتط 2024 بعنوان "7 أكتوبر 2023: إسرائيل تحترق"، دعم شركة إيني لمشروع فني للفنان الإيطالي ماوريتسيو نانوتشي في موقع Gazometro G3 التابع لمجمع الشركة في روما.

واعتبر البيان أن هذه الأنشطة "تؤكد علاقة ممنهجة بين المؤسسة الفنية والمجمّع الصناعي العسكري الإيطالي الذي يستفيد من الاستعمار والحروب".

سياق أوسع: انتفاضة ثقافية في إيطاليا

تأتي هذه التطورات في إطار موجة ثقافية وسياسية متنامية في إيطاليا خلال العامين الأخيرين، إذ شهدت البلاد سلسلة من الإضرابات والاحتجاجات والمسيرات التي شارك فيها باحثون وطلاب وعمال ومثقفون للتنديد بتوريد الأسلحة للاحتلال ولدعم العدوان على غزة.

وتحولت القضية الفلسطينية في الوعي الإيطالي إلى رمز عالمي للعدالة والمقاومة ضد الفاشية الحديثة وثقافة العنف من أجل الربح، التي تهدد الثقافة والبحث العلمي والبيئة وتعيد توجيه الاقتصادات نحو الحرب.

يرى الفنانون والمجموعات الداعية للمقاطعة أن "الكرامة والحرية تفقدان معناهما حين تمنحان للبعض ويحرمان عن الآخرين"، وأن المقاومة الثقافية قادرة على إحداث تحول حقيقي في الوعي العام.

ويختم الفنانون بيانهم بدعوة واضحة: "ندعو جميع الفنانين والعاملين في الثقافة إلى الانضمام إلى المقاطعة حتى يُدين متحف MAXXI بوضوح الإبادة في غزة واستعمار فلسطين، ويقطع علاقاته مع الشركات المتورطة في جرائم ضد الإنسانية".