لقد كنت فتاةً مطيعة، تُسرح لي أمي شعري بالطريقة التي تريدها ، وقد كانت حركتها في ذلك بسيطة دومًا ، تمسك يد المشط ثم تغرسه في شعري ، وبثوان تسحبه إلى الخلف ثم تنتهي المهمة وأصير أشبه بابن جارنا صاحب النغزين .
أذكر لما عدت مرة إلى المنزل بقملٍ كثير ، لقد تسببت طاعتي آنذاك بقص شعري كله ، لم يكن غزو القمل لرأسي خيارًا، ولا قصّه كذلك .
لقد كنت فتاة مطيعة، أتنصتُ إلى ما يريده قلب أبي ثم أفتعله، فيكون راضيًا بفعلي وأكون بذلك البنت الطيبة .
نعم، قلتُ مرةً أنني أبث من روحي في أي شخصٍ جديد أعرفه فيصير بطريقةٍ ما يشبهني، ربما قصدتُ جانبًا من البنت الطيبة تلك بابتسامتها الساحرة .
أنا الآن امرأة سمجة، بقلبٍ غريب ،لا تضحك على أسخف الأمور كما كانت تفعل ، وتلف ابتسامات العابرين وتدسها في قوارير زجاجية معطوبة .
تقابل الأشياء بالسكوت ، ولا تقدم كلمة شكر واحدة.
تحسست الوحدة أطرافها حتى تضخمت، وأكل الحزن من قلبها.. كُلّه.
أنا امرأة بحظٍ قليل، لا أملأُ ثغرة في لوح، ولا أجبر كسر غصن.