الأربعاء  04 كانون الأول 2024

((سِيرَةُ ظِلٍّ)) لـ ناصر القواسمى

2018-10-23 07:31:28 PM
((سِيرَةُ ظِلٍّ))
لـ ناصر القواسمى
ناصر القواسمى

خَفِيفٌ كَالهَوَاءِ ثَقِيلٌ كالحَيَاةِ

أُراوِدُ الماءَ عَنْ ظِلِّهِ

وَأَتْبَعُهُ كَالمَدَى

أَجُسُّ لَحْمَ الجِدَارِ لِيَنُزَّ الحَلِيبَ

 أَوْ يَسْتَجِيبَ

لِوَرْدَةٍ سَقَطَتْ فِي آخِرِ الصَدَى

وَالماءُ مَبتورٌ مِنْ نَهرٍ فِي النَحيبِ

يَا حَبِيبِي /

يَا حَبِيبِي /

يَبَّسَنِي هذا الحُزنُ فَطَرِّ باللثْمِ فَمِي

وَهُدَّ دَمِي /

إِنَّ الأَوْطَانَ البِلا وَرْدٍ لِمَنَافِيها تَنْتَمِي

كَغَيْمَةٍ تَسْبَحُ فِي حَبَّةِ النَدَى

وَدَمِي مِلْحُ الحُقُولِ فِي كُوعِ الحَصَاةِ

خَفِيفٌ كَالهَوَاءِ ثَقِيلٌ كالحَيَاةِ

أَصَابِعِي سَكَاكِرٌ يَقْضُمُهَا الغَيبُ

وَكَفِّي انْفِجَارُ السُؤَالِ فِي وَجْهِ الحَجَرِ

كَاَي يَلُوذُ البَحْرُ فِي اللاآخِرِ

وَيَسْتَثْنِي بعضَ السَمَكِ فِي المُنْحَدَرِ

أُجَمِّعُ الفُصُولَ عَلَى بَعْضِهَا

وَأَزُجُّ ضِدَّها فِي ضِدِّهَا

حَتّى أَثْنِي رُخَامَ الحُزْنِ فِي القَمَرِ

وَفَمِي نَحوٌ سَريعٌ لَيسَ يَنْتَبِهُ للنُحَاةِ

خَفِيفٌ كَالهَوَاءِ ثَقِيلٌ كالحَيَاةِ

وَجْهِي كُلُّ النِسَاءِ البَائِسَاتِ

النِساءِ اللواتي رَقَصْنَ فِي الغِيَابِ

حَمَلْنَ حُبوبَ القَمْحِ وَأُغْنياتِ الحَصَّادينَ

وَعَدَوْنَ كَفَرَاشٍ تَاهَ فِي الأَسْبَابِ

لِي ظِلٌّ فِي كُلِّ وَجْهٍ

وَلِي وَرْدٌ كَفيفٌ يَحرسُ بابي

قَلْبِي أَرْنَبٌ

فَرَّ مِنْ حَظِيرَةِ الطُغَاةِ

خَفِيفٌ كَالهَوَاءِ ثَقِيلٌ كالحَيَاةِ

مَا لِي ظِلٌّ يَمْلَؤُنِي

أَوْ يُفْرِغُنِي

وَلا لِي مِرْآةٌ تَعْكِسُ لَوني وَشَكْلِي

كَخَيَالٍ بِلا مَوْعِدٍ لانْشِطَارِهِ

أَوْ كَنَجمٍ تَاهَ في انْفِصَالاتِ التَجَلِّي

أُعِدُّ المصَابِيحَ

كَي تنوبَ عَن فُقَرَاءِ الأَرْضِ

وَأُطِيلُ فِي النَثْرِ تَذَلُّلِي

كَمَخْرُوطٍ //

عَبَثٌ تَسِيلُ مِنْ قعرِي جِهاتي

خَفِيفٌ كَالهَوَاءِ ثَقِيلٌ كالحَيَاةِ

أُتَمِّمُني فِي النُقْصَانِ أَوْ أَزِيدُ

وَأَشُكُّ النُجُومَ بِمِسْبَحَتِي

كَخَرَزَاتِ الزُجَاجِ

حَامِضٌ عِنَبي كَحُصْرُمِ نَبِيّ

وَخَفيفٌ سُقُوطِي كَجُرْحٍ فِي سِيَاجِ

أَفُضُّ اشْتِبَاكِي مَعْ غَدِي بِالأَمْسِ

وَأَلْهَثُ

كَحِصَانٍ مطعونٍ بسيفٍ من العاجِ

كَطِفْلٍ رَموهُ قَسْرًا فِي لُجَّةِ الحَيَاةِ

خَفِيفٌ كَالهَوَاءِ ثَقِيلٌ كالحَيَاةِ

أَنَا ظِلٌّ عَلَى الأَرْضِ يمَشي

وَعَادَةُ الظِّلَالِ

ذِئَابٌ تَعْوِي دون داعٍ

والذئابُ لَا تَنْتَعِلُ أَحْذِيَةً

خَفِيفَةٌ كَالكَلَامِ الطارئِ

ثَقِيلَةٌ كَالوداعِ

أَبِي سِنْجَابٌ قَفَزَ مِنْ هَلَعٍ

فَإِذَا بِهِ دُونَ قَصْدٍ فَوْقَ سَابِعِ سَمَاءِ

وَأُمي هُدْهُدٌ غَابَ عَنِ الدَّرْسِ

فَاسْتَثْنَاهُ الغَيْبُ وَأَرْدَاهُ فِي البُكَاءِ

كَوَلَدٍ يُلْهُو بِقُنْبُلَةٍ يَدَوِيَّةٍ

ظنَّ أَنَّهَا رُمَّانَةً أو ثَدْيَ امْرَأَةٍ سَائِغٍ

وَلَمَّا تَوَزَّعَ أَشْلَاءً فِي الأَرْجَاءِ

قَالَ الحُفَاةُ

يَا اللهُ

يَا اللهُ

قَدْ نَسِينَا أَنْ نُخْبِرَهُ أَنَّهَا حَيَاةٌ

لا تَضَعُ فَرقًا بينَ مَن يَذْهَبُ في سُكْرِهِ

ومَن يَذهَبُ في الصَلاةِ

خَفِيفٌ كَالهَوَاءِ ثَقِيلٌ كالحَيَاةِ