تدوين-إصدارات
صدر حديثا كتاب "غزة: قصة إبادة جماعية"، باللغة الإنجليزية وهو عمل توثيقي أدبي وإنساني عاجل، يضم شهادات شخصية، ومقالات، وشعرا، وفنا، وصورا، وتغطية ميدانية من قلب المأساة في قطاع غزة.
يشكل الكتاب سجلا حيا للدمار الهائل الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، موثقا لحياتهم ومعاناتهم وأحلامهم ومستقبلهم المسلوب، في ظل العدوان المستمر منذ عامين.
الكتاب من تحرير الصحفية والكاتبة فاطمة بهوتو والصحفية سونيا فالييرو، مؤسستا مبادرة "كتب من أجل غزة"، ويضم عشرين مساهمة من نخبة الكتّاب والمفكرين والفنانين الفلسطينيين والعرب، من بينهم مصعب أبو توهة، سوزان أبو الهوى، عمر البرغوثي، هدى فخر الدين، لينا منذر، وماري طرفة، إلى جانب أسماء بارزة نالت جوائز دولية مثل جائزة بوليتزر، والجائزة الوطنية للكتاب، وجائزة غاندي للسلام.
من بين الشهادات في الكتاب، يسرد الكاتب أحمد النوق تفاصيل الفقد المروع لعشرين فردا من عائلته، فيما تقدم نور الياقوبي تأملا موجعا حول الجوع والموت البطيء الذي يعانيه أهل غزة تحت الحصار. وتتناول مريم البرغوثي واقع العنف الوحشي الذي يمارسه المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية، بينما تسلط إيمان بشير الضوء على ظاهرة الأطفال المصابين الذين فقدوا عائلاتهم بالكامل وتحولوا إلى رموز للوحدة والألم الجماعي.
الكاتبة يارا هواري تصف في مساهمتها ما يحدث في غزة على أنه أحد أكثر الهجمات دموية على الحياة البشرية في التاريخ الحديث، في حين ترى إيمان بشير أن مجرد التمسك بالأمل في غزة يمثل فعلا من أفعال المقاومة. هذه الأصوات تسلط الضوء على الأثر النفسي والجسدي والاجتماعي الممتد للعنف المنهجي الذي يمارسه الاحتلال.
الكتاب لا يوثق فقط لحظات الألم، بل يشكل أيضا محاولة لاستعادة الكرامة والصوت الفلسطيني، ويُعد كما وصفه بعض النقاد عملا إنسانيا ضخما يدمج بين الغضب والأمل، ويعكس عبر لغته الأدبية العميقة حسا عاليا بالمسؤولية الثقافية والتاريخية.
وقد نال الكتاب إشادة واسعة من النقاد والمثقفين، حيث وصفه الكاتب عمر العقاد بأنه عمل ضروري وأساسي يضم فكرا ومشاعر عميقة ليس فقط حول الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، بل أيضا حول طبيعة الاستعمار والفصل العنصري. وأشار إلى أن الكتاب مليء بكتابات صادقة وجريئة تحمل جمالا لغويا وإنسانيا كبيرا، معتبرا إياه أنطولوجيا مفصلية.
الطبيب والكاتب غسان أبو ستة رأى أن هذه الإبادة تشكل حدثا تاريخيا ضخما يعادل نكبة 1948 في تأثيره على الوعي والهوية الفلسطينية، مؤكدا أنها ستعيد تشكيل نظرة الفلسطينيين لأنفسهم وللعالم من حولهم لسنوات قادمة.
الروائية كاملة شمسي أشادت بقدرة الكتاب على استخدام أشكال وأساليب متعددة لإيصال فظاعة الواقع في غزة، مؤكدة أن المجموعة تؤدي هذا الدور بفعالية مدهشة.
من جهتها، رأت الكاتبة مازا منغيستي أن الكتاب يمثل فعلا من أفعال الاسترداد للذين فقدوا أرواحهم، ولمن لا يزالون يعيشون، ولأطفال غزة الذين لم يولدوا بعد. ووصفت النصوص بأنها غاضبة، متحدية، حزينة، ومفعمة بالأمل، في وقت أصبح فيه الصمت غير ممكن.
واختار موقع Lit Hub الكتاب ضمن قائمة أكثر الكتب المنتظرة لعام 2025، مشيرا إلى أنه يقدم صوتا حقيقيا للفلسطينيين من خلال أبرز الكتاب الفلسطينيين والعرب المعاصرين، في وقت يصعب فيه على العالم فهم حجم الرعب الذي يبثه العدوان على غزة على مدار الساعة.
ووصف الناقد برايان تانغواي في California Review of Books الكتاب بأنه شهادة دامغة على الوحشية والاستهانة بحياة الإنسان، وأشار إلى أن الأمل في غزة كما تصفه إحدى المساهمات، هو أعلى درجات التحدي.
من جانبها، كتبت مجلة Booklist أن هذه المجموعة المؤثرة تملأ الخلفية الناقصة لفهم الحرب الإبادية على غزة، وتقدم رؤى مفاجئة من خلال شهادات شخصية، وقصائد، وصور، وأعمال فنية.
أما مجلة Publishers Weekly فقد وصفت الكتاب بأنه سجل مؤلم لتكلفة الحرب الإنسانية، ومزيج متنوع من التاريخ والمقالات والشعر، يقدم لمحة تثير الغضب عن مجزرة لا تزال تتكشف في الزمن الحقيقي.
الكتاب يهدي صفحاته الأخيرة للشاعرة الراحلة هبة أبو ندى، التي استشهدت في غارة جوية إسرائيلية على منزلها في خانيونس في 20 أكتوبر 2023، ليؤكد أن الكلمة لا تزال تقاوم حتى في وجه الموت.
يذكر أن جميع عائدات الكتاب ستخصص بالكامل لصالح وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، دعما مباشرا للشعب الفلسطيني وتأكيدا على أن هذه الصفحات ليست فقط شهادة، بل أيضا فعل تضامن عملي.