الخميس  26 كانون الأول 2024

ركمجـــــة.. إبراهيم رحمة

أبجدية ضوء..

2015-09-15 08:53:30 PM
ركمجـــــة..
إبراهيم رحمة
صورة ارشيفية

 أعتقد جازما أن ذاك الكيان المسمى عبثا بدولة إسرائيل و"إسرائيل" منه بَرَاء، لم يكن في يوم من الأيام في أرْيَـحِيَّة وراحة بال مثلما هو عليه اليوم، كما أن الصهاينة ومن شاكَلَهم من اليهود، نجحوا أيّـما نجاح في تمكين خُطّتهم التي تهدف إلى السيطرة على الكوكب الأزرق ومقدراته، هذا ليس بذكاء منهم بل هو لغباء مُتَجذّر في خصومهم.للغباء أَوْجُهٌ وتَشْكيلات، أهْوَنُه ذاك الغباء السّاذج الذي نَلْمَحه في تأخر نُـموّ مَعْرِفـيّ وتباطؤ في التّرابُطية بين المعارف لدى الفرد، أما أخطر الغباء فهو الذي يأخذ شكل العلم، وشكل النّباهة.

من حيث تعتقد أنك مُلِمٌّ بِـمُحْدَثات الأمور ومُـمْسِك بتلابيب الأسرار ومُكتَنَـزاتها ومُدرِك لِـما كان وما سيكون، في حقيقة الأمر ما أنت إلا دمية في مسرحية تحركك مجموعة خيوط، أو لنكن أكثر دقة، يتم تحريكك عن بعد عبر الموجة اللاسلكية، وهذا تماشيا مع التطور التكنولوجي الرهيب.

وسنحصر كلامنا اليوم عن المجموعة العربية في هذا الكوكب، حيث الكلام على باقي البشر وكيفية احتوائهم من العنصر الصهيوني ومن شاكلهم يأخذ أنماطا أخرى ويتشعب إلى مواضيع كثيرة قديمة وجديدة، لهذا نحصر كلامنا عن العنصر العربي وما يحدث له في أيامنا هذه. حيث أن هذا العنصر قد برهن مرة أخرى عن غبائه الـمُتَجذِّر وعن سهولةٍ فيه لتمكين عدُوِّه منه، وأن تكرارية ما يحدث له من سيناريوهات لا يعني لديه شيء، على العكس من كل هذا، فهو ينخرط بكل تلقائية وبكل جاهزية في أي خطة عدوّةٍ ويعمل على إنجاحها أكثر مما يعمل من وضعها في حد ذاته.

وآخر ما وقفتُ عليه، وبعد الكمّ الهائل من التكالب عليه، ذبحا وتقتيلا وتهجيرا وسبيا، ترى  العربي يركب موجة الدين، ليس من بابه الأكيد والأصيل إنما من باب تنمية الفتنة، فكل من هب ودب وبقدرة قادر أمسى عالـِما خطيبا له ملَكة الفتوى،  ويصعد وينزل كيفما شاء في سلالم الدين الإسلامي، إنك لتجد حتى الذي لا يحسن كتابة اسمه، فقيها مُقرِّرا في مسائل يعجز عنها أهل التخصص، مع ملاحظة أنه في العشرين سنة الأخيرة، كان العدوّ ومن وراء ستار، يصنع لك رجل دين ثم يدفع به إلى قناة من قنوات الاتصال وما أكثرها فيتلقفه الشارع العربي دون السؤال عن كيفية ظهوره المفاجئ.

كنا إلى وقت قريب نعتقد أن لعبة ركوب الأمواج (الركمجة) هي منوطة بالبحر وهي لا تتعدى كونها تسلية، غير أن العرب اتخذوا منها أداةَ هدْمٍ، وسلاحَ فتْكٍ فاق السلاح النووي وغيره، حتى وصل الأمر بالفرد العربي البسيط الـمُسالِـم إلى كُرْهِ ذاته، بعدما كان في السابق يكره حاكمه فقط، وأمسى يشُكُّ في دينه، ويشُكُّ في كل ما حوله، بالـمُقابل تقدّم إلينا الغرب منتهزا الفرصة في صورة الـملاك المنقذ، الـملاك الذي ينتشل لاجئينا من لجة البحر ومن عتمة اليأس، ومرة أخرى ينسى العربي أن هذا الغرب وبنفس أشخاصه الذين لم يغادروا سدة الحكم بعد، هو من دمّر منظومته وخلق منه طوائفَ وطرائقَ تتناحر.

يظل العربي بعناصِرَ منه سواءً بحُسْن نيّةٍ أو بِسوئها، لعبةً في يد عدوّه، يلهو به كيفما شاء، ويتصرف في مقدراته كيفما شاء، ما دام العقل العربي مُغَيَّبا، وما دام الاستقواء على بعضه هو أقصى ما يجيد فعله ويتلهف عليه.

ويظل ذاك الكيان الـمُسمَّى عبثا إسرائيل في أريحية ليس كمثلها أريحية وقد وصل إلى مرحلة لم يكن يحلم بها، مرحلة يتآكل فيها العرب بَيْنِيًّا، بينما مدينته معصومة محروسة، والكلمتان

الأخيرتان كانتا من أسماء مدننا التي كنا نُفاخِر بها الأمم، وهذا يعني أننا في الغد القريب جدا، سنسمع عن عرض إسرائيلي من أجل التدخل لإجراء الصلح بين الكيانات العربية، كما

سنسمع عن معونات إسرائيلية لهذه الكائنات وللاجئيها، كل ذلك إمعانا في نشوة الانتصار الحكيم.