الثلاثاء  15 نيسان 2025

محمود شقير يكتب لحفيدة من هناك

2025-04-14 03:31:30 AM
محمود شقير يكتب لحفيدة من هناك

تدوين-إصدارات

صدر حديثاً عن "منشورات المتوسط – إيطاليا" كتاب جديد للكاتب الفلسطيني الكبير محمود شقير بعنوان "حفيدة من هناك". 

ولشدة هول التجربة الغزاوية ومن شدة وضوحها، فإن محمود شقير هنا لم يكن بحاجة إلى لغة خاصة، أو إلى تعابير تنطوي على مجازات شعرية صعبة التفسير أو معقدة، بل كانت لغته ملائمة للكارثة الإنسانية واستطاعت نقلها ببساطة وبدقة، فالقارئ سيعرف عبر كل مقطع وكل جملة ماذا فعلت الحرب بـغــزة وبأهلها جميعاً، فقد بدت المقاطع مشهدية ومرسومة بقلب الجدّ الذي فقد حفيدته.

يتضمن الكتاب مقاطع أغلبها تظهر على شكل لواعج يبثها الكاتب لحفيدته التي تعيش في غـزة وسط الحرب والدمار وفي قلب الخطر. تلك الـ "حفيدة من هناك" يبدو أنها غير موجودة إلا في خيال الكاتب، أو أن قصة ما تكمن خلفها:

" قلتُ لجَدِّتِها وهي تغلي قهوةَ الصَّباح:

- لنا حفيدةٌ في رَفَـحَ، وقبلَ ساعةٍ هاتفَتْني وقالت: سَلِّمْ على جَدَّتي. 

نظرتِ الجَدَّةُ إليَّ في فضولٍ وتساءلت:

- حفيدةٌ في رَفَـح! متى كان ذلك؟!

قلتُ:

- منذُ ابتدأتْ هذه الحـرب.

سبقتُها إلى الصالةِ، وشغَّلتُ التلفازَ، وكانتِ الحـربُ تأكل 

الأخضرَ واليابسَ، ولا تستثني أحداً هناك.

جاءتِ الجَدَّةُ بصينيَّةٍ عليها بكرجِ القهوةِ وثلاثةِ فناجين.

صبَّتِ القهوةَ فيها، ثمَّ قالت:

- هذا الفنجانُ الثالثُ لحفيدتِنا التي في رَفَـح.

قد يكون شقير أراد أن يخاطب أطفال غـزة عامة عبر حفيدته تلك، ففي الحروب يموت الأطفال أولاً، بقذيفة أو بتعب أو ببرد أو بجوع ...:

منذُ ابتدأتِ الحربُ وحفيدَتي تمشي حافيةً على بلاطِ البيت.

قالت: سأذهبُ إلى السوقِ رَغْمَ المخاطرِ الكامنةِ هناك

سأذهبُ، وليكنْ ما يكون

فقد مللتُ، نعم، مللتُ.

ذهبتْ إلى السوق

لعلَّها تجدُ شبشباً تنتعلُهُ داخلَ البيتِ وفي محيطِ البيت.

فلم تجدْ سوى شبشبٍ نمرتُهُ أكبرُ مِنْ نمرةِ قدمَيْها.

اشترتْهُ وعادتْ به إلى البيتِ قبلَ قصفِ الحيِّ بخمسِ دقائقَ أو سبع.

أخيراً، صدر الكتاب في 144 صفحة من القطع الوسط، ضمن سلسلة "براءات"، التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.