تدوين- إصدارات
صدر للشاعر السوري، “سليمان أحمد” ديوان جديد بعنوان "الموتى لا يخرجون للنّزهات" عن دار (وشمة) في تونس. وهذا الإصدارهو الثاني للشاعر بعد مجموعته الشعرية الأول "الأشجار تغتال ظلالها"، الصادرة عن دار (الحصاد) بدمشق عام 2018.
الديوان من القطع المتوسط، وقد ضمّ 66 نصًا شِعريًا، موزّعة على 111 صفحة، تستهلّ المجموعة الشعرية بتقديم للناقد التونسي “بوبكر عموري”، الذي قال في تقديمه عن أحمد: "إنه شاعر مليء بذوات وتجارب مختلفة تتداخل وتتخارج معاً وتريق نصّاً سردياً بطعم الشعرية الشاسعة بأبعادها الحالمة حيناً والمؤلمة أحياناً في. آن. وتُسيل نصاًشعرياً بسردية السّحرية والاستيهام، فهو نصٌّ جديد مختلف، مخالفٌ لما تعودناه من شعراء قصيدة النثر ومن تسريد القص، فلا السرد خارج المجاز ولا مجاز الشعرية خارج النثر، أنّه مزجٌ جديد بروح سليمان أحمد الخاصة، وإيقاع الترجمان القاطن بداخله.
وأضاف: "هذا النّص الشعري ونحن نلج إلى عوالمه نرى بين أعيننا ترجمةً لسيرة ذاتية للشاعر وأخرى غيرية متنوعة للبسطاء والمقهورين والأصدقاء والأمكنة والرفاق، وترجمة ثالثة مُتنافذة مع روايات وقصائد لكتّاب عالميين…"
ومن أجواء المجموعة نورد القصائد الثلاثة التالية:
الموتى لا يخرجون للنّزهات
لم نكنْ ننشدُ الخلودَ
العالم مخيفٌ حتى للحجارةِ
كنّا ندركُ تمامًا
إنْ لم نمتْ في الحرب
ستقتلنا وجوهُ الراحلين في أزيز الرّصاصِ
كيف نعيشُ…؟
وهم قالوا سنعودُ عند الغسقِ،
أو عند عبور أوّل رتلٍ للدّبابات القبيحةِ
كانوا رجالاً وأطفالاً ونساءً وعيونًا جميلات
لم يعودوا…
الموتى لا يخرجون للنّزهات حُفاةً عُراةً
حتى أحذيهتم تبكي…
الأرضُ الطيّبة كتفاحةٍ تدورُ وتدورُ
يتكاثفُ الحزنُ على أوراقِ الشجرِ
تحت الجسورِ المهدّمة
على الجدرانِ المصابة بالزهايمرِ
على أكفِّ الأمّهات وتحت جلد الحياةِ
نكتشفُ للمرّة الأولى أنّ محور الأرض كذبة
وخطّ الاستواء كذبة
وتر طنبورٍ مشدود كمسارِ طلقةٍ إرهابية هو الذي
يخترقُ أعماقنا كلّ يوم جديد
أنّه ثقلُ الأرضِ في حفلة الجرحِ
أنّه (عجقة) الشّهداء على مائدة القتلة
هذه هي قوانين الفيزياء
التي بدأنا تعلّمها في العتمةِ.
••• ••• •••
لمعة السكاكين في ضوءِ القمر
نتحدّثُ عن الغدِ
وننسى أنّنا عبرناهُ ولم ندركهُ
نخرجُ الرّصاص من أجسامنا الغبيّة
ونحتفظُ بالألمِ
كنّا أعداءً…
كنّا فقراءً…
ولباس الفقرِ يحتملُ الرّصاص
لستُ متشائمًا…
ولكنّي رأيتُ لمعةَ السكاكين في ضوءِ القمرِ.
••• ••• •••
تطيرُ من عينيهِ بلابل حزينة
كان وطنًا للفقراءِ
ومقبرةً واسعةً لهم
مرّةً قالَ لي:
أنا أكرهُ الحربَ…
وأشتهي النهودَ البيضاء
ولكنّي أخشى عليها من شِفاهي
المليئة بالدبابيسِ
كان يضحكُ…
وتطيرُ من عينيهِ بلابل حزينة.