تدوين- سوار عبد ربه
يقول الزعيم الشيوعي الصيني ماو تسي تونغ: "يجب جعل الأدب والفن جزءًا فعالا من جهازنا الثوري، ليصبحا سلاحا قويا، به نوحد ونثقف شعبنا، ونهاجم ونحطم العدو"، في حين يقول المتنبي: "حتى رجعت وأقلامي قوائل لي.. المجد للسيف ليس المجد للقلم".
فتح مهرجان جرش الأردني، النقاش على مصراعيه فيما يتعلق بماهية الفن ومعناه ضمن مفاهيم المواجهة الشاملة، التي تتعدى البنادق والحجارة والأسلحة الحربية، وأخذت الجماهير تشكل نفسها ضمن ثلاث فئات، الأولى أيدت قرار الحكومة الأردنية إقامة فعاليات الدورة الثامنة والثلاثين للمهرجان في موعده المحدد على أن يكون بصبغة تبرز القضية الفلسطينية، والثانية، عارضت إقامة المهرجان في ظل حرب الإبادة على قطاع غزة، أما الأخيرة فهي التي ترفض أي مظهر من مظاهر الحياة وتطالب سنويا بإلغاء المهرجانات بذريعة أنها لا تتناسب مع العادات والتقاليد الإسلامية المحافظة، فأخذت من حرب غزة هذا العام غطاء تبرر فيه مطالباتها السنوية.
ولهذا، التقت تدوين، بمجموعة من الأدباء والشعراء، لاستمزاج آرائهم حول المهرجان كفضاء ثقافي تشكل غزة جزءا يسيرا من فعالياته هذا العام، ودعوات المقاطعة التي تنظر إلى مواصلة الفعاليات في ظل حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، على أنها رقص على جثث الشهداء، وكذلك عن دور المثقف العربي في المرحلة الراهنة، كمكون فاعل ضمن معركة الوعي والسردية والهوية.
يقول الكاتب الأردني صالح حمدوني، حول جدل إقامة المهرجان، إن "الوسط الثقافي تفاعل مع مسألة إقامة المهرجان، فكانت هناك دعوات من مجموعة وازنة من المثقفين والفنانين والكتاب تطالب بإلغاء هذه الدورة منه، والمبررات معروفة ومُعتبرة؛ المذبحة التي يتعرض لها أهلنا في غزة والمزاج الشعبي العام المتضامن، وكموقف وطني يُجمع عليه الجميع".
بالمقابل كانت هناك دعوات وازنة تطالب بتحويل المهرجان من صيغته المألوفة الواسعة إلى مهرجان يُؤكد على الموقف الوطني والقومي، باستضافة فعاليات تراثية وفنون شعبية وأمسيات ثقافية، تعكس الموروث الشعبي وتؤكد على سمات الهوية الوطنية لشعوب المنطقة العربية، وهو ما ينسجم مع الفهم الثقافي المقاوم، وفقا لحمدوني.
وأضاف: "الآن نحن أمام حقيقة أن المهرجان قائم بقرار رسمي، هذا القرار وضع المثقف أمام خيارين، إما المشاركة وإما المقاطعة، وكل خيار له مبرراته المنطقية والمقبولة أيضا".
أما الشاعر الأردني سمير القضاة، وهو أحد المعتذرين عن المشاركة في الفعاليات الشعرية للمهرجان، فأوضح: "اعتذرت عن المشاركة لأني كنت أفضل عدم إقامة هذه الدورة من المهرجان، لأن الأجواء النفسية والعاطفية مشحونة ولا تتحمل أي نوع من أنواع مظاهر الحياة الطبيعية التي تتضمن الفرح أو الموسيقى أو الغناء".
وأضاف: "رغم اعتذاري لكني لا أدين أو أهاجم أي من الزملاء والزميلات الذي سيشاركون خاصة وأن المشاركين وغير المشاركين كلهم من "المتطرفين" في مواقفهم السياسية من معاهدات السلام مع الكيان الصهيوني وفكرة التطبيع معه، وكل ما يتعلق بالعلاقة مع الكيان الذي يحتل بلادنا".
وتابع: "من أراد المشاركة رأى أن تقديم الأشعار في المهرجان هو نوع من أنواع الدعم الثقافي والأدبي للقضية الفلسطينية وتحية للشهداء ولصمود الأهل في فلسطين المحتلة، والذين رفضوا المشاركة هم رفضوها على اعتبار بأنه وقت غير مناسب لإقامة أي فعاليات في ظل الحرب الغاشمة وجريمة العصر".
من جانبه، قال الكاتب الأردني سامر المعاني إنه من مناصري الفريق الذي ذهب باتجاه أن يكون المهرجان وطنيا قوميا، يمتثل لفكرة أن الكلمة مقاومة، فيظهر مهرجانا عربيا نصرة لفلسطين وشعبها ورفضا لكل أشكال الدمار والقتل في الضفة الغربية وقطاع غزة.
أما الفريق الذي يعارض إقامة المهرجان فله أسبابه وفقا للكاتب؛ إذ يوجد تخوف لديهم من احتواء المهرجان على مسارات غنائية ورعاية لشركات أجنبية كما هو الحال في الأعوام السابقة، موضحا أن ما يتم تداوله من صور ومقاطع فيديو لشركات تندرج في قائمة المقاطعة لدعمها للاحتلال ما هي إلا مغلوطة، الأمر الذي نفته إدارة المهرجان في بيان قالت فيه: "لا صحة لما يتم تداوله عبر منصات التواصل حول أسماء الشركاء والرعاة الرسميين، مشيرة إلى أن جميع الداعمين والرعاة لهذا العام مؤسسات وطنية أردنية، ولا توجد شركات داعمة للاحتلال".
وتنطلق فعاليات المهرجان في الفترة الواقعة بين 24 تموز الحالي حتى 3 آب المقبل، تحت شعار "ويستمر الوعد"، وسيخصص ريع تذاكر الدخول للهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، إضافة إلى اقتطاع مبالغ مالية من ثمن اللوحات التي ستباع في معرض الفن التشكيلي لفنانين عرب، دعما لجهودها الإغاثية وخصوصا في قطاع غزة، وفقا لبيان إدارة المهرجان.
من جانبها، قالت الشاعرة الأردنية إيمان العمري إنه ورغم الجدل الكبير بين المؤيدين والمعارضين لإقامة المهرجان ومن ثم جدلية المشاركة، إلا أنه سيقام بموعده المحدد، موضحة أن كلا الجانبين يحمل وجهة نظر يذود بها ويقدمها ولكن اللافت أن أصوات المعارضة كانت هذه المرة أقوى للحد الذي تضاءلت وتقزمت حجج المؤيدين أمام انسحابات بالجملة للشعراء المرشحين للمشاركة والذي تبين أن بعضهم لم يستشار أصلاً في المشاركة.
أما الكاتب الفلسطيني المقيم في الأردن جهاد أبو حشيش فقال: "المثقف الحقيقي يرتهن لموقفه الذي يراه فاعلا في خدمة القضية التي يؤمن بها، وإلى دوره وموقعه في هذا كله، وفي أمر المهرجان اختلفت الرؤى لدى الكتاب والمثقفين الأردنيين، فمن هم مع المشاركة، يرون أن إغلاق المسرح الجنوبي، ودعوةَ مارسيل وبعضِ الأسماء التي تقدم فنًّا ملتزماً، وتخصيص الريع لدعم الأهل في قطاع غزة، هو أمرٌ متقدم ومناسب ويتساوق مع اشتراط الرابطة لإلغاء فعاليات الغناء والفرح، من أجل مشاركتها".
أما الكتاب والمثقفون الذين أعلنوا مقاطعتهم للمهرجان، فيمكن تلخيص موقفهم بالتالي، "لا نتهم، ولا نخون، ولكن وجع غزّة ووجعنا على غزّة لا يسمح لنا بأن نحتفل"، وهنا يطرح من هم مع المشاركة سؤالاً مشروعًا، لماذا يشارك الشعراء والكتاب في أمسيات وندوات خاصة هنا أو هناك؟ فيجيء الرد، إن لكل مقام مقالاً، وإنَّ الأمر في غير وقته ومكانه يفقد وزنه ومكانته"، وفقا لأبو حشيش.
مختلفة أم مختصرة؟
مدير مهرجان جرش، أيمن سماوي، قال إن الدورة الثامنة والثلاثين للمهرجان ستحمل شعار "ويستمر الوعد"، لافتا إلى أن الدورة الحالية وانطلاقا من هذا العنوان العريض ستكون مختلفة ومميزة، وذلك لأمرين أولهما أنها تتزامن مع مناسبات وطنية أردنية مهمة مفصلية، أما الأمر الثاني فهو استمرار التضامن الأردني مع أهل فلسطين لا سيما في ظل العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة.
وفي سؤال حول ما إذا كانت هذه التغييرات في برنامج المهرجان تندرج في إطار محاولات امتصاص غضب الشارع الأردني تجاه المهرجان، أم أنها تأتي في سياق ما يكرس مفهوم المقاومة الشاملة التي تشكل الثقافة جزءا أساسيا فيها، أوضح الكاتب صالح حمدوني أن فعاليات هذه الدورة ليست مختلفة كما يروّج، هي فقط مُختصرة فإلى جانب البرنامج الثقافي هناك فنانون معروفون بأغانيهم الوطنية الملتزمة، وتقديمهم لمختارات من التراث الأردني والفلسطيني، وهناك أمسيات موسيقية وعروض مسرحية وغير ذلك، ونلاحظ أن هذه فعاليات عادة ما تكون موجودة في الوضع الطبيعي، لذا اقول هي اختصار للفعاليات وليس اختلافا".
أما من غاب عن فعاليات المهرجان هذا العام هم فنانو "الفن الساذج والسطحي، وفن النطنطة"، كما وصفهم حمدوني، منوها إلى أن الفعاليات المختصرة ما هي إلا "محاولة لامتصاص غضب الشارع والسير مع التيار ولو شكليا".
أما الكاتب جهاد أبو حشيش فقال: "ما يعني إدارة المهرجان في المقام الأول هو إقامة المهرجان ضمن الرؤية والأهداف المعدة له سلفًا، وأي تعديل، سيكون بالضرورة من أجل إنجاح المهرجان وعدم عرقلته، دون أنْ يمس هذا بجوهر رؤية القائمين على المهرجان، ومن هنا جاء إغلاقُ المسرح الجنوبي، ودعوةُ مارسيل وبعضُ الأسماء والفرق "الملتزمة" من أجل تحقيق حالة ولو شكلانية من التوازن بين ما تراه إدارة المهرجان وبين ما تراه الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب الأردنيين. لكن هل سيتحقق هذا الشرط أم لا، هذا أمر آخر، ستجيب عليه الوقائع".
مهرجان جرش انطلق للمرة الأولى عام 1980 بمبادرة من جامعة اليرموك، قبل أن يتحوّل إلى مهرجان رسمي، وافتُتحت دورته الأولى عام 1981، وأصبح فعالية سنوية تقام في مدينة جرش الأثرية خلال أشهر الصيف، ويشمل فعاليات فنية وأدبية وثقافية من مختلف أنحاء العالم. وسبق أن تم إلغاء المهرجان عام 1982 بسبب تزامنه مع اجتياح الاحتلال للعاصمة اللبنانية بيروت.
من جانبه، قال الشاعر سامر المعاني إن إدارة المهرجان ووزارة الثقافة لا تنفصلان عن الدولة الأردنية والشعب الأردني الداعم الأول للقضية الفلسطينية والأهل بغزة بشكل خاص من أول يوم للعدوان وقد غيرت إدارة المهرجان عنوان المهرجان لأول مرة حيث أصبح و"يستمر الوعد" وقد استجابت لكل الملاحظات لكي يعبر المهرجان عن هوية أردنية قومية في جميع الأجناس الأدبية والفنون وقد خصصت عدة فعاليات للحديث عن القدس وغزة وكل فلسطين بالإضافة للمكان الأردني واليوبيل الفضي للملك.
وأضاف: "لم تقصر الأردن في تقديم العون للأشقاء في فلسطين حتى تمتص غضب البعض ومن ينكر دور الأردن فهو جاحد وحاقد، فالأردن سيف وقلب فلسطين وما قدم وسيقدم من عون أكثر بكثير من ريع مهرجان جرش".
وترى الشاعرة إيمان العمري أن "غزة تدفع من دمها الخاص الضريبة عن كل العرب وهذا ما يدركه الأردنيون الشرفاء بمعزل عن قرارات الحكومة التي حالها كحال حكومات العرب بشكل عام في انفصالها عن الرأي الشعبي الذي هو بواد وقرارات الحكومة بواد آخر، إذن لا نأخذ فقط رأي المثقفين والشعراء بل أيضاً هو رأي شعبي الأولى أن يقوده الشعراء في مقاطعة مشهد ترفيهي فني".
ليكن لغزة
وكانت رابطة الكتاب الأردنيين قد أصدرت بيانا طالبت فيه بتحويل كل فعاليات المهرجان إلى فعاليات وطنية وقومية تعكس تطلعات الشعب الأردني، ونضال الأشقاء وتؤكد ثوابت الأمة في اعتبار قضية فلسطين قضية وجود لا حدود، وصولاً إلى الأهداف القومية العليا للوطن والأمة، منبهة أن الرابطة ستكون مضطرة إلى مقاطعة المهرجان جملةً وتفصيلاً، ما لم يكن التوجه الوطني والقومي في هذا الاتجاه.
وفي هذا الجانب قال الكاتب سامر المعاني إن رابطة الكتاب الأردنيين طلبت من إدارة المهرجان بعض المطالب كونها عضوا في الهيئة العليا للمهرجان منها تغيير عنوان المهرجان وإلغاء المسرح الجنوبي وأن تكون الفقرات وطنية قومية مساندة لقضيتنا الأولى وهي القضية الفلسطينية من خلال الشعر والقصة والفنون والفرق والمسرح الجاد وليكون جرش 2024 لغة الأحرار ورفض السكون العالمي الذي لا يحمل قداسة لدم الأطفال والنساء وغيابه عن دعم ونصرة الشعب الأعزل الذي اغتصبت دياره وتشتتت أركانه.
وأكد أن الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب الأردنيين تتابع بكل جدية الاتفاقيات مع إدارة المهرجان ووزارة الثقافة بالتركيز على أن هذا العام مهرجان جرش مهرجانا يتركز على ثوابت وطنية وقومية يخلو من كل مظاهر الاحتفالات احتراما لدم الشهداء وذويهم في فلسطين شقيقة الأردن دائما وأبدا.
وأوضح الكاتب صالح حمدوني أن الرابطة طيلة مسيرتها خلال 50 عاما، كانت الرابطة جزءا أصيلا من المشهد الثقافي الداعم للمقاومة والمساند لنضال الشعب الفلسطيني، وكانت على الدوام مشتبكة في الدفاع عن الوعي الوطني والثقافة الملتزمة، وكرس عدد كبير من أعضائها جهودهم لفضح ممارسات الاحتلال الصهيوني، ليس خلال الحرب القائمة ضد أهلنا في فلسطين، بل على مدار الصراع العربي الصهيوني، وفي مختلف مراحله.
وبحسب حمدوني، فإن الرابطة طيلة السنوات الأربع الماضية تبنّت مبادرة أسرى يكتبون، وهي المبادرة التي أطلقها المحامي الحيفاوي حسن عبادي لتضيء على الأدب الذي يكتبه الأسرى في سجون الاحتلال، فعقدت في الرابطة أكثر من 29 ندوة تم الاحتفاء خلالها بعدد كبير من كتب الأسرى الأدبية والفكرية.
ويرى الكاتب جهاد أبو حشيش أن "الرابطة دأبت ومن خلال هيئاتها الإدارية المتعاقبة على الاضطلاع بدور ريادي وتقدمي في الوقوف مع الأمّة ودعم قضاياها، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وهذا دور يجب عدم إغفاله بغض النظر عن التفاوتات بين هيئة وأخرى، في تفعيل هذه المواقف".
أما على صعيد الهيئات الإدارية ولجانها المعنية في الرابطة، فلم تقم بتفعيل دور حقيقي وريادي على هذا الصعيد، إذ لم يتجاوز الأمر فعاليةً ضيقة هنا أو هناك، وفعالياتٍ مناسباتية احتجاجية غالبا، ولا علاقة لها بتعزيز وتجذير الرؤى الفاعلة والمساندة والتوعوية، فما يمارس هو دور ما زال متأخرًا عما تمارسه الجماهير بتلقائية، بحسب أبو حشيش.
أما الشاعرة الأردنية إيمان العمري فترى أن المشهد الشعري ضمن ما يرى من طوفان دموي غير مسبوق على الساحة الفلسطينية في غزة يجعل من القصيدة سلاحا ليس له ذاك الحضور المزعوم أو التأثير المرتجى فالتوجيه الإعلامي والماكينة الإعلامية تصنع لخدمة المشهد الفني وليس هناك حتى جمهور لهذه الأمسيات والتي غالبا ما تقتصر على الشاعر وأصدقائه.
وأشارت الشاعرة إلى أن اسم جرش له وزن وسطوع ولكن ليس في عالم الشعر وهذا ما تدركه الرابطة والجهات الثقافية الأخرى ولذلك الإحجام عن المشاركة لأجل غزة سيكون له الأثر الإيجابي الأكبر في الرأي الأردني وفي الساحة الثقافية، فعدم المشاركة فعلٌ ثقافي أكبر بكثير من صدى المشاركة.
ارتباك في موقف الرابطة
على إثر المجزرة التي ارتكبها العدو الصهيوني في مخيم المواصي "خان يونس"، نظمت وقفة عامة، شارك فيها رئيس رابطة الكتاب الأردنيين، وخلالها أعلن ضرورة العمل على تعليق كل المهرجانات والاحتفالات في الأردن أسوة بالقرار الذي تم اتخاذه في الجزائر.
وتعقيبا على هذا قال الكاتب جهاد أبو حشيش، إنه فيما يخص الهيئة الإدارية الحالية للرابطة، فمن الواضح أن الارتباك ومحاولات عدم الوقوع عن الحبال هي العنوان الرئيس لهذه المواقف، فمن جهة صدر البيان الذي وافق عليه جميع أعضاء الهيئة الإدارية باستثناء الدكتور أمجد الزعبي، ومن جهة أخرى يخرج رئيس الرابطة ليعلن ما أعلنه خلال الوقفة دون أن ينعكس هذا على قرار الهيئة الإدارية الرسمي. كما لوحظ تصريح بعض أعضاء الهيئة الإدارية بأن موقفهم الشخصي مع المقاطعة حتى وإن وافقوا على بيان الرابطة ووقعوا عليه. مما يميع المواقف ولا يجذرها، ولا يؤثث لمصداقية.
ويتساءل أبو حشيش "كيف سنذهب إلى خلق التفاف حقيقي حول مواقف الرابطة الداعمة لأهلنا في قطاع غزة وفي فلسطين كافة ونحن نقف لنتمحص حقيقة موقفين لشخص واحد، مشيرا إلى أن الأهم من ذلك كله، هو تفعيلُ دور حقيقي وريادي للرابطة بوصفها المؤسسة الممثلة للكتاب، وعدم الاكتفاء بفعل رمزي من باب رفع اللوم والعتب. من هنا يبدأ التفكير بما هو أبعد من المشاركة في جرش أو مقاطعته، وتعي إدارتها معنى وجودها حيث المقاومة عملية طويلة ومركبة عمادها الثقافة والفكر".
المثقف والحرب والدور المناط به
ختاما، وبعد هذه الآراء المتباينة والتي لكل منها مسوغه كان لا بد من طرح سؤال حول دور المثقف العربي في ظل حرب الإبادة، وكيف يمكن أن ينخرط في معركة صناعة الوعي ومجابهة السردية الصهيونية.
وحول هذا قال الكاتب سامر المعالي: "لا بد للمثقف العربي أن يتحمل دوره كصاحب موقف ورسالة ويذهب بحرفه وصوته ليطرق كل المنابر والأبواب محليا وعربيا وعالميا للوقوف على الحقيقة والتي لا تحتمل الشك والتخمين بأن في هذه الحرب جرائم إبادة عرقية تنتزع من سكان الوطن الأصليين حقهم بعيش كريم كباقي شعوب العالم بدعم خارجي يحاول بكل قوته صمت وإخماد كل الأصوات المطالبة بنصرة الشعب الفلسطيني الذي يعاني منذ أكثر من 76 عاما ويلات الشتات والحصار والسجن والقتل".
وأضاف: "لا بد أن يصل الصوت والصورة كل أرجاء الكون من عدة أبواب وطرق كالترجمة وكل وسائل التكنولوجيا ليصل صوت الشعب الفلسطيني كل شعوب الأرض المخدوعة بإعلام سياسي موجه وكذاب".
أما الشاعر سمير القضاة فقال: "من لا يحمل بندقية اليوم يحمل لسانا وعقلا وفكرا وقلما يستطيع به أن يشحذ الهمم، همم الأهل في فلسطين على الصمود والنضال، والبقاء على أرضهم، فالمثقفون كلهم مناصرون لإخوتهم في فلسطين بالكلمة والحماس للصمود وتخليد فكرة الشهادة لدى هذا الشعب والشعب العربي عموما، ولكي تبقى الأجيال القادمة جميعها تعرف أن هناك حقا سيعود غير منقوص لأهله في فلسطين".