الأحد  22 كانون الأول 2024

العُمرُ والمَعنى، وميلادُ الفَتى.. بقلم: عبد السلام عطاري

2014-09-20 12:16:57 PM
العُمرُ والمَعنى، وميلادُ الفَتى.. بقلم: عبد السلام عطاري
صورة ارشيفية

 الحدثلمْ أُشْعِلْ شُموعَ ميلاد العُمْرِ كِفايةً بَعْدُ، ولم أرْفَع صَوْتِي لِلغناءِ ولا تعاليت بالموّال كما أريد، ولم أهْمِسْ لِنجمةِ الميلادِ الَّتِي أضَاءَتْ البِلاد أينَ طريقي، ولم أَسْأل ما بَعد الْعَتمةِ نهرًا، ولا سَألتُ الحوذِيَّ الَّذي مَرَّ دونَ سَلامٍ عَنِ اسمِهِ، فالأمرُ سيَّان هو الحوذِيُّ يَجرُّ عَرَباتٍ لا تَعرفُ أسْماءَ مَن عبَرُوا أزِقَّة القُرى، ولا المدائنُ تَسْعى دالّتها، وناسكُ القريَتَين دَلّني عَلَى غَارٍ وأهْدانِي يَمامَتَيْن، وأمّا العنْكبوتُ فصارَ نسيجُه لبردِ النَّومِ غِطاءً، والحلمُ ضلالةً بمَعْرفةِ الأيَّام، لا فرقَ في بِلاديَ بَينْ الوقتِ والتَّاريخِ، والزَّمَنُ لا ضبْط يُلزمُه، والالتزام واقعُ الغَريبِ على سَوَاترَ معفّرةٍ بِتَعَبِ المسَافاتِ مجهولةِ الوقتِ معروفةِ المسافةْ، لم أبدأ بَعْدُ قلتُ لأمّي في حُلمي وكتبتُ لماري بذاتِ المعنى لَم أشَأ بَعدُ، لَن تَشَاء والمشِيئةُ ليستْ لكَ، قالَتْ ماري، وهي تفرُك نعاسَها في فنجانِ القَهوَة المنْسِيِّ عَلى سور المقبرة، كنّا ليلاً هناك، كنا نجادلُ تاريخَ السّاعة ﻷنتهي من حكايةِ البُرجين، وأختم العذراءَ بساعةٍ وأقيس غديَ في كفّةِ الميزان، ولم أنتهِ من تشييعِ الرداءَة التي كلّما مضتْ بنظرتِها تتساقطُ وحبّاتُ التّينِ المنسيّة فعطبَ طعمُها، وصرخت ثانيةً: أنا الفتى المُتجدِّدُ صوتُه في الجُبِّ ما زلتُ هناكَ في "دوثان" تلّ الزَعتر المُشرَعِ على خُضرةِ المَرجِ وصيحاتِ القَطا وعيونِ ورّادات الماء ربّات الجِرار، لم تؤلمني عتمةُ الجُبِّ ولا بردُ الماءِ ولم توجعني نتوءاتُ حجارتِهْ، ولم يؤنسني عشّ الحَمَامات المبنيّ في شقوقِ حُنجرتِه، ولا هديلُ صغارهنّ في جوفِ الصَّدى، كلّنا في صرخةِ العُقم شدونا كان، ولم أتعلّق بحبالِ القَوافلِ العابرَةْ، ولم استجدِهم ليُدَلّوها لي، هم فعلوها طمعا بعبوديتي فصرتُ كما شئتْ، وكنتُ كما أردتُ وأقمتُ إمامتي ورضيتُ فيما ارتضيته لي ولكن لم أستعجل بعد قيامةِ الرّوح، فهذا الحقلُ اتّساع روحي فزنّره لي بخاصرتِها واشعلْ من عينيها ليلةَ ميلادي واقرأ لي سورةَ الحُبِّ والنَّاسِ والإخلاصِ وأبعد عنّي كلَّ وسواسٍ خنّاسْ. وكلُّ ميلادٍ وأحبائي وأنا بخيرْ..!!