تدوين-إصدارات
بعد نحو أربعين عاما على رحيل ميشال فوكو، يعود الفيلسوف الفرنسي ليحدد ماهية الفلسفة وميزات خطابها بشكل منهجي، في كتاب أعده عام 1966، وظل مسودة مؤلفة من 209 صفحات لم تنشر، حتى أعاد كتابتها أستاذي الفلسفة أورازيو إيريرا ودانيال لورنزيني، تحت إشراف فرانسوا إيوالد.
صدر كتابه هذا الذي حمل عنوان "الخطاب الفلسفي" في 12 أيار في باريس عن منشورات غاليمار وسوي ومدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية.
رأى فوكو أن موت الإنسان لا يعني نهاية الفلسفة بل شرطا لاستئنافها، وفي كتابه الذي يقع في 310 صفحات يرد على منتقدي هذه الفكرة من خلال مناقشته لأطروحات نيتشه وهايدغر وسارتر وألتوسير وغيرهم من الفلاسفة القدماء والمعاصرين.
يطرح المفكر الذي ارتبط اسمه بالحركات البنيوية وما بعد البنيوية وما بعد الحداثة، في كتابه مجموعة من الأسئلة، مثل: ما الفلسفة، وما دورها في الثقافة الغربية، هل ما زال بإمكاننا اليوم التفكر فلسفيا، وغيرها من الأسئلة المرتبطة بتعريف الفلسفة. كما يقترح نظرة جديدة إلى الفلسفة وتاريخها مغايرة لمن سبقوه من الفلاسفة، الذين عملوا في ستينات القرن الماضي على كشف النقاب عن جوهر الفلسفة أو إعلان موتها.
اعتمد الفيلسوف في كتابه الجديد على أركيلوجية المعرفة كمنهج أساسي في تفكيك الخطاب الفلسفي التقليدي، الذي كان قد سلك منعطفا جديدا مع فريديريك نيتشه منذ أن انتقد الأصول الثابتة واستبدلها بفكرة البدايات المتغيرة التي لا يمكن حصرها.
كتب فوكو نصوصا عديدة لم تنشر، وظلت محفوظة في 110 صناديق في المكتبة الوطنية الفرنسية منذ عام 2012، وبحسب المشرف على نشر الكتاب، تقع مهمة تفسير عدم النشر على المهتمين بفكر الفيلسوف الراحل. ويأتي هذا الكتاب لسد الحلقات المفقودة أمام الدراسين لفكره ميشال فوكو، ذلك بربطهم لما جاء في كتبه السابقة مع الكتاب الصادر حديثا.
وبدأت تظهر هذه النصوص والمقالات تباعا منذ 30 عاما نشر بعضها في كتاب "ميشال فوكو نصوص وكتابات"، ثم كتابا آخر ضم نصوص الدروس التي ألقاها في الكوليج دو فرانس بين الأعوام 1970- 1983. أما حول عدم نشر فوكو لهذه النصوص، فرأى الباحث روجيه بول دروا أنه فضل الإبقاء على بعض اللبس أو الإبهام فيما يتعلق بتعرفيه للفلسفة.