تدوين- ثقافات
تصادف اليوم الذكرى 57 لحرب النكسة، المعروفة أيضا باسم نكسة حزيران، والتي على إثرها احتلت "إسرائيل" للضفة الغربية، والجولان، وسيناء، وقطاع غزة، وأدت إلى استشهاد ما يزيد عن 20 ألف عربي مقابل 800 مستوطن.
وفيما يلي بعض الأدبيات التي تناولتها:
تحكي الرواية أفكار المثقفين وواقعهم، وتعطي لنا نماذج لأدلجاتهم التي عاشوها ردحًا من الزمن، وهي جامعة بين النقد السلبي والإيجابي؛ بين محاولة ترميم حالتهم التي تهدمت وإظهار سلطتهم التي يتمتعون بها على السياسي والمجتمع.
بعد هزيمة حرب 1967 يجتمع عدد من الشخصيات من المجتمع المصري ويحاولون الهروب من الواقع اليومي البائس الذي يحيط بهم، حيث يجتمعون بشكل دوري في عوامة مطلة على نهر النيل من أجل تعاطي الحشيش واللهو، من بينهم الموظف المحبط أنيس زكي، وسنية التي تحاول التنفيس عن غضبها بعد اكتشافها لخيانة زوجها لها، وسمارة الصحفية دائمة الانتقاد لكل شيء، وسناء الطالبة الجامعية التي تقاسي من إهمال والديها نحوها.
تلك الرائحة قصة قصيرة للكاتب صنع الله إبراهيم يصف فيها تجربته في السجن والفترة بعد خروجه مباشرة.
كتب يوسف إدريس مقدمة الكتاب، ومما جاء فيها: "إنني شديد الاعتزاز بصنع الله إبراهيم الفنان وسعيد حقيقة، وأنا أحس أنه آن الأوان لتقرأه الحركة الفنية والأدبية في كتاب كامل في قصة من أجمل ما قرأت باللغة العربية خلال السنوات القليلة الماضية. ويضيف يوسف إدريس أن تلك الرائحة ليست مجرد قصة ولكنها ثورة وأولها ثورة فنان على نفسه، وهي ليست نهاية، ولكنها بداية أصيلة، بداية فيها كل ميزات البداية، ولكنها تخلو من عيوب البدايات لأنها أيضا موهبة ناضجة".
يتعمق الكاتب ثروت أباظة في أعماق قرية مصرية، مسجلاً أدق التفاصيل والقدرة على متابعة حياة من يسكنها، ويعرض مشكلة خطيرة للغاية، وهي مشكلة الظلم والاستبداد التي يعانون منها بسبب فرضهم عليهم بالقوة الغاشمة، سواء أكانت تلك القوة ترمز إلى سلطة الحكم عليهم أو تنمر الخارجين عن القانون، وفي هذه الحالة تدخل السلطة الحاكمة أيضًا في هذا الظلم لأنه لا يفعل ذلك. حمايتهم من هؤلاء البلطجية والخارجين عن القانون. يريد ثروت أباظة في روايته تغيير بعض الظروف التي كانت تئن فيها القرى المصرية.
حكايات الغريب| جمال الغيطاني
تحكي الرواية قصة المواطن والجندى المصرى "عبد الرحمن"، الذى اختفى خلال الفترة ما بين نكسة 1967 وحرب أكتوبر المجيدة عام 1973، وظل أهله وأقاربه يبحثون عنه طوال الفيلم ليجدوا كل مرة من يؤكد لهم أنه كان موجودا فى إحدى المدن ولكن باسم آخر. و"حكايات الغريب" مجموعة قصصية كتبها الغيطانى عام 1976 وركزت على روح أكتوبر التى تفجُّرت شعبيًّا، خصوصًا أثناء حصار السويس، حيث وجد المواطن المصرى البسيط نفسه أمام التحدى الكبير، فأبى أن يترك أرضه، ودافع عنها بكل ما يمكنه من قوة، وهي منقولة عن قصة حقيقية لسائق بمؤسسة صحفية هو عبدالعزيز محمود والذى استشهد فى فترة حصار السويس، والتى وثقها الغيطانى حين كان مراسلًا حربيًا فى الفترة بين 1969 و1973.
عندما صدرت رواية "ستة أيام" اعتبرت بمثابة نبوءة، لأنها تخيلت حرباً إسرائيلية عربية تمتد لستة أيام وتنتهي بهزيمة عربية. كتب حليم بركات هذه الرواية قبل حرب حزيران 1967 بستة أعوام.
أيتها العرافة المقدَّسةْ ..
جئتُ إليك .. مثخناً بالطعنات والدماءْ
أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة
منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ.
أسأل يا زرقاءْ ..
عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء
عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة
عن صور الأطفال في الخوذات.. ملقاةً على الصحراء
عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء..
فيثقب الرصاصُ رأسَه .. في لحظة الملامسة !
عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء !!
أسأل يا زرقاء ..
عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدارْ !
عن صرخة المرأة بين السَّبي. والفرارْ ؟
كيف حملتُ العار..
ثم مشيتُ ؟ دون أن أقتل نفسي ؟ ! دون أن أنهار ؟ !
ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة ؟ !
تكلَّمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. باللهِ .. باللعنةِ .. بالشيطانْ
لا تغمضي عينيكِ، فالجرذان ..
تلعق من دمي حساءَها .. ولا أردُّها !
تكلمي ... لشدَّ ما أنا مُهان
لا اللَّيل يُخفي عورتي .. كلا ولا الجدران !
ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدُّها ..
ولا احتمائي في سحائب الدخان !
.. تقفز حولي طفلةٌ واسعةُ العينين .. عذبةُ المشاكسة
( كان يَقُصُّ عنك يا صغيرتي .. ونحن في الخنادْق
فنفتح الأزرار في ستراتنا .. ونسند البنادقْ
وحين مات عَطَشاً في الصحَراء المشمسة ..
رطَّب باسمك الشفاه اليابسة ..
وارتخت العينان !)
فأين أخفي وجهيَ المتَّهمَ المدان ؟
والضحكةَ الطروب : ضحكتهُ..
والوجهُ .. والغمازتانْ ! ؟
* * *
أيتها النبية المقدسة ..
لا تسكتي .. فقد سَكَتُّ سَنَةً فَسَنَةً ..
لكي أنال فضلة الأمانْ
قيل ليَ "اخرسْ .."
فخرستُ .. وعميت .. وائتممتُ بالخصيان !
ظللتُ في عبيد ( عبسِ ) أحرس القطعان
أجتزُّ صوفَها ..
أردُّ نوقها ..
أنام في حظائر النسيان
طعاميَ : الكسرةُ .. والماءُ .. وبعض الثمرات اليابسة .
وها أنا في ساعة الطعانْ
ساعةَ أن تخاذل الكماةُ .. والرماةُ .. والفرسانْ
دُعيت للميدان !
أنا الذي ما ذقتُ لحمَ الضأن ..
أنا الذي لا حولَ لي أو شأن ..
أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان ،
أدعى إلى الموت .. ولم أدع الى المجالسة !!
تكلمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. تكلمي ..
فها أنا على التراب سائلٌ دمي
وهو ظمئُ .. يطلب المزيدا .
أسائل الصمتَ الذي يخنقني :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أجندلاً يحملن أم حديدا .. ؟!"
فمن تُرى يصدُقْني ؟
أسائل الركَّع والسجودا
أسائل القيودا :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أيتها العَّرافة المقدسة ..
ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟
قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ ..
فاتهموا عينيكِ، يا زرقاء، بالبوار !
قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار ..
فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار !
وحين فُوجئوا بحدِّ السيف : قايضوا بنا ..
والتمسوا النجاةَ والفرار !
ونحن جرحى القلبِ ،
جرحى الروحِ والفم .
لم يبق إلا الموتُ ..
والحطامُ ..
والدمارْ ..
وصبيةٌ مشرّدون يعبرون آخرَ الأنهارْ
ونسوةٌ يسقن في سلاسل الأسرِ،
وفي ثياب العارْ
مطأطئات الرأس.. لا يملكن إلا الصرخات الناعسة !
ها أنت يا زرقاءْ
وحيدةٌ ... عمياءْ !
وما تزال أغنياتُ الحبِّ .. والأضواءْ
والعرباتُ الفارهاتُ .. والأزياءْ !
فأين أخفي وجهيَ المُشَوَّها
كي لا أعكِّر الصفاء .. الأبله.. المموَّها.
في أعين الرجال والنساءْ !؟
وأنت يا زرقاء ..
وحيدة .. عمياء !
وحيدة .. عمياء !
_______________________________________________________________________
أنعي لكم، يا أصدقائي، اللغة القديمه
والكتب القديمه
أنعي لكم..
كلامنا المثقوب، كالأحذية القديمه..
ومفردات العهر، والهجاء، والشتيمه
أنعي لكم.. أنعي لكم
نهاية الفكر الذي قاد إلى الهزيمه
2
مالحةٌ في فمنا القصائد
مالحةٌ ضفائر النساء
والليل، والأستار، والمقاعد
مالحةٌ أمامنا الأشياء
3
يا وطني الحزين
حولتني بلحظةٍ
من شاعرٍ يكتب الحب والحنين
لشاعرٍ يكتب بالسكين
4
لأن ما نحسه أكبر من أوراقنا
لا بد أن نخجل من أشعارنا
5
إذا خسرنا الحرب لا غرابه
لأننا ندخلها..
بكل ما يملك الشرقي من مواهب الخطابه
بالعنتريات التي ما قتلت ذبابه
لأننا ندخلها..
بمنطق الطبلة والربابه
6
السر في مأساتنا
صراخنا أضخم من أصواتنا
وسيفنا أطول من قاماتنا
7
خلاصة القضيه
توجز في عباره
لقد لبسنا قشرة الحضاره
والروح جاهليه...
8
بالناي والمزمار..
لا يحدث انتصار
9
كلفنا ارتجالنا
خمسين ألف خيمةٍ جديده
10
لا تلعنوا السماء
إذا تخلت عنكم..
لا تلعنوا الظروف
فالله يؤتي النصر من يشاء
وليس حداداً لديكم.. يصنع السيوف
11
يوجعني أن أسمع الأنباء في الصباح
يوجعني.. أن أسمع النباح..
12
ما دخل اليهود من حدودنا
وإنما..
تسربوا كالنمل.. من عيوبنا
13
خمسة آلاف سنه..
ونحن في السرداب
ذقوننا طويلةٌ
نقودنا مجهولةٌ
عيوننا مرافئ الذباب
يا أصدقائي:
جربوا أن تكسروا الأبواب
أن تغسلوا أفكاركم، وتغسلوا الأثواب
يا أصدقائي:
جربوا أن تقرؤوا كتاب..
أن تكتبوا كتاب
أن تزرعوا الحروف، والرمان، والأعناب
أن تبحروا إلى بلاد الثلج والضباب
فالناس يجهلونكم.. في خارج السرداب
الناس يحسبونكم نوعاً من الذئاب...
14
جلودنا ميتة الإحساس
أرواحنا تشكو من الإفلاس
أيامنا تدور بين الزار، والشطرنج، والنعاس
هل نحن "خير أمةٍ قد أخرجت للناس" ؟...
15
كان بوسع نفطنا الدافق بالصحاري
أن يستحيل خنجراً..
من لهبٍ ونار..
لكنه..
واخجلة الأشراف من قريشٍ
وخجلة الأحرار من أوسٍ ومن نزار
يراق تحت أرجل الجواري...
16
نركض في الشوارع
نحمل تحت إبطنا الحبالا..
نمارس السحل بلا تبصرٍ
نحطم الزجاج والأقفالا..
نمدح كالضفادع
نشتم كالضفادع
نجعل من أقزامنا أبطالا..
نجعل من أشرافنا أنذالا..
نرتجل البطولة ارتجالا..
نقعد في الجوامع..
تنابلاً.. كسالى
نشطر الأبيات، أو نؤلف الأمثالا..
ونشحذ النصر على عدونا..
من عنده تعالى...
17
لو أحدٌ يمنحني الأمان..
لو كنت أستطيع أن أقابل السلطان
قلت له: يا سيدي السلطان
كلابك المفترسات مزقت ردائي
ومخبروك دائماً ورائي..
عيونهم ورائي..
أنوفهم ورائي..
أقدامهم ورائي..
كالقدر المحتوم، كالقضاء
يستجوبون زوجتي
ويكتبون عندهم..
أسماء أصدقائي..
يا حضرة السلطان
لأنني اقتربت من أسوارك الصماء
لأنني..
حاولت أن أكشف عن حزني.. وعن بلائي
ضربت بالحذاء..
أرغمني جندك أن آكل من حذائي
يا سيدي..
يا سيدي السلطان
لقد خسرت الحرب مرتين
لأن نصف شعبنا.. ليس له لسان
ما قيمة الشعب الذي ليس له لسان؟
لأن نصف شعبنا..
محاصرٌ كالنمل والجرذان..
في داخل الجدران..
لو أحدٌ يمنحني الأمان
من عسكر السلطان..
قلت له: لقد خسرت الحرب مرتين..
لأنك انفصلت عن قضية الإنسان..
18
لو أننا لم ندفن الوحدة في التراب
لو لم نمزق جسمها الطري بالحراب
لو بقيت في داخل العيون والأهداب
لما استباحت لحمنا الكلاب..
19
نريد جيلاً غاضباً..
نريد جيلاً يفلح الآفاق
وينكش التاريخ من جذوره..
وينكش الفكر من الأعماق
نريد جيلاً قادماً..
مختلف الملامح..
لا يغفر الأخطاء.. لا يسامح..
لا ينحني..
لا يعرف النفاق..
نريد جيلاً..
رائداً..
عملاق..
20
يا أيها الأطفال..
من المحيط للخليج، أنتم سنابل الآمال
وأنتم الجيل الذي سيكسر الأغلال
ويقتل الأفيون في رؤوسنا..
ويقتل الخيال..
يا أيها الأطفال أنتم –بعد- طيبون
وطاهرون، كالندى والثلج، طاهرون
لا تقرؤوا عن جيلنا المهزوم يا أطفال
فنحن خائبون..
ونحن، مثل قشرة البطيخ، تافهون
ونحن منخورون.. منخورون.. كالنعال
لا تقرؤوا أخبارنا
لا تقتفوا آثارنا
لا تقبلوا أفكارنا
فنحن جيل القيء، والزهري، والسعال
ونحن جيل الدجل، والرقص على الحبال
يا أيها الأطفال:
يا مطر الربيع.. يا سنابل الآمال
أنتم بذور الخصب في حياتنا العقيمه
وأنتم الجيل الذي سيهزم الهزيمه...
_______________________________________________________________________