الثلاثاء  09 أيلول 2025

المعرفة والحرية الأكاديمية وفلسطين: ندوة دولية حول القمع وإعادة تخيل الفضاء الأكاديمي

2025-09-09 03:58:12 AM
المعرفة والحرية الأكاديمية وفلسطين: ندوة دولية حول القمع وإعادة تخيل الفضاء الأكاديمي

تدوين- يحدث الآن 

انطلقت هذا الأسبوع ندوة فكرية دولية بعنوان "المعرفة تحت الاحتلال: الحرية الأكاديمية وفلسطين على الساحة العالمية"، بتنظيم من مدونتي Völkerrechtsblog وVerfassungsblog، وبمشاركة باحثين وأكاديميين من مختلف أنحاء العالم. تأتي الندوة في سياق القمع المتزايد للأصوات الأكاديمية التي ترفض الصمت أمام عدوان الاحتلال على غزة، وسط تواطؤ صريح من مؤسسات أكاديمية في أوروبا والولايات المتحدة مع الرواية الصهيونية.

الندوة، التي تستمر على مدار أسبوعين، تسعى إلى إعادة فتح مساحة النقاش الأكاديمي التي ضاقت بشدة خلال الأشهر الماضية، بعدما طالت حملات الإسكات والفصل والعقوبات أساتذة وطلبة ومحررين نشروا أو تحدثوا بشكل علني عن جرائم الاحتلال في فلسطين. من بين أبرز تلك الحالات، سحب عدد خاص عن فلسطين والتعليم من مجلة "هارفارد إديوكيشنال ريفيو"، بعد أن خضع لمراجعة قانونية من إدارة الجامعة، في خطوة أثارت موجة انتقادات واسعة داخل الأوساط الأكاديمية.

الحرية الأكاديمية تحت الحصار

تناقش الندوة تصاعد سياسات القمع الأكاديمي التي تخلط عمدا بين "انتقاد" ممارسات الاحتلال ومعاداة السامية، ما أدى إلى تصنيف حركة BDS في ألمانيا كـ"تهديد متطرف"، وإلى فصل أكاديميين أو إلغاء زمالات لمجرد نشرهم مواقف داعمة لفلسطين على وسائل التواصل. في هذا السياق، يحذر المشاركون من تفكك الحدود بين الأمني والأكاديمي، ومن تحول الجامعات إلى أدوات مراقبة وإقصاء.

يقدّم الباحث عدي منصور ورقة حول "الأبارتهايد المعرفي" داخل جامعات الاحتلال، حيث تسكت الأصوات الفلسطينية بشكل منهجي وتعاد إنتاج البنى الاستعمارية في المؤسسات التعليمية. بينما يتناول فيليكس هارتمان كيف تسللت "عقيدة الدولة" إلى قوانين العمل والأحكام القضائية لتجريم التعبير السياسي داخل الحرم الجامعي.

ازدواجية المعايير... من أوكرانيا إلى غزة

تتطرق أوراق أخرى إلى الازدواجية الفاضحة في مواقف الأكاديميا الغربية، حيث دعمت الجامعات الأوروبية، وخاصة الهولندية، مقاومة أوكرانيا علنا، في حين قمعت بعنف أي تعبير طلابي أو أكاديمي مؤيد لغزة. يعالج هذا التناقض الباحثون أوتو سبايكرز وجيف هاندمايكر ورينيه كولبا، موضحين كيف تتحول الجامعات إلى أدوات أمنية، وتفرغ مفاهيم "الحياد" و"الحرية الأكاديمية" من معناها.

أما الباحثة سابرينا سيخ، فتنتقد صمت القانون الدولي عن الاعتراف بالنكبة كمفهوم قانوني، وتعتبره استمرارا لمحو الاستعمار الاستيطاني من الخطاب الحقوقي الغربي.

مقاومة صامتة ومساحات تُغلق

تسلط الندوة الضوء على الرقابة الذاتية المتزايدة في النشر الأكاديمي، حيث تلغى العقود وتسحب الكتب وتمنع الترجمات، كما حدث مع الكاتبة إيفا إيلوز التي هاجمت معاداة الصهيونية في مقال مثير للجدل، فقرّر ناشر يوناني وقف ترجمة أحد كتبها. بدل فتح نقاش نقدي مفتوح، يتم اللجوء إلى الإلغاء والإقصاء، وكأن الأكاديمية باتت غير قادرة على تحمّل التعدد والاختلاف.

المعرفة في مواجهة القمع

لا تتوقف الندوة عند التشخيص، بل تدعو إلى إعادة تخيل الفضاء الأكاديمي كأداة نضالية، وإلى بناء مساحات تضامن ومعرفة غير خاضعة للابتزاز السياسي. في مواجهة عالم يغلق أبوابه أمام الفلسطينيين، تذكر هذه الندوة بأن المعرفة ليست محايدة، والسكوت في زمن الإبادة تواطؤ.

كما تؤكد الندوة على أن الدفاع عن الحرية الأكاديمية هو جهد جماعي يستوجب التضامن بين الأكاديميين والباحثين، خاصة في ظل تصاعد ضغوط التضييق والملاحقة. ويشارك في الندوة باحثون بارزون مثل بن سول، وفيليكس هارتمان، وفاسوكي نيسياه، الذين يقدمون أوراقا تسلط الضوء على جوانب متعددة من الانتهاكات التي تطال حرية التعبير والنقد داخل المؤسسات الأكاديمية. ويضاف إلى ذلك بعد ثقافي من خلال مساهمة فنية للفنانة مارينا فيليتشكوفيتش، تعكس أهمية المعرفة كفضاء إبداعي مقاوم.

يمكن متابعة الندوة ومداخلاتها عبر مدونة Völkerrechtsblog، والتي تستمر بنشر أوراق المشاركين حتى نهاية الأسبوع المقبل.