الإثنين  23 كانون الأول 2024

الأحد المقبل إطلاق رواية الأسير باسم الخندقجي "قناع بلون السماء"

2023-03-09 10:20:59 AM
الأحد المقبل إطلاق رواية الأسير باسم الخندقجي
رواية الأسير الخندقجي

الحدث الثقافي- أخبار وفعاليات

تجري يوم الأحد الموافق 12 آذار 2023 عند الساعة الثانية عصرا فعاليات إطلاق رواية "قناع بلون السماء" للأسير باسم خندقجي الصادرة عن دار الآداب في بيروت. 

يعقد اللقاء  في حوش العطعوط في البلدة القديمة في نابلس. 

وقد كتب الشاعر خالد جمعة عن الرواية النص التالي: 

في روايته "قناع بلون السماء" الأسير باسم خندقجي يدخل حقل ألغام.
في التفسير المنطقي للأشياء، هناك دائما صورة نمطية يستريح الناس برسمها عبر معلومات قليلة، ومن هذه الصور، صورة الأسير الذي يقبع خلف جدران زنزانة الاحتلال الإسرائيلي.

لكن باسم خندقجي، ومنذ روايته الأولى، يكسر هذا التصور، ويفتح أبواب الحياة مشرعة، ليناقش أوضاعها على كل المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية، دون أن يخشى دخول حقل الألغام الفلسطيني، خصوصا إذا تعلقت الفكرة بالآخر المحتل، وما يجري داخل أروقته من حياة وأفكار وممارسات، لطالما ظل الأدب الفلسطيني بعيدا عنها إما خوفا من التهم الجاهزة، أو لعدم القدرة على الحصول على التفاصيل التي تجعل من الكتابة عن هذا العدو منطقية وممكنة.

في روايته "قناع بلون السماء" يذهب باسم خندقجي إلى الحد الأقصى من التخيل الذي يجعل من شاب فلسطيني مكان شاب "إسرائيلي"، وتخدمه المصادفة في ألا يكون موضع شك نتيجة مجموعة من الملابسات.

يعثر "نور مهدي الشهدي" الباحث المختص في التاريخ والآثار، على بطاقة هوية زرقاء لشاب إسرائيلي يدعى "أور شابيرا"، داخل جيب معطف اشتراه من سوق الأغراض المستعملة، ولما كان نور "وتعني أورا بالعبرية" أشقر اللون بعيون زرقاء أخذها من أمه التي ماتت أثناء ولادته، فإن شكله وطلاقته في الحديث بالعبرية والإنجليزية، جعلا دوره "كإشكنازي" يبدو سهلاً، ولا يثير الشكوك.

صديقه الوحيد "مراد"، والمحكوم بالسجن المؤبد، يشكل معاملا موضوعيا لتفكير نور، بأخذه الجانب العملي من الشخصية مقابل الجانب الرومنسي الذي يتمتع به نور، ويظل نور، على امتداد الرواية البالغة 240 صفحة من القطع المتوسط والصادرة عن دار الآداب في بيروت، يجري حوارات متخيلة مع مراد، دون أن تصل رسائله إليه، باعتبار أنه كان يسجلها على هاتفه، ورغم ذلك فقد كان يتخيل ردود مراد العنيفة على مواقفه، وإن كانت نابعة منه ذاته.

في روايته "قناع بلون السماء" يذهب باسم خندقجي إلى الحد الأقصى من التخيل الذي يجعل من شاب فلسطيني مكان شاب "إسرائيلي"

يقوم نور بالتسجيل للعمل مع مؤسسة أمريكية ستنقب عن الآثار في كيبوتس "مشمار هعيمق" المقام على أراضي قرية أبو شوشة المهجرة، وهو المكان الذي حدثت فيه واحدة من أكبر وأشرس المعارك التي جرت أثناء نكبة 1948، وكان مبرره الذاتي الذي أقنع نفسه به هو البحث عن صندوق مريم المجدلية ليثبت بعض الوقائع التاريخية، والتي جرت في "اللجون" أو مسيانوبوليس، أو مستوطنة مجدو، رغم أن إحدى رسائل مراد نصحته بوضوح أن يتجه كخبير آثار للتأكيد على ملكية أراضي الشيخ جراح بصفتها قضية أهم وأكثر إلحاحا من البحث في تاريخ مريم المجدلية.

الكثير من الحوارات تدور بين "نور" و"أور"، يمتطي كل منهما حصان فكرته، ليهدد الآخر، لكن أي منهما لا يتنازل عن موقفه إلا في النهاية حين يضطر "أور" للسكوت حين يواجهه نور بأن الحركة الصهيونية استثمرت الهولوكوست لتحويله إلى منظومة أخلاقية تشرعن التطهير العرقي، والنتيجة النهائية للحوار، يقول أور لنور عندما طلب منه أن ينظر إليه كإنسان، فرد أور: أخشى من اختفائي أنا إذا أصبحت أنت إنساناً.

يلتقي نور في الكيبوتس بسماء إسماعيل، الفلسطينية من حيفا، والتي تشارك في أعمال التنقيب، وهي التي دائما ما تواجه الإسرائيليين والأمريكيين بموقفها من هويتها، وتصرخ بها بوضوح، أنها فلسطينية عربية، وأن الهوية الإسرائيلية مفروضة عليها، وأنها تتعاطف مع ضحايا النازية، ولكن ليس مع الصهيونية التي استغلت الضحايا لتصنع ضحايا آخرين من الشعب الفلسطيني.

إن حالة اغتراب بطل الرواية تتجلى في أسئلته: من أنا؟ من أبي؟ ما هي الأزقة؟ أين هويتي؟ أين ظلي؟ أين مرآتي؟ ماذا أفعل هنا؟ وأسئلته الكثير حول معاملة الأمريكيين معه فيما لو كشف لهم عن وجهه الحقيقي.

حين يقرر أن يعترف لسماء إسماعيل بأنه فلسطيني لاجئ يسكن مخيما في رام الله، ويسرد لها قصة الهوية، فترد بأسف عليه: أنتظرُ عمرا كاملا للخلاص من هذه الهوية، وأنت خسرت عمرك كله لترتدي هذا القناع.

يقف باسم في روايته ضد مقولة تشبه المحتل بمن احتله، ويستشهد بطل الرواية بما كتبه الروائي الإسرائيلي أ.ب. يهوشع، في روايته الإشكالية، عن الغابات التي زرعتها إسرائيل لتخفي آثار القرى المدمرة، ويقوم في روايته بقطع لسان العربي حتى لا يفصح عن القرى المدمرة، لكن هذا العربي يقوم بحرق الغابة لتظهر القرى المطهرة عرقيا من تحت الرماد.

يحلم نور بأنه ذهب إلى البئر الذي يجاور الكيبوتس، وعثر على مريم المجدلية عبر سرداب في قاع البئر، وفوجئ بأنها تشبه تماما سماء إسماعيل، بالضوء المنبعث منها ومن مريديها، فيسجل رسالة لصديقه مراد مؤمناً على موقفه المبدئي، "أظلمت آفاق روايتي المجدلية، وحلت محلها تجليات سماء".

يقف باسم في روايته ضد مقولة تشبه المحتل بمن احتله

تنتهي الرواية بخروج نور من الكيبوتس بعد معركة مسيرة الأعلام في القدس، والتي تم إلغاء عملية التنقيب بسبب الأحداث التي جرت لاحقا، وتقف له سماء بسيارتها خارج الكيبوتس، وتقلّه إلى رام الله، فيما هو يخرج هاتفه ويعيد برمجته من العبرية إلى العربية.

الكثير من الرموز والإسقاطات في رواية باسم خندقجي، لا يترك فيها انتقاداته التي مارسها في روايات سابقة، انتقاد للتاريخ، للتزوير، للممارسات بحق المناضلين، للعنصرية التي تتشكل بناء على شكل الوجوه، للحجرات والفروقات بينها، للسجن الأصغر والسجن الأكبر، للزيارات والرسائل السرية، لتغيير معالم الجغرافيا لخدمة فكرة مصطنعة.

من الواضح أن اتساع مدارك خندقجي نتيجة ثقافته العميقة التي حصل عليها بعد الحكم عليه بثلاثة مؤبدات، قد عكست نفسها على عالمه الروائي، بكل الإشارات التاريخية للأماكن والوقائع والشخصيات، بكل التفاصيل التي يسردها عن الأمكنة والحوادث التاريخية والقادة الذين جابوا التاريخ من خلال جغرافية فلسطين.

بعض الأخطاء اللغوية وردت في الرواية، وهي قليلة وكان من الممكن تلافيها، وهناك تعليق أظنه من وضع دار النشر، إذ يشرح التعليق في أسفل الصفحة عن مفهوم "أزرق أبيض" الذي أطلقته اليهودية الشرقية أيالا، فيقول إنه إشارة إلى علم إسرائيل، فيما هو إشارة إلى حزب أزرق أبيض.

عن باسم خندقجي

ولد باسم محمد صالح اديب الخندقجي في تاريخ 22 ديسمبر/كانون الأول 1983ودرس في مدارس محافظة نابلس. حيث التحق بعدها بجامعة النجاح الوطنية للدراسة في قسم الصحافة والإعلام. عتُقِل باسم في 2 تشرين الأول/نوفمبر 2004 عندما كان في سنته الجامعية الأخيرة على يد قوات الاحتلال بعد عملية سوق الكرمل، والتي أدّت إلى مقتل 3 إسرائيليين وجرح أكثر من 50 إسرائيلياً، رغم أن باسم لم يقم بأيّ نشاط عسكري خلال العملية. حُكِم عليه في 7 تموز/يونيو 2005 بثلاثة مؤبّدات. وفي شهادة الصليب الأحمر الدولي أنه محكوم مدى الحياة. بالإضافة إلى اتهامه بالمشاركة في «عملية سوق الكرمل» طالبته السلطات الإسرائيلية بتعويض عائلات قتلى العملية بمبلغ 11.6 مليون دولار. 

 

الأسير باسم خندقجي

صدر لباسم الخندقجي ديوان شعر بعنوان "طرق على جدران المكان" وديوان آخر بعنوان "شبق الورد أكليل العدم"، وأيضا دراسة عن المرأة الفلسطينية وكتاب "أنا الإنسان نداء من الغربة الحديدية". وله روايات: "مسك الكفاية: ﺳﻴﺮﺓ سيدة ﺍﻟﻈﻼﻝ الحرة"، و"نرجس العزلة" التي قام بإطلاقها ملتقى فلسطين الأول للرواية العربية عام 2017 في رام الله، ورواية "خسوف بدر الدين" التي صدرت عن دار الآداب في بيروت، ورواية "أنفاس امرأة مخذولة" التي صدرت عن الدار الأهلية في عمان.