الأحد  22 كانون الأول 2024

في عيون غزة ..

2014-08-12 10:45:24 AM
في عيون غزة ..
صورة ارشيفية

بقلم- غريب عسقلاني

 غزة ترصد على مرايا العيون، الأطفال والنساء وبقايا الأشلاء..

ترسم في وجه الشمس ملحمة الصمود والمفخرة في أتون المقتلة.
تُشهد القاصي والداني كيف يكون الأمر عندما تكون الملحمة، فلا تأخذوا عن غزة بعض نزق، ولا تتوقفوا عند بعض الدخلاء وصبيان العبارات البليغة، الذين يحتسون مشهد الموت مع قهوة الصباح، أو في خدر الحمامات المعطرة.
خذوا عنها ومنها ما يتعلق بالوطن، عندما تتجلى آيات المقاومة.
غزة البشر والحجر والطير والشجر تقاوم، تقدم الدليل دون مواربة، والكل الفلسطيني واحد عندما يتعلق الأمر بخداع المشهد، تتحجر في مآقيه الدموع، وتغلي مراجله بالصمود، وقد بُدلت الأغاني المبتذلة بالنشيد:
فالمجد للمقاومة
ولا مساومة
غزة ترحل إلى غزة، ولا تغادر الوطن.
كل البيوت والمدارس والمساجد العمارات التي قيد الإنشاء، فُتحت لمن غادروا البيوت، فلا مكان للوطن خارج الوطن.
غزة في مرمى القصف من البر والجو والبحر، تقاوم، وتكتسب خبرات جديدة، وتبتكر دروساً جديدة في الصمود، حتى الأطفال باتوا خبراء في تحليل أصوات المدافع، والصواريخ، وقذائف الزنانات التي تعوي في السماء.
غزة تتعلم الجوع، وتستأنس العتمة، وتعيش على ضوء الانتصارات، وتدرك أنها بقدر ما نزفت وما قدمت من ضحايا، استطاعت أن تقف شامخة وتهزم الجيش الذي لم يقهر في الحروب السابقة، غزة غيرت المعادلة، والسر الذي أدركه العدو قبل الصديق وأمراء العشيرة.
أن غزة تقف في وجه الموت بشهوة البقاء، ورغبة الارتقاء.
غزة تدرك معنى الحرب، وتخرج من رمادها كل مرة عفية، وتدرك أنها ليست معركتها الأخيرة.
غزة من جرحها النازف على مدار الوقت، تفرض شروطها على الكل الفلسطيني، أن لا تشظي ولا خلاف ولا اختلاف، ولا مجال للنزوات الصغيرة، غزة عندما يتعلق الأمر بالوطن، تمسح من أجندتها رغبات الآخرين على ساحاتها، غزة في الحرب تقاوم، باللحم الطري للأطفال والأجنة في أرحام النساء، وفرسان المعمعة، الكل في غزة يقاوم، والكل في غزة لا يساوم على حريته عزيزاً على دولته القادمة.
غزة تنتصر عندما تأتلف، وفي المعركة تبدع وسائلها وتؤجل خلافاتها، ولا تمتثل لغير الله والشعب والوطن.
غزة تعيش جراحها وتودع الشهداء وتنزف دمها المعطر بالصمود، فهل يدرك الشرفاء في العالم، أن فلسطين في غزة هي غاية الحرب؟ وأن البشر في فلسطين يتجاوزون الفقر والفاقة وقلة العتاد؟ ويبطلون في ذات الوقت تكنولوجيا الحرب، بوسائل الإصرار على البقاء، زادهم عدالة المطالب ومشروعية الموت من أجل البقاء؟
غزة تدرك اللهاث المجنون خارج فلسطين لإيقاف الحرب، لستر عورة الصلف الصهيوني ومن خلفه، ولكن بعد فوات الأوان.
غزة أيها الناس بداية السطر في أجندة الوطن.
غزة العزة بداية النشيد وأول النغم.