الأحد  22 حزيران 2025

"بنت من القدس الجديدة".. أسامة العيسة يروي المدينة من نسائها

2025-06-22 02:21:05 AM

تدوين-إصدارات 

صدر عن منشورات المتوسط-إيطاليا، رواية "بنت من الـقـدس الجديدة"، للكاتب الفلسطيني أسامة العيسة، والتي يواصل فيها مشروعه الأدبي في التقاط التفاصيل الصغيرة لكتابة الكلّ الفلسطيني. فيقدّم هنا عملاً جديداً ينبش في الذاكرة الجمعية، من خلال مصائر شخصيات تعيش بين الانتماء والانكسار، وبين الأمل وخذلان المؤسسات.

بطلة الرواية صالحة، ابنة حيّ البقعة، فتاة جميلة، ومثقفة، ومتمرّدة، تذهب إلى المحكمة لتطالب بثمن بكارتها، التي أُزيلت دون وجه حقّ، كما تقول. فهي ليست ضحية، بل صاحبة حقّ. تقف وحدها في مواجهة قاضٍ ومجتمع وميراث طويل من التواطؤ والخوف. جسدٌ هشٌّ في مدينة من الجدران.

يكتب العيسة، بأسلوب ساخر، مشبع بالتفاصيل الدقيقة، وبعين ناقدة حادة، عن تقاطع الجسد مع القانون، وعن الشرف حين يُعرّى أمام مؤسسات عاجزة، وعن مدينة لا تُقرأ من حجارتها فقط، بل من نسائها أيضاً.

عند العيسة قدرة لافتة في التقاط نبض المدينة من شرايينها الصغيرة، لا من خرائطها المزوّرة، لذا فهي ليست رواية عن فتاة وحسب، بل عن مدينة كاملة تُروى من خلال الفجوات التي خلفها الاحتلال، ومن خلال تفاصيل الحياة اليومية، والشرسة في صدقها، والغريبة في واقعها. فنجده يعيد تشكيل ذاكرة الـقـدس، لا من بوابة التاريخ المقدس أو الحكايات الرسمية، بل من زواياها الهامشية: من خوخات السور، ومن المحاكم، ومن الشوارع التي تشهد ولا تنطق.

رواية مشبعة بلغة سردية غنية، وبتفاصيل المكان المقدسي غير المروّض، والمتأرجح بين التاريخ والأسطورة، وبين المطبّات اليومية والخيبات الكبرى.

أخيراً، صدر الكتاب في 160 صفحة من القطع الوسط.
___________________________________________________
من الكتاب:
أنا الكاملة المكمّلة، تُضرَب الأمثال في حُسني، وجمالي، وكمالي، وبهائي!
نبَّهها القاضي بضرورة التزام الصمت، وإلَّا غرامة بتهمة إهانة المحكمة. ردَّت: وماذا تسمّي أكاذيب هذا الكلب؟! أَليست إهانة؟
شعر القاضي، أنَّ ليس فقط حبله سيفلت، ولكن حبالاً كثيرة قد تتقطَّع، وهو يتذكَّر قول المعرِّي لمَنْ وصفه بالكلب: الكلب مَنْ لا يعرف أنَّ للكلب سبعين اسماً. هذا المحمّد الغريب بالكاد يعرف اسماً واحداً!
طلب القاضي، مضطرّاً، إخراج صالحة من الغرفة. على الأرجح لم يسمعها، أو أنه سمعها تقول: محكمتكم مثل وادي عارة، يقطع فيه الطريق، وتجاهل القول.

عن الكاتب:
أسامة العيسة: كاتب وصحفي ولد في مخيم الدهيشة في مدينة بيت لحم، فـلـسـطـيـن في عام 1963م. صدرت له عدة كتب أدبية وبحثية، في القصّة والرواية والآثار وطبيعة فـلـسـطـيـن. أعدّ أبحاثًا لأفلام تسجيلية عن الثقافة والسياسة في فـلـسـطـيـن. حصلت روايته مجانين بيت لحم على جائزة الشيخ زايد للكتاب عن فئة الآداب، 2015، ثم وصلت روايته سماء الـقـدس السابعة، والصادرة عن منشورات المتوسط، إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2024.