تدوين- يحدث الآن
ضمن الحملة الغربية الممنهجة والمنحازة بشكل مطلق إلى "إسرائيل" وروايتها في حربها الأخيرة ضد الشعب الفلسطيني، قرر الغرب، وعلى رأسه دول في الإتحاد الأوروبي معاقبة المؤسسات الثقافية والتعليمية الفلسطينية بمراجعة ما أسمته بالمساعدات المالية إلى هذه المؤسسات.
وصرحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأن التكتل الأوروبي "يجب أن يراجع مساعداته المالية لفلسطين في ضوء تطورات الوضع على الأرض".
وعليه، علّق الاتحاد الأوروبي الاثنين الماضي مساعداته التنموية للفلسطينيين، مقرراً إعادة تقييم جميع برامجه الحالية وتأجيل ميزانيات مشاريع عام 2023 كافة حتى إشعار آخر.
إزاء هذه الخطوة، أعلنت مجموعة من المؤسسات الفلسطينية التي تتوزع أنشطتها بين العمل المجتمعي والثقافة والتعليم والتنمية الاجتماعية والنفسية، أن منظومة التمويل الدولية تثبت أنها أداة في صندوق أدوات الهيمنة الاستعمارية في منطقتنا.
وجاء في بيان صادر عن 33 مؤسسة فلسطينية: " إن التقارير المتضاربة بشأن قطع "المنح" و"المساعدات" الدولية عن فلسطين ومجرد الانشغال بهذا الشأن بينما تتواصل أهوال الإبادة في قطاع غزة تثبت أن منظومة التمويل الدولية هي أداة في صندوق أدوات الهيمنة الاستعمارية في منطقتنا. وأن منظومة المساعدات موظفة كسلاح من أجل تركيع الفلسطيني، وأن خطاب التنمية والمعونات ليس إلا مرادفا للتعبية السياسية المفروضة علينا بهدف إخضاعنا، وتثبيط النضال، وتفتيت حاضنته العشبية. هذه السياسية جزء لا يتجزأ من عقيدة أوسلو ومنظومات التحكم التي فرضت علينا للحفاظ على أمن الاحتلال".
ورأت الجمعيات الموقعة على البيان أن المؤسسات الأجنبية التي تحمل خطاباً حقوقياً متنوراً، قد انكشفت مع حرب الإبادة التي يشنها العدو ضد الفلسطينيين، وهي "مؤسسات تنضح بالاستعلاء الاستعماري الذي لا يتعاطف مع الفلسطيني إلا إذا كان راكعاً. فقد رأينا اصطفاف جزء كبير من المؤسسات الأجنبية وموظفيها إلى جانب البروباغاندا الإسرائيلية، مساهمين بنشر الأكاذيب الخالصة وتشريع الإبادة العرقية".
وبحسب المؤسسات: تحكم الدول والنخب الأجنبية بتمويل مؤسساتنا وتهديدهم بالخنق المالي للعمل المجتمعي في كافة مجالات الحياة إذا ما رفع الفلسطيني رأسه وقاوم الاستعمار، لا يختلف عن تهديد إسرائيل بقطع الماء والكهرباء والدواء والغذاء.
وقالت المؤسسات: "في هذه الأيام علينا أن نوضح الرؤيا، مهما صعب منالها وابتعد مداها: إرادة وطموح الشعب الفلسطيني أن يمتلك خبزه وماءه وعمرانه وإرادة المؤسسات الفلسطينية أن تعمل في مجتمعها دون معونة من أحد، مستقلة في مواردها وحرة في قرارها".
ورأت المؤسسات أن من واجبها اليوم بناء منظومة التكافل المجتمعي وشبكات العمل الشعبي القاعدي، والإيمان بقدرات وممكنات الأهالي والشباب، والتنبه لهيمنة التمويل الأجنبي والتعامل مع المؤسسات الدولية على أساس الندية التامة، مشيرة إلى أن هذه كلها الشروط الأولية لتمكين أرض خصبة للنضال ضد الاحتلال، وهذا ما يولد قدرة الناس على اجتراح المعجزات مهما بلغت أهوال الظروف الحياتية.
كما أن من واجب المؤسسات هذه وفقا لرؤيتها الموضحة في البيان أن تتجرأ لإحداث تغيير جذري في ممارساتها السياسية والمجتمعية، داعية كل المناضلات والمناضلين في كافة مجالات الحياة الفلسطينية، في مجال العمل الصحي والزراعي، والثقافي والتربوي، الحقوقي والمعرفي، في جميع أماكن تواجد الشعب الفلسطيني، لأن يضعوا نصب أعينهم هدف الانفكاك عن المعونات الأجنبية واستبداله بحشد الموارد الإنسانية وتوظيفها، وبناء روح التطوع والعطاء والتشاركية، وتأسيس تجارب جريئة تنطلق من حاجات ومقدرات الأهالي في حواري القرى وأزقة المخيمات، هذا كله من أجل خلق أرض خصبة للنضال من أجل الحرية، وتحقيقا للعدالة.