تدوين- تغطيات
على هامش معرض فلسطين الدولي للكتاب، عقدت عائلة وأصدقاء الأسيرة إسراء الجعابيص ندوة إشهار كتابها "موجوعة" الصادر حديثا في حيفا، حيث أعده المحامي الحيفاوي حسن عبادي، وصمم الغلاف الفنان ظافر شوربجي.
وتخلل ندوة إشهار الكتاب التي أدارتها الأسيرة المحررة سلام أبو شرار، كلمة لإسراء كتبتها في سجن الدامون بتاريخ 10 أيلول الجاري، ألقتها شقيقتها منى الجعابيص، بالإضافة إلى مداخلات لأسيرات محررات، وحقوقيين، والكاتب فراس حج محمد.
ومما جاء في كلمة إسراء: "رسوماتي تعبر عن كل شيء لا أستطيع قوله و"موجوعة" هو أناي، أناي ليست كلمة تعبر عني أنا وصرخة امرأة فقط بل هي شعوري المنغمس بالألم والأوجاع، "موجوعة" هي أناي التي تكتب بالقلم المرتجف دون أن يجف، وكتبت واياه سويا فضفضات موجوعة، في كتابات بعضها ليست دقيقة نحويا بالفصحى، ولا تملك صفة التقرير، ولا أراني ممن تتوفر لديها الحروف الهجائية، إلا وتكون مبعثرة في كلمات عشوائية، ولا أراني ممن تنطبق عليها صفة الأديبة، التي تكتب بشكل حرفي ولست بعقلية الباحث التي تسير على منهجية البحث بكل دقة، هذا الإصدار هديتي المتواضعة بمناسبة عيد ميلاد فلذة كبدي المعتصم بالله وشكرا لكم جميعا".
من جانبه، قال المحامي علي أبو هلال في مداخلته: إن الحديث عن إسراء الجعابيص حديث له تأثير ووقع عميق جدا في نفس كل إنسان حر، لأن ما تعانيه الأسيرة منذ اعتقالها عام 2015 حتى الآن، يفوق القدرة البشرية، فهي تعرضت لحروق في كل أنحاء جسمها نتيجة إطلاق الرصاص عليها وانفجار أنبوبة الغاز التي كانت تحملها بالصدفة".
وأضاف: لقيت هذه المناضلة تعاطف كل أحرار العالم وفلسطين، إلا السجانين وحكومة الاحتلال وجيشه ومؤسساته بما فيها القضاء، الذي هو جزء من منظومة الاحتلال ويأتمر بسياسة القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية".
وتابع: "دليل على هذا أنه عندما توجهت عائلة المناضلة إلى محكمة العدل العليا في أيار 2022، للسماح لها بإكمال علاجها وهي بحاجة إلى ثماني عمليات جراحية وأوصى بذلك كثير من منظمات حقوق الإنسان والأطباء، إلا أن المحكمة رفضت طلب الأطباء".
من جانبه عرج الكاتب فراس حج محمد على أهمية هذا الكتاب بشكل خاص، وكتب الأسرى بشكل عام، إذ قال: " كل كتب الأسرى والأسيرات لها بعد توثيقي للحظة التاريخية التي يكون فيها الأسير في داخل السجن، فلكل لحظة تاريخية أبجدياتها وظروفها، وعندما يكتب الأسير أو الأسيرة هذه اللحظة فهم يجسدوها في تلك الفترة، وتظل الكتابة شاهدا على ذلك حتى بعد تحررهم".
وأشار حج محمد إلى أن الناحية لتوثيقية تشمل جوانب فكرية ونفسية، هذا لأن اللغة لها جانب نفسي يختلف عند استعادته عن الكتابة في حينها.
أما الأهمية الثانية وفقا للكاتب، فهي أن كتابات الأسرى بشكل عام لها أهمية وحضور وطني، لذلك عند مناقشتها، لا يحكم عليها أدبيا؛ لأن النقد الاجتماعي يأخذ بعين الاعتبار البيئة التي ينشأ فيها النص، فبيئة السجن لها ظروفها الخاصة، لذلك لها نصها الخاص، ولا يجوز الحكم على كاتب يكتب كتابا وهو في حالة ارستقراطية وبرجوازية وبالقلم الذهبي كمن يكتب في السجن.
وفيما يتعلق بكتاب الأسيرة إسراء الجعابيص، اعتبر حج محمد أنه يأخذ شكل "الكولاج" حيث جمعت فيه الأسيرة من كل فن أغنية، لذلك هي تسوق نفسها أدبيا أو فنيا أو إنسانيا للعالم الخارجي لتقول "إنني أكتب البحث العلمي، الخاطرة، الرسالة، والحوار وأرسم وأعبر بكل وسائل التعبير".
أما المحامي حسن عبادي: فقال في كلمته: "التقيت بإسراء للمرة الأولى بتاريخ 17 آب 2021 في قلعة الدامون وزرتها ثماني مرات من خلال مبادرتي للتواصل مع الأسرى ومع حرائر الدامون، مبادرة تطوعية دون مقابل، ويوم الأحد كان اللقاء رقم 227 مع الأسيرات والأسرى، حدثتي مطولا عن وضعها الصحي ومعاناتها والإهمال الطبي وحرمناها من تلقي العلاج لسنوات طويلة".
وأضاف: كانت إسراء دون أصابع ووجه مشوه يطوق العلاج، وتشنجات متواصلة، حدثتي عن التعلم في جامعة القدس المفتوحة وبحثها حول الإهمال الطبي، وفرضيتها بأن هنالك عقوبة تمارس ضد الأسرى والأسيرات وعلاقة جدلية بين الإهمال والعقوبة". كما قرأت على مسامعي نصوصا كتبتها وقالت لي ذات لقاء "نحن الأحياء في قبور أسسها السجان لتكون وفق استطاعتنا في تحويل هذه القبور إلى جنان، نهرب من واقع الضجر إلى واقع الأحلام لنبني ونؤسس جنة الصمود".