تدوين- إصدارات
في عام 1901، زارت الرحّالة البريطانية آدا جودريتش فريير، وهي عالمة نفس، شاعرة وفلكلورية، الأراضي المقدسة في فلسطين. لم تقتصر رؤيتها على مجرد وصف الأماكن كزائرة، بل غلفت مشاهداتها برصد الطقوس الدينية المختلفة، اليهودية، المسيحية، والإسلامية.
يعد الكتاب الذي ترجمته مؤخراً خميلة الجندي تحت عنوان "اسمها فلسطين: المذكرات الممنوعة لرحالة إنجليزية في الأرض المقدسة"، توثيقاً مهماً للحياة اليومية للفلسطينيين قبل ظهور التوغل الصهيوني، ويكشف زيف الادعاءات التي تقول بأن الأرض لم تكن مأهولة قبل وصول الاستعمار الصهيوني.
تتضح هذه الحقيقة بشكل جلي من خلال ما رصدته "جودريتش" عبر الكلمة والصورة، حيث تظهر صور لأكثر من خمسين مشهداً توثق الحياة اليومية للعرب الفلسطينيين في البادية والريف والمدن. كما تسلط الضوء على المستشفيات، المدارس، المعاهد، المنازل القديمة والجديدة، وكذلك المعمار العربي الأصيل والكنائس والمساجد العتيقة التي كانت قائمة قبل وصول العصابات الصهيونية. كذلك، تشير إلى أن اليهود في فلسطين كانوا جزءاً من نسيج البلاد، ويعيشون جنباً إلى جنب مع المسيحيين والمسلمين، لهم منازلهم ومعابدهم واحتفالاتهم الخاصة.
الكتاب يقدم أيضاً صوراً تفصيلية لأسلوب حياة الفلسطينيين في مختلف الأماكن، بدءاً من المدن الكبرى مثل القدس ويافا، وصولاً إلى الريف والبادية.
وتصف جودريتش الأزياء التقليدية للسكان، بدءاً من الملابس البدوية إلى أزياء النساء في المدن والقرى، وتذكر كيف أن النساء في القدس يرتدين ثوبين يربطان عند الخصر، بينما يظهر الرجال في ملابسهم التقليدية التي تميزهم، بما في ذلك العباءات المزخرفة بالياقات الذهبية أو الفضية، كما هو الحال مع سكان بيت لحم.
كما يصف الكتاب الحياة الدينية المتنوعة في فلسطين، حيث توجد أماكن عبادة لكل الأديان الثلاثة: الإسلام، المسيحية، واليهودية. وتوثق جودريتش الطقوس الدينية بكل تفصيل، مما يظهر التعايش السلمي بين مختلف الديانات في هذه الأرض المقدسة.
وفي فصل خاص بعنوان "بدايات التوغل الصهيوني"، ترصد جودريتش بداية التوغل الصهيوني في فلسطين، موضحة كيف بدأ المستوطنون الصهاينة في التسلل إلى الأراضي الفلسطينية وزيادة أعدادهم، خاصة بعد عام 1908.
وفى الختام تقول جودريتش: "هنا على أرض فلسطين تلتقى كل الأجيال، في بلد مشرق الشمس ومغربها، نجد آثار أولئك من عرفوا الأرض، وأحبوا البحث في أسرارها، لنعرف أن الشمس قد غربت لتُشرق مرة أخرى".