الجمعة  11 تشرين الأول 2024

كريم عبدالسلام في ديوان جديد بعنوان "أكتب فلسطين متجاهلاً ما بعد الحداثة"

2024-09-25 08:24:35 AM
كريم عبدالسلام في ديوان جديد بعنوان
غلاف الديوان

تدوين- إصدارات

صدر حديثا عن دار يسطرون للنشر والتوزيع ديوان أكتب فلسطين متجاهلا ما بعد الحداثة للشاعر كريم عبد السلام والديوان كما هو واضح من عنوانه يتناول القضية الفلسطينية.

يبدأ الشاعر الديوان بقصيدة يقول فيها:

أكتب فلسطين لأنى لست قاتلا أو شاهد زور
أكتب فلسطين ليتوارى شبح المنفى
أكتب فلسطين فتعود المستوطنات وطنا
أكتب فلسطين فتطرد القواميس كلمة النكبة ويتراجع الضباع إلى البحر
أكتب فلسطين لأنضم إلى الشهداء في ملكوتهم والضحايا في محارقهم واللاجئين في مخيماتهم والمقصوفين في عراء الإنسانية.

وسعى الشاعر عبد السلام إلى كتابة قصائد ذات رؤية مختلفة حول مفهوم الوطن والمكان والرموز.

في الجزء المعنون بـ"جوليات وداوود قبل المونتاج"، يتداخل الماضي والحاضر، لهذا نجد "داوود" رمزاً لبني إسرائيل، و"جوليات" رمزاً للمقاوم الفلسطيني... "يخرج متحدياً الفلسطينيين كل صباح ومساء، مدة 240 يوماً محتمياً بقصف الطائرات والمدافع والدبابات". وفي مواجهة هذا كان "جوليات" الذي تفاخر بقوته وشجاعته، وحكى أنه كان يرعى - ذات يوم - غنم أبيه، فجاء أسد - مع دب - واختطف شاة من القطيع، لكنه استطاع اللحاق به وقتله، وبالمثل فعل ذلك مع الدب، ولن يكون هذا الإسرائيلي - يعني داوود - أقوى منهما، فلا بد من مواجهته، "لأنه والكتائب قتلوا أطفالنا ونساءنا وقصفوا النائمين العزل تحت سقوف بيوتهم، حتى اختلط الدم بالتراب والحجارة". ومن المهم أن نشير إلى تجاور اللغة القديمة، مع العلامات الحديثة، فحين تقدم ذلك الإسرائيلي نحو "جوليات" كانت "الطائرات المسيرة تقصف الأرض أمامه، والمدافع تطلق والدبابات تمهد الميدان". وعلى رغم هذه المعدات الحربية الحديثة، ينتصر "جوليات" بأدواته البسيطة، "شاهد جوليات داوود الإسرائيلي يهب متقدماً نحوه، فأسرع للقائه/ ومد يده إلى الجراب وتناول حجراً لوح به بمقلاعه ورماه، فأصاب جبهة الإسرائيلي/ غاص الحجر في جبهته/ وسقط داوود على وجهه إلى الأرض". ولسنا في حاجة إلى الإشارة إلى توظيف الشاعر السرد وهو ما ينتظم الديوان كله.

ويعد الجزء المعنون بـ"فاء فلسطين" في أوله متن هذا الديوان، إذ يتكون من ستة مقاطع يأخذ كل مقطع حرفاً من حروف كلمة "فلسطين" - فبعد "فاء... فلسطين"، نجد " لام، لأن المسافة صفر"، ثم "سين... السفاح المسكين"، يليه "طاء... طبعاً مع الوحوش أفضل جداً"، ثم "ياء... يا ليل القمر فلسطين"، وأخيراً "نون... نحيا". وسوف نلاحظ كثرة الحيل الفنية التي وظفها الشاعر في هذا الجزء من الديوان، ومنها ذلك التناص البادي في قوله، "أليست هي تعب كلها، حسب الشعراء"، الذي يستدعي قول أبي العلاء المعري: "تعب كلها الحياة فما أعجب إلا من راغب في ازدياد"، وقول شاعرنا واصفاً الحياة: "أليست أهون من جناح بعوضة" الذي يتناص مع معنى الحديث الشريف الذي يؤكد أن الحياة لا تساوي عند الله جناح بعوضة، ولو أنها تساوي ذلك ما سقى الكافر منها شربة ماء. على أن أكثر الحيل فنية هي حيلة السخرية الكامنة في المفارقة بين الاسم والصفة: "السفاح المسكين/ ذهب للمحكمة: سيدي القاضي/ أنصفني منهم/ هؤلاء الموتى/ مهما قتلت منهم، يعودون للحياة". وهنا تسقط ثنائية الموت والحياة، إذ لم يعد الموت يعني انعدام الحياة، فالشهداء لا يموتون بل يظلون يطاردون قاتليهم، حتى إن ذلك السفاح المسكين يقول: "عندما نقتل أحداً لا بد أن يموت/ عليه أن يموت/ ليس من المنطقي أن نطلق النار ثم نموت نحن من الغيظ/ هذا ليس عدلاً". وفي موضع آخر يقوم بتشخيص "الموت" في صورة مفزعة، "علمنا من مصادرنا أنه - الموت طبعاً بعباءته السوداء ومنجله - يبحث بين كواكب المجرة عن منجل أكبر من أجل الحصد السريع".

كريم عبد السلام صدر له 14 ديوانا، وقد أصدر أول دواوينه عام 1993 عن دار أدب الجماهير بالمنصورة تحت عنوان "استئناس الفراغ"، وبعدها توالت الأعمال الشعرية التى حفرت للشاعر مكانته المتميزة فى سياق قصيدة النثر المصرية والعربية "بين رجفة وأخرى" 1996، "باتجاه ليلنا الأصلى" 1997، "فتاة وصبى فى المدافن" 1999، "مريم المرحة" 2004، "نائم فى الجوراسيك بارك" 2006، "قصائد حب إلى ذئبة" 2008، "كتاب الخبز" 2010، "قنابل مسيلة للدموع" 2011، "أكان لازما يا سوزى أن تعتلى صهوة أبى الهول"2014، "مراثى الملاكة من حلب" 2015، وكان رأسى طافيا على النيل " 2017، "ألف ليل وليل" 2019.، و"الوفاة السابعة لصانع الأحلام" 2020.