الخميس  26 كانون الأول 2024

قراءة في رواية"يعدو بساق واحدة" للروائي سامح خضر

مرمر عمر القاسم الأنصاري

2015-08-31 12:15:54 PM
قراءة في رواية
صورة ارشيفية


الحدث- رام الله

لقد شهد فن السّرد القصصي والروائيّ في الأدب العربي الحديث تطورًا كبيرًا، وتبوأ مكانة عالية بين الأجناس الأدبية، إلا أن الرواية الفلسطينيّة ما تزال موضع إشكاليات ومشكلات بمؤثرات الإحتلال والمكونات التراثية الإجتماعيّة على وجه الخصوص،ولا يمكن اعتبارها رواية ناضجة وأصبحت قصة أو رواية فنية بتأثير الغرب، ولا ينفي ذلك تطور النّص القصصيّ إلى أشكال سردية روائية رافقها النهوض بالنقد التقليديّ للرواية الفلسطينيّة تحديدًا، أكاديميًا كان أو واقعيًّا انطباعيًّا، متأثرًا بقضيّته الرئيسة ونادرًا ما كان ينظر إلى الجوانب الإنسانية والإجتماعيّة كعلم النّفس أو علم الإجتماع أو أقل من ذلك.
 
ترتكز رواية "يعدو بساق واحدة للروائي العربي الفلسطيني سامح خضر في البحث في الهوية وعنها، ويتوصّل النص إلى غايته بخلل وطنيّ في تكوين الشخصية العربيّة الفلسطينية الوطنيّة والعربيّة على وجه العموم، فيما تلحّ أسئلة حول الإستقلال الفكريّ والثقافي الإجتماعيّ في عصر شاهت فيه الحدود، وآلت فيه الأمور إلى ما يشبه استعمار العقل استعمارًا قبائليّا وعنصريًّا تقاليديًّا.في ظل أحداث تاريخيّة عربية فلسطينيّة و"إسرائيلية" تصارعت فيها إرادة الحريّة والإستقلال مع الإحتلال والتّبعية والتجزئة والتخلف مما صار فيها الحفاظ على الخصائص الثقافية والهوية الذاتيّة ضرب من الخيال.
 
ينطلق الكاتب من مقاربة واضحة هي أن الوطن المتخيّل تعبير شديد الدلالة عن حركة الفكر المتوارث وانشغالاته بمسألة وعي الذات الراهنة إزاء الآخر المحتل المهيمن،و الوطن الحاضر "المنفى"والعودة إلى وطن الآباء، فالكاتب يصدر عن رؤية فكرية، و تتصادى في النّص أصوات وعي الذات من أجل وطنٍ حرٍّ منشود.ولكن ثمّة مناهضين لمثل هذا البحث عن الهوية،وثمّة من أضاعوا كلّ رغبة في البقاء بسبب ضياع الهوية وإنعدام أدلة تعافيه من مرض التيه والإنفصام الوطني.
 
أمر آخر لابدّ من ذكره عمل على تأطيره الكاتب، البحث في الأصول الّتي يتصل بها المشروع الوطني إن كان ذلك على مستوى عرض جهود الأفراد المعنيين بالمشروع، أو على مستوى النتائج الّتي توصل قاسم إليها، ونوه إلى شبكة تسميات معقدة غايتها التّفرقة والتّمييز العنصريّ بين أبناء الشعب الواحد،تسميات لا يمكن تجاوزها دون التسلح بمعرفة ووعيّ كافيين للمفاهيم و الفئات المجتمعيّة الّتي تتعامل معها،ومن لا يدرك بعناية كبرى ما اشتغلت عليه تلك التسميات والمفاهيم، سيتخذ على الفور موقف العداء منها وممن تبنوها وبالتالي من الوطن ككل.
 
عندما نحب أحدًا أو شيئًا فإننا نريد أن نعرف كل شيء عنه، تريد أن تعرف حكايته،تفاصيل الأشياء، وقد يصيبنا شغف بمكان ما فنسعى دائمًا إلى معرفة المزيد عنه،قاسم في الرواية لم يمنح الفكرة وقتها كذلك لم يحاول التعرف إلى المكان كما يجب،إلا أن اللاوعي لديه جعله يهتم بشخصيتيين"نسرين وعمه" فهو الذي رفض أن يمنح المكان فرصة تتعرف عليه ساقه القدر من لبّ عقله وانتمائه العائلي إلى البقاء وبالتالي تحدى ذاته وكل اصراره السابق على الهجرة ودون أن يدرك محى رغبته في التغيير .
 
ملاحظة:ورد هذا الخطأ في النص –ص-232 "لك رب ولي رب...فليختبر كل منا ربه حتى النهاية"بدوري قرأته فأعتبرته خطأ ربّما سهوًا من الكاتب ومن دار النشر. 
 

وختامًا أقول ،حين تجد ذاتك تجد الوطن،وحيث تحقق نجاحًا ذاتيًا واكتفاءً حتمًا سوف تمتلئ بالوطنية.