تدوين- يحدث الآن
كتبت المعلقة في صحيفة “نيويورك تايمز” ميشيل غودلبيرغ مقالاً علقت فيه على مساءلة رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق، أمام لجنة بمجلس النواب الأمريكي. وجاء مقالها بعنوان: “طَلبَ الجمهوريون قمعاً ضد نقاد إسرائيل، فلبّت كولومبيا” الطلب.
وجاء فيه: “من الواضح أن رئيسة جامعة كولومبيا المتزنة بشكل استثنائي، نعمت شفيق، لم يكن لديها نية ملاقاة مصير رئيستي جامعتي هارفارد وبنسلفانيا اللتين أجبرتا على الاستقالة من منصبيهما، بعد ظهور كارثي لهما أمام لجنة في الكونغرس تحقق حول معاداة السامية في الحرم الجامعي”.
وعلقت غولدبيرغ بأن شفيق، التي قدمت شهادة، يوم الأربعاء، أمام نفس اللجنة، كانت متفقة أساساً مع فرضية الجمهوريين بأن النشاط المؤيد لفلسطين في كولومبيا يحمل مشاعر تعصّب ومعاداة لليهود، ووضحت كيف أنها قامت، وتحت قيادتها، بقمعها.
وقالت إن 15 طالباً عُلّقت دراستهم، بينما وُضع ستة تحت المراقبة التأديبية. وقالت إن الباحث الزائر محمد عبده، الذي عبّر عن مواقف تأييد لـ “حماس” و”حزب الله” و”الجهاد الإسلامي”، “لن يعمل مرة أخرى في كولومبيا”، مضيفة أن عدداً من أفراد الطاقم التدريسي يتم التحقيق معهم.
ولو كان الأمر بيدها لما بقي البرفسور المعادي للصهيونية جوزيف مسعد يوماً واحداً في الجامعة، ويواصل العمل كأستاذ مثبت. وكان هناك حديث حول استمرار مسعد كرئيس للجنة المراجعة الأكاديمية، وقالت شفيق إنه لو ظلّ رئيساً للجنة فسيتم عزله، وفي وقت لاحق أكدت الجامعة أن رئاسة مسعد للجنة ستنتهي في هذا الفصل.
ومن خلال الموافقة أو التراجع، خرجت شفيق من المساءلة والتحقيق، الذي استمر أربع ساعات بدون خدوش، لكن الطرف المتضرر كان جامعة كولومبيا وضمانها للحرية الأكاديمية.
وظهرت شفيق في الجلسة مع رئيسين في مجلس أمناء جامعة كولومبيا، كلير شيبمان وديفيد غرينوولد، إلى جانب العميد السابق لكلية القانون في الجامعة ديفيد شايزر، والذي يترأس قوة الرد السريع على معاداة السامية في الجامعة. وقالت الجامعة إن شيبمان تقوم باتخاذ الخطوات للحد من التظاهرات الطلابية: “واحدة من التوصيات الممتازة لقوة الرد السريع على معاداة السامية أنها قالت لو كنا سنهتف فيجب أن يكون في مكان معين، ولهذا لن يضطر الناس الذين لا يرغبون بالاستماع إليه لسماعه”.
وتعلق غولدبيرغ بأن الاحتجاجات بطبيعتها متدخلة، ومن الصعب أن تكون هناك تظاهرة مناسبة لمن يشاركون فيها. وتساءلت النائبة الجمهورية إليس ستيفانيك عن هتاف “من النهر إلى البحر”، فردّت شفيق: “لدينا بعض الإجراءات التأديبية الجارية بشأن اللغة”، وستيفانيك، النائبة عن نيويورك، سجلت انتصاراً سياسياً عندما أجبرت رئيسة جامعة هارفارد وبنسلفانيا على الاستقالة بسبب عدم تقديم إجابات واضحة حول معاداة السامية في الجامعات.
وعلقت غولدبيرغ: “لا تحتاج لأن تحب اللغة المعادية لإسرائيل، أو النشاط لكي تقلق حول مطالب الكونغرس لقمعها. فجلسات الاستماع غير عادية بدرجة كبيرة. ومن الصعب التفكير في وقت مثل لجنة مجلس النواب المعادية للشيوعية والنشاطات غير الأمريكية، والتي حاولت التحقيق في الأيديولوجيات التي لا تحبها في المجال الأكاديمي”.
وترى الكاتبة أن الأشهر الأخيرة وبلا شك شهدت أحداثاً صارخة من معاداة السامية غير المقبولة، وتم رسم شعار النازية سواستيكا في حمام الجامعة، فيما تم الاعتداء على طالب يهودي كان يحمل ملصقاً للأسرى الإسرائيليين لدى “حماس”. واحتفى عددٌ من أقسام في الجامعة بالإرهاب، وبمقال نشر في 8 تشرين الأول/أكتوبر، حيث تم ذكره في جلسة الاستماع، وكتب فيه مسعد: “حالة من البهجة والرهبة” الناجمة عن “ابتكار المقاومة الفلسطينية” في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وفي الوقت الذي لم يكن وجود الشيوعية مبرراً لوجود المكارثية في أمريكا، فإن الخطاب الشنيع لدى قطاعات من اليسار بالحرم الجامعي لا يعطي الكونغرس الحق والمطالبة من الجامعات الحدّ من شجب إسرائيل فيما تقوم بشن حرب بشعة ضد غزة.
وتؤكد غولدبيرغ أن الأثر المثير للرجفة من هذه التحقيقات بات واضحاً على مستوى البلد. ففي هذا الأسبوع، قررت جامعة ساثرن كاليفورنيا إلغاء كلمة تخرج للطالبة المسلمة المتفوقة، أسنا تبسم، والتي انتقدتها الجماعات اليهودية، بسبب منشوراتها المؤيدة لفلسطين على منصات التواصل الاجتماعي.
وبررت الجامعة القرار بأنه “يتناسق مع الالتزامات القانونية الأساسية، بما فيها توقعات التنظيمات الفدرالية بتحرك الجامعة لحماية الطلاب وحماية مجتمعنا الجامعي”، وهو ما يظهر أن الجامعة تشعر بالضغط من الحكومة عندما قررت إلغاء الكلمة.
والضغط هو الهدف: حيث يريد الجمهوريون إسكاتَ معارضي إسرائيل، ففي واحدة من اللحظات الغريبة بجلسة الاستماع، سأل النائب الجمهوري عن جورجيا، ريك ألين، شفيق، إن كانت على معرفة بسِفر التكوين 12:3، فردت أنها لا تتذكر النص التوراتي عن غيب.
ولهذا قام بتوضيح النص لها: “لقد كان العهد الذي قطعه الرب لإبراهيم، وكان العهد واضحاً: إذا باركت إسرائيل فسأباركك، وإن لعنتها فسألعنك”، مؤكدا أن هذا الميثاق ورد في العهد القديم والجديد. وسأل ألين بحرارة: “هل تعتقدين هذا أمراً جدياً”، و “هل تريدين أن تتعرض كولومبيا للعنة الرب؟” ورد ألين: “قطعاً لا”. وأضاف: “يتم تثقيف الشبان على يد هؤلاء الأساتذة، والإيمان بهذا الكلام، وليست لديهم فكرة أن الرب سيلعنهم، رب الإنجيل والرب فوق علمنا”.
ولم يكن هذا التحاور (أغامرُ بالقول) للتأكد من شعور اليهود بأنهم آمنون في مؤسساتنا.
وقارن نائب جمهوري آخر، وهو براندون ويليام، بيانات التنوع والمساواة والشمول بأنها شبيهة ببيانات الولاء النازية، ولم يعترض أحد على كلامه.
وقبل بدء جلسة الاستماع، نظمت جماعات الطلبة في كولومبيا والجامعة الشقيقة لها، وهي بارنارد “مخيم التضامن مع غزة” في حديقة كولومبيا الرئيسية، وهو ما دعا شفيق إلى اتخاذ خطوة غير عادية، وطلبت من الشرطة تفكيك المخيم، واعتقلت أكثر من 100 طالب. وكانت آخر مرة استدعت فيها الجامعة شرطة نيويورك في عام 1968، ما أدى لصدمة.
وقالت الباحثة القانونية التي تنسق الدفاع للطلاب المعتقلين: “لم أتخيل أبداً رؤية الجامعة تتصرف بهذه الطريقة”، و”لقد حطم هذا قلبي”. ومن بين الذين اعتقلوا إسراء هرسي، ابنه النائبة إلهان عمر، والتي تجلس في لجنة تحقق بمعاداة السامية.
وفي جلسة الاستماع، يوم الأربعاء، قال النائب الجمهوري عن تكساس ناثلين موران إن قيادة جامعة كولومبيا “تعلمت بعضاً من دروس الفشل الذريع لهارفارد وأم أي تي وبنسلفانيا، قبل عدة أشهر”، وبالتأكيد هذا ما حدث.