تدوين- نصوص
فيما يلي ننشر مجموعة من القصائد التي كتبها الشاعر والصحفي الفلسطيني أحمد، الذي تصادف اليوم الثامن من نيسان الذكرى السادسة لرحيله.
جنسية الدمع
صباح من الغبش الحلو يفتح باب النهار
نهار من الصحو إلا بقايا الغبار
مدارس من أمل,و الأمل
ترجل عن حلم في عيون الكبار
إلى فرح يرتجل
فمن أين خوذة هذا المسربل بالبقع السود؟
كيف انطوى العشب تحت الفتى و تلون بالزهر؟
خل كان يدري اله الجنود,
بما سوف يدري إذا أطلقوا النار؟
اسمع صفارة, و أرى صوت حوامّة في السحابة,
يرمي الجنود حروف الكتابة بالجمر,
فالحال في حالة....... و يئن المضارع,
والشارع الآن جملة حرب,
دريئتهم كل راس و قلب,
أصابوا النهار,
إصابته غير قاتلة,
فالرصاصة في كتف الفجر,
و النهر يجري
و روح العصافير تسري
و ما هي إلا دقائق,
ما هي إلا رقائق من شجر الورد و الصبر,
حتى يطير الجناحان,
والنهر يجري فلا يملا البحر,
يصعد من رئة البحر البحر قوسا قزح
و ما هي إلا حدائق كانت نساء,
و أزواجهن, و طفلين
حتى يسيل الصباح دماءً,
تغذي مجنزرة بالوقود
فيربض فيها اله الجنود و يضحك
تبكي ملائكة غادرت قبر يوسف,
تعجز عن أن ترد الكلام الذي ,
لم يصل, بعد,إسماع تلميذتين
فأسمع دمع السحابة,
من رامة الله تسري إلى طولكرم
ونابلس و الخليل
إلى خان يونس
من صخرة القدس حتى رفح
و تبكي ملائكة جاورت قبر يوسف
سيدنا الخضر في بئر زيت
سيدخل في كل موت
و يخرج من نخلة ضربت موعدا ً للقيامة في عمق دير البلح
و نعرف جنسية الدمع منذ بكى آ دم,
يا فلسطين,
يا دمعة الله،
للحزن أن يترجل يوما ً, ليدخل,من بيت لحمك,طفل الفرح
و نعرف ماذا يخبئ, في الدمع,هذا القطار
ولكن أيرجع من ذهبوا؟
لقد ذهبوا ليعيدوا النهار
و لكنهم ذهبوا
و لسنا نكابر...بل هدنا التعب
سنفقدكم كلما هدأ البيت
هم عودونا:إذا حضروا يزهر الصخب
سنفقد من يكسر الصحن,
ينكسر الشر فينا
ولا ينتهي الشغب الحلو,
يا روحهم انت... يا شغب
عزاء,و كيف العزاء بمن ذهبوا؟
أنزعم,في غفلة,أنهم هربوا؟
وعند المساء يجيئون بالكتب المدرسية,
و القدس,
و الفرح و المرتجي... والنهار
سيبعث أصغرهم بكراريس إخوته.. ويدور الشجار
و نضحك,
نفتح نافذة فنرى أفقا ً لا تعكره البقع السود,
يمضي الجنود و يبقى الصغار
سنكتشف البحر,
نسرح في السهل,
نصغي لنبض الحصاة بقلب الجبل
و نوقظ,من نومه,جبلا غارقا في الأمل
سنفعل هذا و اكثر,نضحك ...نبكي
سيصبح هذا ربابتنا...و سنحكي
و لكن لماذا يباهتنا الدمع؟
يا أملا ذهبوا ليجيئوا به...فلتجئ
و يا قمرا ذهبوا يقطفون لنا ضوءه..فلتضئ
ويا غد...
فلنبتدىء يا غد الغد يا غدنا
لقد نام عمرا,و آن له أن يفيق الجبل
وآن لنا...
مرأة أم صاعقة ؟
دخلت، في، من العينين،
واستولت على النبع،
ولم تترك لدمعي قطرتين
- أنت لن تجترحي معجزة،
حتى ولو أيقظت شمسا تحت هدبي
غير أني منذ أن أصبحت نهرا،
دارت الدنيا على قلبي،
وأنهيت إلى نبعي مصبي
فاستحمي بمياهي مرتين
نحلة أم عاشقة
دخلتني من طنين مزمن في الأذنين
تركت روحي رمالا
وأعارتني نخيلا وجمالا
وحلمنا أننا نحلم بالماء فيزرق التراب
- لن تميتيني كما شاء الأسى،
أو تنشريني في كتاب
غير أني منذ أن أضحيت صحراء،
نزعت الشمس عني
وجعلت الماء، في الرمل، يغني
فاغرفي مني سرابا باليدين
هل دمي صاعقة أم عاشقة؟
أم هي النار التي توغرها حرب اثنتين؟
هكذا أمسيت،
لا في الحرب،
لكن في حرب،
وانتهاكات،
ونار عالقة
من يدي يسقط فنجاني على ثوب صديقي
هو ذا يسمع من صوتي اعتذاراتي،
ولم يسمع طبول الحرب في رأسي،
ولم يبصر حريقي
بعد، لن أضحك أو أعبس،
حتى تشهد الحرب التي في جسدي -
واحدة من طعنتين
فأواري صاعقة ميتة فوق رمال العاشقة
أو أجاري جسدي الهارب -
من موت إلى موت..
وأين؟
ربما يندفع النبع إلى وجهي،
وقد تنتشر الصحراء في رأسي،
وقد يختلط الأمر على طول الطريق
إنني أصغي إلى الداخل،
أنشد إلى الحرب التي تمتد،
- من قلبي إلى صدغي -
فهل حرب ولا موت؟
أم الحي الذي يعلن هذا..
في مكان منه يخفي جثتين؟
رويدًا
إنه قمر الظهيرة في مدى بصري
وإن أُحرز مكافئة
فليس أقل من ألا أكف عن الظنون
أراه وحدي والعيون ترى جنوني
ليس لي هذا الجنون
ولست أزعم أنني أنشأت معجزة
ولكني أرى قمري
لهم أن يضحكوا
ويُظَنُّ بي أني نسيت الشمس في وعر الطفولة
ربما أنسى
ولكني أرى مالا يرون الآن
فليمضوا إلى أيامهم
ولأمضِ من صيفي إلى مطري
على أني وحيد
والعزاء معلَّق في سلة عبث الهواء بها
فلا أعلو إليها وهي لا تدنو إلي
لعل فاكهةً هناك
لعل أعنابًا وأبوابًا ستفتح لي
فأمسك ذيل أمي
وهي تضحك حين أخبرها
بأني ألمس الوحي
كأني أدخل الدنيا
كأني لم أكن فيها
وأدرك أنني لا أملك الإقناع
أمي أمس من ماتت
وها أنا لم أمت إلا قليلاً
وانبعثت
فكيف أني بي أعزِّيها؟!
إذن أين الطريق؟
وهل أعود من الكهولة
أهتدي بدمي الذي ينمو مع الثمر؟
لماذا ليس لي عينان كالبشر؟
لماذا لا أرى الأيام تولد من لياليها
فأحزن إن دعا سبب إلى حزن
وأهجس إن دعا قلق إلى ظن
وأسبق حين يغريني السباق
وإن تعبت؟
فإن لي أني أحاول
أي عفريت تعرض لي
فصرت سواي
لست أريد إلا أن أنام
وأنفض العفريت والأقزام
رويدًا إنه قمر الظهيرة
لست أريده لي
وأريد كالأولاد قمح العيد
يُقْبل من جنوب الصيف ثانية
لنصغر مثلما كنا، ونسرق من شوال
خطُّه أحمر
ويركض خلفنا الفلاح
ينجو سائر الأولاد.
لكني أقصر في الهروب
ومن يقصر عادة يخسر
لماذا الخوف لي والقمح للأولاد
كيف أكون منهم إن رجعت
فهل سأقهر في خوفي
هل سأخرج من يدي ضعفي
وأدخل في الجموع كأنني منهم
وأخجل من دموعي
لا أريد سوى كما يحيون أن أحيا
ولكني أرى ما لا يرون
تعبت أو تعبت بي الرؤيا