الخميس  21 تشرين الثاني 2024

نريد مرفأ

2023-08-14 01:30:22 PM
نريد مرفأ

تدوين-ذاكرات

نشرت جريدة فلسطين الصادرة في يافا في عددها 260 الصادر في 24 تموز من العام 1913 مقالة لرئيس تحريرها يوسف العيسى بعنوان "نريد مرفأ" يتحدث فيها عن مطالبة أهالي يافا بإنشاء ميناء في المدينة وإهمال الحكومة العثمانية لهذه المسألة.

وفيما يلي نص المقالة:

إذا ضنت الحكومة بأخبارها في أمور المملكة العامة فهي لا تلام لأن بيدها دفة السياسة وهي المسؤولة أمام الأمة عن كيان المملكة - وإما أن يكون لديها مشروع إقتصادي يخص أحدث المقاطعات - لا بل تتوقف عليه حياة تلك المقاطعة - وتمر السنون والمخابرة جارية بشأنه مع الشركات وأهالي تلك المقاطعة لا تعلم شيئًا عن مستقبلها المظلم ولا عن درجة هذه المخابرة. فذلك أمر لا تُعذر عليه حكومة من الحكومات. لم نطلع حتى الآن بطريقة رسمية على المخابرات الدائرة بين حكومتنا والشركات بشأن مرفأ يافا. ولكن الأخبار الخاصة اعلمتنا بأن لا أمل لنا بإنشاء هذا المرفأ. لا بواسطة الحكومة لأنها إذا استطاعت ذلك فضلت حيفا على يافا. ولا بواسطة الشركات لأن هذه تطلب ضمانة سنوية لا تسمح بها الحكومة، وأن الشركة الوحيدة التي يوافقها أخذ الامتياز وقد طلبته فعلاً هي شركة السكة الحديدية العثمانية بين يافا والقدس، ولكنها لا تقدم على العمل ما لم تضمن لنفسها بقاء الخط في يديها. وأن المخابرات بينها وبين الحكومة دائرة على هذه النقطة منذ سنة هذه هي الأخبار التي أخذناها عن مصادر وثيقة وذكرناها في حينها. ثم لم نلبث أن رأينا الجرائد تتناقل خبر وقوع الاتفاق على عمل مرفأ يافا. ثم حضر المهندسون وقاسوا البحر طولاً وعرضاً ورادوا عمقه وقدّروا علو أمواجه وسافروا والآمال تصحبهم، ثم بتنا نرقب ولادة الحامل من شهر إلى شهر ومن يوم إلى يوم ثم علمنا أخيرا أن الرياح جاءت على غير ما تشتهي السفن.

إن آخر ما علمناه من هذه الاخبار الخصوصية هو أن جاويد بك نزيل باريس الآن أبلغ هناك مركز شركة الخط الحديدي بين يافا والقدس بأن الحكومة ستشتري الخط وتستلمه. وأن الشركة على أثر ذلك عدلت عن فكرة إنشاء مرفأ ليافا وقطعت مخابراتها بهذا الخصوص. وعلمنا أيضاً من مصدر آخر أن الحكومة وطدت العزم على تمديد فرع الخط الحجازي إلى القدس وإحالة الخط بأجمعه إلى شركة ألمانية تستثمره وتنشئ لها مرفأ في مدينة حيفا. وأن هذا هو السر في رفض المرفأ على يافا وعدم ترك خط (يافا - القدس) في يدي الشركة الفرنساوية الحالية، فإن صحت هذه الأخبار ولا نخالها إلا صحيحة تكون حكومة الأستانة ضحت هذه المدينة وهذا اللواء على مذبح إنجاح وتكثير الدراهم التي ترد على صندوقها من الخط الحجازي لا أكثر ولا أقل. إن عزم الحكومة على شراء السكة الحديدية عندنا أمر يسرنا ويسر كل عثماني يرى دولته شعرت بثقل وطأة المشاريع الأجنبية على كاهلها. ولكن الذي يدخل الشك على الأفكار هو أننا نرى هذه الحكومة لم تزل تبيع المشروع إثر المشروع وتجدد امتياز ما انتهى منهما كما فعلت بالفنارات وشركة حصر الدخان مما يدلنا على أنه توجد يدٌ أجنبية تحث الحكومة على مشترى هذه السكة لتستلمها منها بعد أن تستلمها هي من الشركة الفرنساوية. وهو أمر لا يهمنا وإن كان لا يسرنا. ولكن المهم في كل ما ذكرناه أننا سنبقى بدون مرفأ. هذا ما تكتمه الحكومة عنا جئنا نظهره لمواطنينا. ويا لخجلهم: بل يا للعار اللاحق بمدينتهم إذا هم لم يرفعوا الصوت ويلعلعوا قائلين: نريد مرفأ نريد مرفأ إلى أن يحصلوا على ما يريدون على أية طريقة كانت.