تدوين- نصوص
لطيفة الشابي، شاعرة وقاصة وروائية تونسية من مدينة توزر، هي قامة أدبية تجمع بين عملها المهني كمراقبة للصحة الحدودية في مطار توزر-نفطة ومسيرتها الثقافية الحافلة، حيث تشغل منصب نائبة رئيس اتحاد الكتاب التونسيين بتوزر وعضوية هيئات أدبية دولية ومحلية كحركة شعراء العالم، وقد أثرت المشهد الثقافي بإصدارات مثل ديوانها "العام المطير" (2007) ومجموعتها القصصية "الغاوون" (2009)، والمجموعة القصصية"أخطاء جليلة" (2025).
وفيما يلي نص قصيدة "وطن الحلم"
إلى وطنٍ صار منفى…
هُوَ ذا صَوْتُنا
يَتَخَشْخَشُ
في حَنْجَرَاتِ الجُدودِ،
كَأَنَّ المهولَ اسْتَبَاحَ
رُؤَانَا،
وَجَاءَ الزَّمَانُ يُؤَرِّخُ خُسْرَانَنَا...
مَنْ يُرَتِّقُ جُرْحَ السُّؤَالِ؟
وَفي كُلِّ شُرْفَةِ وَعْيٍ
يُعَلَّقُ صلْبُ الحِكَايةِ، أَوْلَ العِبَارَةِ
مَسْمُومَةٌ في شِفَاهِ اللُّقَى.
بَيْنَ فَجْرَيْنِ:
فَجْر الوُعُودِ
وَصَمْتِ الدُّمُوعِ،
تَفَيَّأْتُ نَحْلَ الطّهُورِ،
وَمَا لَامَسَتْنِي الغَمَامَةُ،
لِمَاذَا سَكَنْتُ الحِيَادَ؟
وَسَيْفُ السُّؤَالِ
يُمَزِّقُ فَصَّ القَرَارِ؟!
هَذِهِ الأَرْضُ
عَاشَتْ صُلْبَ آيَاتِهَا
دُونَ نَصٍّ،
تَنَامُ البَيَارِقُ في جُبِّهَا،
وَتَسِيرُ الجِرَاحُ
بِصَفْحَةِ وَجْهِ العَصَافِيرِ
في لَيْلِهَا!
مَنْ لِهَذَا البِلَادِ؟
مَنْ يُرَتِّلُ أَسْمَاءَهَا
في كُتُبِ العَادِيَاتِ،
وَيَكْشِفُ أَنَّ التُّرَابَ
لَهُ قَلْبُ نَبِيٍّ يُصَلِّي؟!
كَيْفَ أَبْنِي لِمَوْجِ التُّرَاثِ
مَرَافِئَ نُورٍ؟
كُلَّمَا أَوْقَدُوا
في فُؤَادِ الخرَافَةِ قَنَادِيلَهُمْ،
اخْتَنَقَ الحُلْم
في زَفْرَةِ اليَأْسِ،
واهْتَزَّ قَوْسُ الشُّهُبْ!
مَا للرُّوحُ
صَارَتْ تَقِيسُ الفَجَائِعَ
في سُورَةِ الشَّوْكِ،
وَالآخَرُونَ يُجَرِّبُونَ مَتَاهَاتِهُمْ
كَيْ يَرَوْا اللهَ
يَصْقُلُهُمْ بِالمَصَائِرِ،
ثُمَّ يُسَمِّيهِمُ الشَّعْبَ!
يَا وَطَنِي...
أَنْتَ مَجْلِسُ حُلْمِي،
وَفي يَدِكَ القَضَاءُ.
مَنْ سَيُرَجِّحُ كفَّةَ العَدْلِ
في وَسَطِ الغَفْلَةِ الرَّاحِلَةْ؟
مَنْ يَخْرُجُ الآَنَ
مِنْ جُبِّ إخْوَتِهِ
لِيَسْقِي زُلَيْخَةَ ذاتَ الجَمَالِ،
وَيُعْطِي الضُّعَفَاءَ سَنَابِلَ حُبٍّ،
ثُمَّ يُنْكِرُ أَنَّهُ حَاكِمٌ،
بَلْ هُوَ الحُلْمُ إِذَا قَامَ؟!
يُوسُفُ لَنْ يَسْجُدَ الآَنَ
لِلشَّمْسِ وَالقَمَرَيْنِ،
وَلَنْ يَكْتُبَ الرُّؤْيَا
في صَحْنِ ظِلٍّ مُشَقَّقٍ،
يَدُهُ مِيزَانُ سِرِّ الحَقِيقَةِ،
وَصَوْتُهُ
صَرْخَةُ مَنْ سَافَرُوا
في حَنَاجِرِنَا،
ثُمَّ عَادُوا قِيَامَة
في مَوَاطِنِنَا.
مَنْ يَحْمِلُ الآَنَ
– وَقَلْبِي مَعِي –
وِزْرَ مَنْ فَتَّتُوا الحُلْمَ
في نُقْطَةِ الصَّبْرِ،
ثُمَّ سَكِرُوا بِالخَطَايَا؟