الإثنين  29 نيسان 2024

قراءة في رواية "مواقد الذكرى" للروائي أحمد حرب

مداخلة الناقد إبراهيم أبو هشهش في حفل اطلاق رواية مواقد الذكرى

2023-10-04 11:34:54 AM
قراءة في رواية
د. أحمد حرب ود. إبراهيم أبو هشهش

تدوين- آراء ومدونات 

قدم الناقد والمترجم إبراهيم أبو هشهش، قراءة في رواية "مواقد الذكرى" للروائي أحمد حرب، التي صدرت مؤخرا عن دار الناشر في رام الله والدار الأهلية في عمان، في حفل إطلاقها الذي عقد أمس في مؤسسة عبد المحسن القطان برام الله.

يقول د. حرب: "لم أشأ أن أسميها سيرة أو رواية، ولم أشأ أن أعطيها أي تصنيف أدبي معين، وهذا من منطلق واعٍ ومن فهم للشيء الذي أكتبه، وبالتالي كانت أول عتبة على الرواية "سمها كما شئت سيرة أم رواية أم قبضة من زمن مفقود"، لأنه في تقديري هناك سوء فهم وتعميم بالمفاهيم في السيرة والرواية".

وتعليقا على هذا قال د. أبو هشهش: "الحاسم في أن تسمى سيرة أو رواية ليس أن يكتب هذا على الغلاف، إنما هو القناع الدرامي الذي يفصل بين الاسم الصريح المسجل على الغلاف، وبين السارد في داخل العمل الفني، هذا القناع هنا رقيق ويكاد أن يتلاشى".

ويرى أبو هشهش أن "الرواية نفسها هي جنس نثري لا شكل لها؛ لأن كل رواية تشكل شكلها الخاص وهي تجاوز لغيرها من الروايات بقدر ما هي متشابهة. والسحر الذي في هذا العمل نابع من حديثه عن الطفولة سواء بشكل مباشر أو من خلال ذاكرة الأم، التي تحتل الخمسين صفحة الأولى".

ويضيف: "في الرواية أي حديث عن الطفولة هو حديث غير خلافي، لأن الطفولة غير مؤدلجة ولا تحمل فكرا معينا يمكن أن نختلف معه. كما أنه لا يمكننا نحن كقراء ومتلقين أن نشارك أي طفل تجربته. لذلك تجربة أي طفل هي تجربة فريدة، في حين أنه لو تكلم عن تجربته الحزبية أو تجربته السياسية أو الإدارية سيكون هناك موضع مساءلة؛ لأننا نشاركه هذه التجربة وحينئذ سنقيسه بالحقيقة والانحراف عن الواقع.

والتجربة التي رواها هذا الطفل سواء بلسانه أو من خلال ذاكرة والدته هي تجربة حدثت في الواقع لكنها تعرضت من خلال استعادتها إلى عملية منتجة أي أنها تعرضت إلى عملية حذف وإضافة وإعادة إنتاج، والتعبير عنها أيضا بمكتسبات سردية اكتسبت لاحقا وليس من خلال التجربة، وفقا لأبو هشهش.

ويرى الناقد أن ما يميز الأعمال السردية أنها تجربة ذاتية مرتبطة بالزمن الذي هو لغوي افتراضي في هذه الأعمال، يتحرك من خلال الأفعال اللغوية، يتقدم أو يتأخر باستخدام الأفعال الماضية أو المضارعة أو التي تدل على المستقبل، كما أنه زمن أحادي يحدث بشكل منعزل عن الأزمان الأخرى.

وما نتابعه في سيرة هذه العائلة التي جاءت ليست فقط على مفترق جغرافي يفصل أجزاء فلسطين بعضها عن بعض كما حدث بعد عام 1948، لأنها تقع في منتصف المسافة تقريبا بين الخليل وبئر السبع. وصارت أغلب أراضيها الخصبة التي كانت تعود إلى هذه العائلة جزءا من الأرض الحرام التي يمنع الرعاة والمزارعون من الدخول إليها، أو من خلال زمن الأحداث الذي جاء في هذا المفصل في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينات. ثم الجزء الثاني من العمل السردي، وهنا نحن نشترك مع الكاتب في تجربة بعضنا عايش هذه الحرب ويقيس تجربته بتجربة هذه لكنها تبقى تجربة فريدة، لأنها مروية بشكل خاص، وفقا لأبو هشهش.

ويرى الناقد أن هذا الميل الفلسطيني لكتابة السيرة الذاتية هو نوع من التأريخ من خلال التاريخ المصغر أو ما يسمى "المايكرو كوزم" يعني إلى جانب التاريخ الرسمي الكبير الذي يسجل في الكتب وفي المراجع التاريخية. هناك تاريخ مصغر يكتبه كل شخص، وهذا الذي يفسر من ناحية ميل الفلسطينيين في المدة الأخيرة إلى كتابة السيرة الذاتية. ومواقد الذكرى هي تجربة فلسطينية بامتياز؛ لأنها أرخت لجزء أساسي من تاريخ شعبنا، نكبتنا وهزيمتنا ومن أحلامنا الوطنية.

في رواية "مواقد الذكرى"، كان الكاتب يقطع السرد حتى لا يوهم القارئ أن هذا السرد هو مستمر وروائي، كان يقطع بقصد ويعلق تعليقات بين الحين والآخر، ليذكرنا بنفسه أي بالسارد الصريح.