تدوين-يحدث الآن
فاز الأسير الفلسطيني المحرر ناصر أبو سرور بجائزة الأدب العربي للعام 2025 التي تمنحها "مؤسسة جان – لوك لاغاردير" و"معهد العالم العربي" في باريس، عن روايته "حكاية جدار" الصادرة بالعربية عن "دار الآداب" عام 2022، والتي ظهرت بالفرنسية بعنوان "Je suis ma liberté" (أنا حريّتي) عن منشورات "غاليمار" بترجمة ستيفاني دوجول.
ويأتي هذا التتويج بعد أسابيع من الإفراج عن الكاتب في تشرين الأول الماضي، إثر ثلاثة عقود أمضاها في سجون الاحتلال منذ اعتقاله عام 1993، لتغدو روايته شهادة إبداعية تنسج من تجربة الأسر قراءة إنسانية للحرية وتحولات الذات في مواجهة القيد.
وأعلنت لجنة التحكيم أن العمل يمثل سردا شخصيا وفلسفيا يتأمل فيه الكاتب وضعه كمحكوم بالمؤبد، مستكشفا أسئلة الهوية والصلابة النفسية والدين والكرامة والحب والحرية، مع حفاظه على الذاكرة الجماعية لشعبه في مواجهة سياسات المحو. وقد أثنت اللجنة على الترجمة الفرنسية التي أنجزتها ستيفاني دوجول، معتبرة أنها نقلت بدقة جمال اللغة الشعرية وقوة البنية السردية للنص، وهو ما أهلها للحصول على الذكرى الخاصة بالجائزة في فرع الترجمة تقديرا لعملها ولمنجزها في نقل الأدب العربي المعاصر إلى القارئ الفرنسي.
وتستعيد الرواية، في تواز واضح مع سيرة صاحبها، الحكاية الداخلية لأسير يتحول الجدار الذي يواجهه في زنزانته إلى مرآة تعكس صموده وتقلبات وجدانه، إذ يتبدل هذا الجدار ويتحول كأنه كائن حي يستجيب لصعود الأمل أو انهياره، ويغدو وسيطا لتأمل الجسد والزمن والذاكرة.
وفي خضم هذا السرد تظهر شخصية محامية شابة تزور الأسرى، ما يفتح النص على إمكانات الحب في فضاء يندر فيه كل معنى للحياة، ويجعل من العلاقة الإنسانية مفتاحا إضافيا لقراءة الحرية في صورتها الأعمق والأكثر تعقيدا.
وشملت القائمة القصيرة للجائزة في الأعمال العربية روايات لشادي لويس ومحمد النعاس وسعيد خطيبي وحنان الشيخ، بينما ضمت القائمة الخاصة بالأعمال المكتوبة بالفرنسية أعمالا لريم بطّال وزيد بكير وجورجيا مخلوف.
ومنذ تأسيسها عام 2013، تمنح جائزة الأدب العربي لعمل صادر بالعربية ومترجم إلى الفرنسية أو مكتوب مباشرة بالفرنسية، في إطار سعيها إلى تعزيز حضور الأدب العربي في المشهد الثقافي الغربي وتوسيع مساحات التفاعل مع التجارب السردية العربية.
ويمثل فوز أبو سرور إضافة نوعية لحضور الأدب الفلسطيني في الفضاء الأدبي الدولي، فهو يقدم عبر تجربة الأسر الممتدة مثالا على قدرة الفلسطيني على تحويل القيد إلى رؤية، والسجن إلى نص يحاور العالم بلغة الحرية، مؤكدا أن الرواية الفلسطينية ما زالت قادرة على اختراق الحدود وتثبيت صورتها كجزء أصيل من الذاكرة الإنسانية المشتركة.