السبت  13 كانون الأول 2025

"غزة أندرجراوند".. عاطف أبو سيف يوثق سردية الحياة والمقاومة تحت حصار غزة

2025-12-13 04:12:54 AM

تدوين-إصدارات 

صدر حديثا للروائي الفلسطيني ووزير الثقافة السابق عاطف أبو سيف مجموعته القصصية الجديدة بعنوان "غزة أندرجراوند" عن منشورات المتوسط في إيطاليا، في عمل أدبي يشكل شهادة إنسانية مكثفة على معاناة سكان قطاع غزة تحت الحصار والعدوان، ويعكس تفاصيل حياتهم اليومية ومحاولاتهم المستمرة للبقاء وسط الدمار.

وتضم المجموعة 19 قصة قصيرة كُتبت بين عامي 2013 و2025، وجاءت في 173 صفحة، يرسم من خلالها أبو سيف صورا متعددة لمدينة غزة، تتراوح بين لحظات هدوء نادرة وأزمات الحرب المتلاحقة، مستعيدا الذاكرة الجمعية للمدينة عبر الحب والحنين والألم، ومقدّما غزة بوصفها مكانا يقاوم الفناء بالحياة والذاكرة.

تُفتتح المجموعة بقصة "جسر غزة"، حيث يلتقي أربعة أصدقاء بعد غياب طويل في مقهى شعبي بمدينة رفح، في سرد يستعرض تفاصيل الحياة اليومية، وصعوبات المعابر، والتفاوت الطبقي، إلى جانب مشاهد طبيعية مثل بيارات البرتقال والمطر، قبل أن تتسلل ملامح الحرب إلى المشهد.

أما قصة "آخر صورة لشارع الرشيد"، فتقدم معالجة رمزية للدمار، من خلال محاولة أحد الشخصيات الاحتفاظ بصورة للشارع قبيل لحظات موته، مع متابعة تفاصيل حياة سكانه تحت القصف المتواصل.

ويسلط أبو سيف الضوء على جوانب متعددة من الحياة الغزية عبر قصص مثل "الرجل خلف النافذة"، و"بشوفك المرة الجاي"، و"سيارة قديمة للزمن الجديد"، حيث تتجلى التفاصيل اليومية وصمود الإنسان البسيط. وفي قصة "رحيل"، يروي حكاية أرملة تغادر حارتها بعد وفاة زوجها، في رحلة معلقة بين الواقع والمجهول، بينما تتناول قصة "الرجل الذي يفضل النوم" الألم الوجودي والخوف من الموت. أما «فرح في خيمة»، فتصوّر حلم فتاة تحجبه الحرب وتكسر طموحها البسيط في الارتقاء بالذات.

وتبرز مجموعة أخرى من القصص في تصوير الحرب بأسلوب رمزي ومتفرد، مثل "الجسد غير المكتمل" و"ساق مبتورة تعود إلى الحياة"، حيث يتناول الكاتب معاناة الجرحى وفقدان الأحبة، مؤكدا قدرة الإنسان على الصمود وسط الفقد والخراب.

وفي قصة "الجنود يركبون القطار"، يوظف أبو سيف الخيال كأداة مقاومة، إذ يبتكر شابان شبكة قطارات وهمية في غزة هربًا من واقع الحرب، فيما تقترح القصة الختامية "المقهى السحري" تحويل الأنفاق إلى شبكة "أندر جراوند"، تعيد تخيل المدينة المدمرة كمساحة للإبداع والمقاومة الرمزية.

ومن خلال "غزة أندرجراوند"، يقدم عاطف أبو سيف شهادة سردية متكاملة عن مدينة ارتبط اسمها بالحرب والفناء، لكنه يبرهن في الوقت ذاته على قدرة سكانها على التمسك بإنسانيتهم وذكرياتهم، ليخرج العمل بوصفه تجربة فنية تجمع بين سرد الحرب، والتأمل الإنساني، والخيال المقاوم.