الأحد  22 كانون الأول 2024

أن تفوز بنوبل الآداب رغم أنفك!

2014-10-07 01:03:01 PM
أن تفوز بنوبل الآداب رغم أنفك!
صورة ارشيفية
الحدث- وكالات

ما يزال سبب رفض الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر لجائزة نوبل التي اختير لها قبل نحو 50 عاما موضع جدل بين المثقفين، رغم أنه صار بسبب هذا الرفض من أشهر من نالوا جائزة نوبل في العالم.

ففي 22 تشرين الأول/أكتوبر من العام 1964، كان الفيلسوف الفرنسي يأكل عند الظهيرة في أحد المطاعم قرب منزلة في باريس، حين اتصلت به فرانسواز دو كلوزيه الصحافية في وكالة الصحافة الفرنسية لإبلاغه أنه نال جائزة نوبل للأدب.

فأجاب سارتر "أنا أرفض الجائزة، وسأحتفظ بأسبابي وراء ذلك لأقولها للصحافة السويدية".

ويبدو أن تلقيه لخبر اختياره من قبل اللجنة في ستوكهولهم لنيل الجائزة لم يسبب له أي مفاجأة ولم يحرك عنده أي مشاعر.

لكن الأمر أثار ضجة كبيرة لا سيما في فرنسا، لكون جان بول سارتر أول من يرفض نيل جائزة نوبل في العالم.

سببان محتملان

ويقول أندريه غيغو المتخصص في فلسفة سارتر "كان لديه سببان عميقان يحولان دون قبوله الجائزة، الأول أنه كان يخاف أن يدفن حيا قبل أن يتم مساره، وكان ينظر إلى الجوائز على أنها (قبلة الموت)".

ويضيف "السبب الثاني أنه بنى كل أفكاره على نقد كل أشكال المؤسسات، التي كان يصفها بأنها مميتة".

حائز الجائزة رغم رفضه لها

لكن سارتر علم للتو أن الأكاديمية المانحة لجائزة نوبل لا تنتظر رأي المرشح في ذلك، وعلى هذا فإن رفضه نيل الجائزة لا يغير شيئا في كونه أصبح حائزا جائزة نوبل.

ويقول أنطون جاكوب الذي عمل صحافيا في وكالة الصحافة الفرنسية ووضع كتابا بعنوان "تاريخ جائزة نوبل" إن "السويديين كانوا واضحين جدا منذ البداية، أن رفض سارتر للجائزة لا يعنيهم، فقد تم اختياره وقضي الأمر".

وعلى ذلك يعد جان بول سارتر حائزا جائزة نوبل للآداب في العام 1964، رغم رفضه الجائزة، ورغم رفضه حضور الحفل التقليدي في العاشر من كانون الأول/ديسمبر من العام نفسه، ورغم أنه رفض استلام الشك المصرفي للجائزة وقيمته 273 ألف كورون سويدي، أي ما يعادل اليوم 300 ألف يورو.

رفض أي جائزة تمنحها السلطات أو المؤسسات

وليس في رفض سارتر للجائزة ما يثير الدهشة، فهو سبق أن أعلن مرارا رفضه نيل أي جائزة من تلك التي تمنحها السلطات الفرنسية، مثل جائزة جوقة الشرف وغيرها.

وقد أرسل الفيلسوف الفرنسي نصا مطولا إلى وسائل الإعلام السويدية برر فيه قراره وقدم فيه ما يشبه الاعتذار.

وسبق ذلك أن أرسل إلى الأكاديمية السويدية يطلب فيها عدم منح جائزتها لشخص لا يرغب بذلك.

وكتب "وصلتني بعض الأخبار ومفادها أني قد أنال جائزة نوبل اليوم، ولأسباب خاصة وأخرى موضوعية، أتمنى ألا أكون ماثلا على قائمة المرشحين للجائزة، وأنا لا أستطيع ولا أرغب، لا الآن ولا في المستقبل، أن أقبل هذه الجائزة".

لكن هذه الرسالة لم تغير شيئا من النتيجة. ولم يسبق أن حال أحد دون حصوله على نوبل إلا الشاعر السويدي إكسيل كارلفيلدت الذي نجح في إقناع اللجنة في العام 1919 بحذف اسمه من قائمة المرشحين، غير أنه عاد ونالها بعد مماته في العام 1931، حين كان منح الجائزة للراحلين ما زال متاحا.

التزام بالمبادئ أم تباهٍ بالنفس؟

وما زال رفض سارتر للجائزة موضع جدل، إذ يرى فيها البعض دليلا على التزامه مبادئه، فيما يرى آخرون أنه قد تشير إلى التباهي بالنفس، مشيرين مثلا إلى قبول الفيلسوف والكاتب الكبير ألبير كامو الجائزة نفسها رغم مواقفه ومبادئه