الأحد  22 كانون الأول 2024

شاعر الشعب الصيني يانغ كه: القصائد القصيرة هي جوهر الشعر المعاصر

2023-06-27 10:20:13 AM
شاعر الشعب الصيني يانغ كه: القصائد القصيرة هي جوهر الشعر المعاصر
يانغ كه

تدوين- ثقافات

ولد يانغ كه عام 1957 في قوانشغي، هو من شعراء الصف الأول والجيل الثالث في الصين. يمتلك خيالا تاريخيا وثابا فريدا من نوعه، وفتحت كتاباته الشعرية في المناطق الحضرية آفاقا شعرية جديدة. ومنذ ثلاثين عاما وقد سلك شعره دربا مغايرا، راحت تدعمه مشاعر إنسانية عميقة، وتقاليد راسخة الجذور، مما مكنه ليكون دوما في مقدمة صفوف الشعراء الصينيين المعاصرين، نظم يانغ كه أكثر من احدى عشر مجموعة شعرية، كما كتب بعض المقالات النثرية. تُرجمت أعماله إلى العديد من اللغات الأجنبية، وهو يشغل الان منصب رئيس لجنة الشعر الصينية، ونائب رئيس اتحاد الكتاب الصينيين في قوانغتشو. وقد حصل على العديد من الجوائز الأدبية الرفيعة منها جائزة لوشون الأدبية في دورتها الثامنة في قوانغتشو، وجائزة كامبريدج شو تشي في الشعر، وجائزة الشاعر المتميز عن مؤسسة حقوق النشر الرومانية، وجائزة الكتاب الشباب في دورتها الثانية في قوانغتشو، وجائزة الابداع لأدب الشباب، جائزة الاسهام المتميز لشعراء الجيل الثالث الصينيين، وجائزة ليو يو شي للشعر، كما حاز على المركز الأول في جائزة تايوان للشعر الحديث المقفى في دورتها الثانية، وغيرها من الجوائز الأدبية الرفيعة الأخرى.. في هذا الحوار نقترب منه ونتعرف على عوالمه أكثر.

*أجرت الحوار وترجمته عن الصينية: ميرا أحمد.

يعيش داخل كل شاعر طفل صغير، وذاكرة هذا الطفل تمده بمخزون وفير وذكريات من الماضي ينهل منها لحاضره، فهل يمكن أن تحدثنا عن طفولتك؟ ومتى اكتشفت موهبتك في الشعر.؟ وهل البيئة التي عشت فيها ساهمت في بزوغ هذه الموهبة؟

شهدت طفولتي "حقبة غير شعرية" وهي تلك الحقبة التي عانت في الثقافة تخريبا وتدميرا، وتعرف بـ "حقبة الثورة الثقافية الكبرى" وقد وصفتها الصين آنذاك بأنها "عشر سنوات من الكارثة" لكن من أوفر الحظ أن الأساتذة في المرحلتين الإعدادية والثانوية تركوا لي كامل الحرية لكتابة المقالات كيفما أشاء، وقد اقتربنا في مرحلة الطفولة من الشعر الصيني الكلاسيكي، والاشعار التي وردت في طيات الحكايات الشعبية، كما تعرفنا على جيل من الشعراء الأجانب أمثال: جوته وطاغور وبوشكين، وكان هذا إرثا شعريا لا غنى عنه، كما كان لهؤلاء الشعراء الفضل في اكتساب مهارات الكتابة الإبداعية. كما نجهل بالأدب الحداثي، وفي الثمانينات بعد حركة الانفتاح والإصلاح في الصين، طالعنا الشعر والروايات والمسرحيات الأجنبية وغيرها من الآداب والفنون الأخرى واستخلص من هذا أن ما يشهده الواحد من ظروف محيطة به ليست بملء اختياره.

على سبيل المثال، إذا اصبح مواطن أوكراني شاعرا في المستقبل، فلا يمكن أن يتحدث عما شهده من الحرب الروسية الأوكرانية، أو يحكي ما إذا كان لها من دور في بزوغ موهبته الشعرية أم لا، وذلك لأنه عاش طفولته الأولى في أجواء سلمية، لم تشهد حالة الصراع بين البلدين، ومن المحتمل أن يغدو المرء شاعرا في المستقبل، وهذا يعني أنه في ظل ظروف وخلفيات مغايرة من الممكن أن يغدو المرء شاعرا فوالدي معلمان، وربما كانت لأسرتي الصغيرة أثرا في تكويني الشعري، لكن ليس بالضرورة أن يحدث هذا فشقيقاتي الصغيرات لا تمتلكن موهبة الكتابة وأنا انظم الشعر، وزوجتي أستاذة جامعية وابني لا يمارس الكتابة الإبداعية وهذا يعني أن الكتابة أمر بمحض اختيار الكاتب فهي لا تعود إلى ظروفه المحيطة أو بيئة طفولته.

ما مواصفات الشاعر الحاذق والمتمرس من وجهة نظرك؟ وما معايير الشاعرية الحقة؟

لا يتحتم على الشاعر الحاذق المتمرس نظم قصائد متميزة فحسب، بل الأدعى من هذا هو أن يتحلى الشاعر بطموح كتابة إبداعية عظيمة الشأن ورفيعة المستوى تنطوي على معان ودلالات فلسفية سليمة، وصور غرائبية، وتعبيرات غير مألوفة، وهذه الأشياء كافة هي معايير الشاعرية الحقة التي يتعين على الشاعر أن يتمسك بها على مدار حياته لكن في الوقت ذاته علينا ادراك أن الصعوبة الحقيقية تكمن في وجدان المتلقي وذهنه، ومن ثم ينبغي أن تولج الكتابة الإبداعية إلى أعماق القلب، وتلمس أرق أجزاءه وتعبر عن المشاعر الإنسانية وتجسد مشاعر الطبيعة البشرية وتحدث دويا هائلا يتكرر مداه دونما انقطاع، وهذا يعني وجوب نظم قصائد يتفق عليها النقاد والقراء والشعراء وتوصف بالجودة وتنعت بالحسن، وتبلغ مرقاة التمام.

هل في مقدرة الشاعر تغيير العالم وإحداث فروق ملموسة؟

لا سبيل ليغير الشعر العالم في لمح البصر، فهو عديم الجدوى، وهو كما النسيم وكما المطر، له تأثيرٌ خفي، يتسلل إلى الأفئدة، وتعزف أنغامه وقوافيه على أوتار القلوب، كلما طال الوقت، زادت قيمته وعلا شأنه. وقد تم تدمير مباني صينية عتيقة على مدار آلاف السنين؛ بسبب الفيضانات والحرائق والحروب، وأسباب عديدة أخرى، ثم تم ترميمها على نحو متواصل إبان حكم الأسر المتعاقبة، ولم يكن السبب إزاء هذا الترميم، فنًا معماريًا رفيع المستوى أو تقنيات فائقة، بل كان السبب وراء ترميم وتشييد هذه البنايات هو الشعر. فعلى سبيل المثال تم بناء جناح "وانغ بوه" على غرار العمل الفني الكلاسيكي "مقدمة جناح وانغ بوه"، وكانت إعادة بناء "برج الرافعة الصفراء " على شاكلة قصائد لي باي وتسوى هاو في الثمانينيات. فالشعر في مقدرته البقاء في جنبات العالم، وليس قادرًا فقط على البقاء حًيا في طيات النصوص واللغات.

كيف تتبدى صورة المرأة في قصائدك؟

سأستعير هنا مقولة جوته في مسرحيته الشهيرة "فاوست الأنوثة الخالدة ترتقي بنا إلى العلا ". وهذا هو موقفي

الفعلي إزاء المرأة. أما عن صورة المرأة في أشعاري، فسأجيب عنها بكلمات أستاذة

النقد الأدبي الشهيرة "خه يان هونغ " بجامعة شنغهاي للتكنولوجيا، عندما نعتت قصائدي قائلة قصائد يانغ كه تتجلى بها صورة المرأة، وهذا ما لا يميزه عن غيره من الكثير من الشعراء فحسب، بل أنه أيضًا يجعل موضوعاته الشعرية، وطبيعة الحياة الفردية، والمدلولات الثقافية للجنس والأخلاق أكثر ثراءً وتعقيدًا وتفردًا.

وأظن أن الوعي الأنثوي في قصائد يانغ كه، هو ما يُطلق عليه "الوعى بالإلهة الأنثى ". فدومًا الحسناوات في قصائده عصريات وساحرات ومثيرات. ولطالما كان يانغ كه يتفنن في وصف المرأة، ودومًا مفتون بالهالة الروحية لها، وهو ما يعرف بـ "نكهة المرأة "، فنشعر أن ثمة تقديس للأنثى تحمله القصائد. فقد كتب يانغ كه الشعر الغزلي عن عارضة الأزياء الشهيرة الأمريكية سيندى كروفورد قائلاً: "الشعر ثائرٌ فوضوي/ والعينان متوهجتان/ والأنف مليحة/ والثغر واسع ممتلئ/ والشامة على الشفتين/ والجسد عدواني مثير/ والروح متمردة كمهرة جامحة دون زمام ". كما وصف الأميرة ديانا وهي تحتضن مرضى الإيدز، وتصوير نهديها كأنهما زوج من الحمام، يهتزان ويرغبان في التحليق، وشمس الغروب راحلة إلى المغيب. وبالتالي يتبدى للمتلقي أن الهالة المنبثقة من جسد المرأة، هي الجانب الرئيسي الذي يتبدى في قصائد يانغ كه التي تتغنى بالمرأة وحسنها. ومثل هذه الجوانب، سواء كانت رسمًا بالفرشاة أو رسمًا بالكلمات، تكون عبر الأخيلة والتصورات الشعرية، حسية، ودقيقة، ونابضة بالحياة، وتغدو كما لوحة فنية فاتنة، يتفنن الشاعر في رسمها، وإكسابها ألوان وظلال رائعة، وإيقاع موسيقي موائم.

أطلق عليك بعض النقاد لقب شاعر الشعب، فما السبب وراء هذه التسمية؟ وما يميزك عن أقرانك من الشعراء؟

على الرغم من أن كتاباتي ترتكن بشكل أساسي إلى تيار الحداثة، بيد أن روافد كتاباتي تستند دومًا إلى الحياة المعاصرة والحياة العصرية، ففي ظني أن الشاعر يتعين عليه أن يمتلك المقدرة على التعامل مع العصر، ويتدخل بمنظوره الشخصي البحت في العصر وقضاياه. فقد نظمت قصائد عن الطبقات الدنيا والمستضعفين في الأرض والفقراء والمعدومين، وعن حياة العوام ومعاناتهم وآلامهم، وكدهم وتعبهم وأنفاسهم الممزوجة بالتعب والمشقة، وعن روح التفاني التي يتمتعون بها. فأنا أقدم حالة التحضر مستندًا إلى وسيلة استماع محايدة، وأحسب أن المدن متحضرة إلى درجة ما، كما أن العامة في حاجة إلى حياةٍ آمنةٍ وهانئةٍ، فلا يمكن أن يكون مضمون القصائد وأغراضها قائمًا فقط على البلدات المعدمة التي تفتقر إلى الخدمات التعليمية والطبية. وربما ثمة سبب آخر وراء هذا اللقب، وهو قصيدتي الشهيرة المعنونة بـ "الشعب".

صرح الأستاذ "شيه ميان" الأستاذ بجامعة بكين وعميد معهد البحوث الشعرية بجامعة بكين قائلا: "إن اهتمام يانغ كه بالطبقات الدنيا، وتعاطفه مع الريف الصيني، جعل قصائده ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالريف الصيني، فحملت في طياتها نكهتي الأرض والشعب، كما أن القصائد حافظت على أواصر متينة وعلاقات وطيدة بين جنوب الصين والشعب". بينما قال الأستاذ "وو سه جينغ" إن قصيدتي يانغ كه المعنونتان بـ "ميدان مدينة تيان خه"، و "الشعب" قد حللتا الخطاب السياسي للميدان والشعب، وجسدتا بوضوح معايشة الواقع والحياة والواقعية، والالتزام بدور الشاعر المنوط به باعتباره ضمير المجتمع وصوت الشارع.

 كما يرى الناقد الشاب "خوه جون مينغ" أن شعري عميق المعاني ومترامي الغايات، "ويختلف تمام الاختلاف عن شعر أقرانه ومعاصريه المولعين باليوتوبيا، وانصهار الكلمات في بوتقة الشعر، بينما كان شعره دومًا حاضرًا في قلب المشهد وعمق الحياة الواقعية. كما أنه لم يكتف بتسليط الضوء على ملمس الحياة الواقعية الناعم بروحه الاستكشافية الخفية، ومراقبة ورصد الواقع المليء بالتناقضات الجلية، بل كانت له قدرة على الولوج إلى المكان والزمان بعمق واستمرارية" كما صرح قائلا" في نظري، يمتلك يانغ كه قوة الخيال التاريخية، ورغبة البحث عن الحقيقة " وسبق وصرح شاعر الضبابية الشهير يانغ ليان قائلا "يشبه يانغ كه والت ويتمان، فقد جسدت قصيدة "الشعب" محنة الكلمة التي تتكرر وتتهالك، وتظل تتأرجح حتى تغدو شريدةً بلا مأوى. هو لا يتقيد بدور النشر، ولا تكبله أصفاد الضعف الإنساني، بل تربطه صلة وطيدةٌ بالشعر وفضاء الحرية الذي يتواشج معه.. إن التأمل الذاتي العميق لهذا الشاعر، هو الملاذ الحقيقي للشعب الصيني وللثقافة الصينية. يانغ كه يشبه إلى حدٍ كبيرٍ ويتمان، ويرجع هذا التشابه إلى رؤيته الواسعة التي تمتد من تخوم الماضي إلى الحاضر الراهن، ومن ثمّ ما من ضرورة لتصنيفه وإنسابه إلى جيل بعينه" وهناك الكثير من هذه التقييمات، ومثل هذه الآراء، لذلك خلع البعض عليّ لقب «شاعر الشعب »، لكن هذا اللقب يشعرني بشيء من الخجل، فأنا في عيني مجرد عضو ينتسب إلى جماعة الشعراء الصينيين المعاصرين، وأظن أن من يكتبون عن الأماكن العامة نادرون إلى حد ما، فالغالبية يكتبون عن التجارب الذاتية ومناجاة الذات، ولا أنكر أنني أيضًا لدى أشعار تجسد تجارب ذاتية وإنسانية خاصة.

ما مدى معرفتك بالشعر العربي الذي تُرجم إلى الصينية؟ وهل أحببت ما قرأت منه؟

نطالع منذ الصغر "حكايات ألف وليلة "، وقد كان لهذه الحكايات تأثيرٌ بالغٌ داخل الصين، وكان بينها قصة "علاء الدين "، التي لا تزال حتى الآن معروفة لدى سائر العائلات الصينية؛ وذلك بسبب الفيلم الذي يحمل العنوان ذاته.

وفى عهد سابق كانت التقييمات والآراء حول رباعيات الخيام مرضية للغاية، كما أنها حظيت بترحيبٍ كبيرٍ من قبل النقاد، لكن الصينيين بما فيهم أنا، غير واضح لنا ما إذا كانت الأعمال الفارسية تنتمي إلى العالم العربي أم لا. كما أن المجموعة الشعرية الممهورة بـ "عزبتي حديقة" للشاعر السوري أدونيس، هي أكثر المجموعات الشعرية التي كان لها مردودٌ بالغ الأثر في السنوات الأخيرة

داخل الصين، فقد بلغ عدد مبيعاتها مئات الآلاف من النسخ. وذات عام، في عشية الإعلان عن الفائز بنوبل للآداب، استبق مستخدمو شبكة الإنترنت إعلان فوز أدونيس، ولا شك أن هذا دليل ساطع على حب القراء الصينيين له. وبدءا من ملاحم هوميروس وصولا إلى سائر الشعراء والشاعرات الحائزين على نوبل للآداب، بداية من ريكله في أوروبا إلى نيرودا في أمريكا الجنوبية، لا أكون أنا الوحيد الذي طالعت أشعارهم، بل هناك الكثير من الشعراء الصينيين ممن طالع أشعارهم أيضًا.

 ما أحب المجموعات الشعرية إلى قلبك؟ ولماذا هذه المجموعة على وجه التحديد؟

أجد صعوبة في تحديد المجموعة الشعرية المفضلة لديّ، وعلى الرغم من تقديري لجهود الشاعر "دو فو"، وأملي بأن أسير على نهجه في نظم الشعر التاريخي، بيد أن شاعري الأثير يبقى "لي باي"، والسبب وراء هذا الولع والإعجاب، هو روحه الطليقة غير المقيدة التي تنساب عبر أشعاره، ولغته الحية النابضة بالحياة، فهو يبحث دومًا عن المعاني أثناء نظم القصيدة، ويحطم أعمدة الوزن والإيقاع، وهذه السمات توائم ذائقتي الشعرية، مما يجعلني أشعر أنه شاعرٌ حداثي كلاسيكي في آن واحد  وإذا طُلب منى اختيار عمل وكاتب من جيل الثمانينيات، ترك بصمة  كبيرة في قلوب الكثيرين، فسأختار رواية "مائة عام من العزلة " لماركيز. وقد سبق لي وشاركت في مهرجان الشعر الدولي في مدلين، وهي المدينة التي التحق بها ماركيز بالمدرسة الثانوية، وكانت مكان جامعته أيضًا.

ماذا تفضل من القصائد؟ القصائد الطويلة أم القصيرة؟

في غالب ظني، أن القصائد القصيرة هي جوهر الشعر المعاصر، بينما القصائد الطويلة هي نتاج أدبي، ظهر قبل بزوغ فن الروايات الطويلة، ثم استبدلت وظيفتها بالروايات الطويلة الواقعية. إن نظم الشعر ليس في حاجة إلى خطط مسبقة أو أفكار متعاقبة ومتكررة، إنما الشعر هو سنا يضيء العالم، وهو شرارة الإلهام الذهني وهو تحفة فنية لن تتكرر.

تختلف أجواء وطقوس الكتابة من شاعر إلى آخر، ما طقوسك التي تساهم في تدفق إبداعك الشعري؟

اعتدت لفترة طويلة الكتابة في ساعة متأخرة من الليل، حيث السكون والهدوء، وتدفق الأفكار في يسر وطواعية دونما انقطاع، لكني الآن لم أعد أسهر حفاظا على صحة البدن.

هل نحيا في عصر الرواية أم في عصر الشعر؟ وما مستقبل القصيدة الصينية في ظل عصر الشعر الرقمي؟

نحيا في الوقت الراهن في واقع

افتراضي، ولا نحيا في عصر الرواية أو الشعر، بل نحيا في عصرٍ مرئي رقمي. في الوقت الراهن أعكف على كتابة مجموعة من القصائد، وستنشر في مقتبل العام المقبل، وتتناول جميعها الصناعات ذات التكنولوجيا الفائقة، في محاولة لتقديم رؤية شعرية مغايرة ومتفردة، وتكون إضافة فريدة من نوعها إلى مكتبة الشعر الصيني المعاصر، كما أنها ستوسع حيز الاهتمام بالحياة الرقمية الراهنة حتى تصل إلى آفاق الكون.

ما المشكلات التي تواجه ترجمة الشعر؟ وما المعايير التي ينبغي أن تتوافر في ترجمة الشعر؟

تمت ترجمة أعمالي إلى سبعة عشر لغة أجنبية، بينما بلغت ترجمة المجموعات الشعرية الكاملة ثماني لغات فقط، وبالنسبة لي إن مطالعة أعمالي المترجمة بلغات أجنبية، الأمر تمامًا كما مطالعة الكتب السماوية، فلا يمكنني الحكم بمدى جودة الترجمة ودقتها. إن الترجمة لا بد أن تنقل جوهر المعنى في لغة النص الأصلي، لكن في الوقت ذاته، تتمكن باقتدار من نقل المناخ الشعرى بلغة أجنبية أخرى، دون أن تُفلت المناخ العام للقصيدة.

كيف ترى بعض الأشعار التي تستعصى على القارئ فتح مغاليقها؟ وهل أنت من المؤيدين أو المعارضين لتلك الأشعار التي تنتمي إلى تيار الشعر الضبابي؟

مسألة الرفض أو الترحيب، أحسب أنها تخص القارئ أو المتلقي أنها مسألة وحده، وهو من يحددها وتقع على عاتقه مسؤولية الخيار. وقد صرحت من قبل أن الشاعر لا بد أن يتمتع بنتاجٍ شعري يحظى بتقييم النقاد المتخصصين، وفى الوقت ذاته، يكون ضمن نتاجه قصائد ترحب بها العامة.

والقصائد التي تغلفها حالة من الغموض والإبهام، بعضها قصائد رائعة تجسد معان سامية غير مبتذلة، وبعضها ينطوي على شيء من الغموض والتعقيد، يستعصي على القارئ فتح مغاليقه.

هل ثمة سؤال تود طرحه عليّ؟

أظن أن مشكلات الشعر تتبدى فقط أثناء مرحلة الكتابة، أما الحديث عن الشعر بعد مرحلة الكتابة، يصير غير صائب ويثير الشكوك. وأنا أرغب في التعبير عن خالص شكري وامتناني لك أيتها المترجمة المصرية، لما بذلتيه وتبذليه من جهود في ترجمة أعمالي الشعرية.