الأحد  22 كانون الأول 2024

"مر الكلام" بقلم: رائد أبو زهرة

-1- نص روائي ...او سينمائي ....او مجرد نص فقط

2018-11-22 09:32:31 PM
رائد أبو زهرة

.1...المكان على وشك الفجر ......

موسيقى وتنهدات خافته ل"ظافر يوسف" تتداخل بها تدريجا وتحل محلها موسيقى كمنجة "نيكوس اليوناني ...لما بدا يتثنى " والكاميرا تطوف بنا ...ترينا الوقت انه أواخر ليل ...منبئة عن اشراقة فجر متمهله ...وتطوف بنا متهادية في حي شعبي في القاهره ...تكشف تفاصيله ...لتحط بنا على سطح عمارة ...فيه بيت صغير ...أو شبه بيت كما يسميه الاستاذ ناجي حين يكون منزعجا من اي شيء ....استاذ ناجي ...استاذ مادة الادب العربي في قسم الاداب في جامعة القاهره .....

ناجي الذي امضى شبابه في الدراسة والتدريس ...ممتعضا ومقهورا من الطريقة التي هو مجبور على التدريس بها ...معتقدا دوما ان ثمة امكانية لطرق واساليب افضل واجمل واكثر حفزا وابداعا وتألقا في التدريس ...وما زال يمضي اغلب وقته بعد دوام الجامعه الممل في القراءة والحلم والتخيل ...محاولا تخيل ذلك وابتداع تلك الطريقة المدهشه ...التي يوشك احيانا ان يلتقطها بكل تفاصيلها ...او باولات تفاصيلها ...ثم تنفلت منه لمجرد ان يعيده من تحليقة اي ازعاج حياتي عابر او كثيير العبور ....طريقة يقدر ان يدرس بها طلاب السنة الرابعه في الجامعه ..كما يحلم هو ان يدرس ويحفز العقول لتتجلى وتبدع في الحياة ...لا كما تفرض عليه ادارة الجامعة ان يدرس ...بذات الاسلوب المحنط منذ سنين طويله ولم يفضي الا الى البؤس والشقاء والجفاف .

الكاميرا تواصل الطواف بنا ...تكشف عن تفاصيل الجلسه الجميله امام بيت ناجي على سطح العماره ...الجلسة التي يظل يسميها ناجي ...جلسة الحالم ....وتلج بنا الكاميرا ببطىء الى تفاصيل بيته الصغير من داخله ...تقترب بنا من ادواته واغراضه واشياءه القريبة الى قلبه ...مؤنسات وحدته كما يحب ان يسميها ...ادوات شايه وقهوته وطعامه الصغيرة كلها ...كتبه المرتبة والمركونة والمنثورة في كل موقع من غرفته الصغيره ...واوراقه وكتبه واقلامه وجهاز هاتفه قرب كمبيوتره المحمول على طاولة الكتابة ...وبعض الارفف على الحائط تحتشد كذلك مثقلة بالكتب ودوسيهات البحوث ...وعلى منضدة صغيرة مرتفعه الى مستوى نصف الباب من الداخل الى اليمين ...يرقد اناء فخاري به نبتة ذابلة توشك ان تجف ...لا نستبين ملامحها بدقة ...يسقيها كل صبح وهو يشرب شايه ...قليلا من الماء من اناء الماء "الأوله" ويشرب هو ايضا منها ....مدندنا حين يكون مزاجه رائقا ....ذات يوم سنرقص فرحا ماطرا عاطرا ....ذات يوما سنرقص

موسيقى واغنيات ...كعذوبةالفجر في الفجر .....ونطير كعصافير الفجر في الفجر ......

تقترب الكاميرا من سرير ناجي ...وناجي كأنما يحلم ...حلما طالما تمنى ان يراه في صحوه ...ذلك الحلم الذي من فرط توقه اليه ...ظل يعاند نفسه وقدراته ومشاهداته ...حتى استطاع ذات صبح ....ان يقدمه مختالا به الى مجلس ادارة جامعة القاهره ....كبحث ورقي مطبوع باناقة واحتراف ....مرفقا اياه بمجلة فرنسية رفيعة المستوى بين المجلات الاكاديميه المتخصصة في العالم ...طاويا زاوية الصفحة التي نشر فيها بحثه ....حول طرائق التدريس الحديثه واثرها في حفز مقدرات الامم ....مرفقة ايضا برسالة من ادارة تحرير تلك المجلة ذاتها ...تقدم لناجي فيها عضوية شرف في المجلة ...مع منحة الحصول على كل اصدارات دار النشر التي تصدر عنها المجلة مجانا طوال الحياة ....مع دعوة مفتوحة لناجي للحضور والاقامه والتدريس في احدى جامعات فرنسا ....ولم يخبر ناجي احد عن تمنعه عن العرض الاخير بالسفر للاقامه هناك ...ولم يقل لاحد انه اعتذر اكثر من مره من المجله والجامعه الفرنسيه عن عدم قدرته للسفر اليهم بقصد الاقامه هناك ...بحجة انه ...ابن المكان الذي ولد فيه ...وتربى وعاش فيه ...وانه لو اراد ان يدرس هناك في فرنسا ...سيحتاج الامرمنه الى ان ينولد مرة ثانية وفي فرنسا ويتربى بها ...ولربما ان حصلت معجزة وصار ذلك ....فليس مضمونا انه سيكون مدرسا ...او استاذا جامعيا ...فلربما وهذا وارد جدا ...ان يلتقي في اية لحظة بفتاة احلامه ....ويحبان بعضهما بقوة وصدق وجنون ....ويقرران العيش في الريف الفرنسي ....بعيدا عن ضجيج السيارات ...واعين العقلاء ....مما حدا بادارة المجلة ان ترسل له ....بطاقة شكر وتقدير على حبه لوطنه ....مرفقة بجملة تضحكه كلما قرأها من رئيس تحرير المجله ...."عزيزي الاستاذ ناجي ...نحترم فيك عشقك لبلدك مصر ...ونرحب بك في فرنسا متى تشاء ...وننتظر دوما ابداع بحثك وكتابتك ...ودمت بصحة وسعادة في ارض مصر "

تلج الكاميرا بنا في حلم ناجي ...تأخذنا الى صحوته الحلمية ....وفي لحظات ....نكاد لا نستبين بدقة ...اهو يصحو صحوه العادي ...ام هو يصحو في

حلمه ...او اننا نحن وهو ....صرنا في تفاصيل حلمه ...نحياه ونحيانا