في الشارع شبّان كثر
يشربون البافاريا
ويتظاهرون بالسُّكر
وأنا كما يحلم الكثيرون بالبعيد
أحلم
أمشي في شوارعَ واسعةٍ
لا يعرفني بها أحد
وأقول سيتذكرونني
بنظراتٍ عاتبة
أرمقهم بها
وبها.. أطمئن نفسي!
لي نصيحة
في فم كل غريب
لا آخذها ولا ألتفتُ إليها
وإن جعل الأسى من الناس أبطالًا
فهذا لم يعد فريدًا وشائقًا
وإن سالت الحكمة
على حد سواء
من أفواه المترفين والفقراء
فهي لم تكن لتدلنا على الطريق
يومًا
وُجِدنا كأي شيء
تائهين
ثم جاءتنا الوحشة
بالدروب
والحقائب.
***
لا مقابض
لا مفاتيح
موصدة بالحجارة
والدلاء
أبوابي
بأي سيرة سنبدأ يا غريب
وأي شيء سيظل من الألفة إن تحدثنا بها!
ويدك كل الأيادي التي طرقت الباب
ووجهك كل صورة أطلّت على جدراني
من غيري يعرف لهفتك وأنت تنادي
وحشتك وأنت تفتقد
لكن
ما نفع الحيلة في بيت
مشرعة أبوابه
للريح والصدفة
هذا والبعد واضحاً بتشفِِ
والقلق كل القلق
منذ الأزل
سكن قلبي
وأقدامي.
***
ضاعت من يدي الأسباب
لا قول لدي أقنع به أحداَ
ولا جدوى أستمسك بها فأبقى
لولا أنني أستعين بالحب على طلب المروءة
وأنك إذ نظرت لي
عرفت
كيف أجد بضَوئِك كل سبب أضعته
وكل جدوى فقدتها
أنت الذي إذا صرفت عينيك عني
أذا أغمضتهن دقيقتين دون قصد
غَفوتُ.
***
أبكي
لأتخفف منك
ملحًا ذائبًا في دمي
دموعي الهائلة على الطريق
لم تنبت مكانها زهرة
لم تُغسل أي حصاة
أردت من الصدفة
مجيئك
من الصفح
ابتسامتك
لكنك لا تأتي
ثم عندما أبكي
عندما تسقط دموعي تباعا
على طرقات غريبة
أعرف أين كنت
وكيف صار الملح
أداة حادة
في أيدي الطهاة!
***
منذ الأزل
تجيء وتذهب
إنك تفعل ذلك
أفضل من سكِّين.
***
مشتعل
وبعيد
كل شيء جاهز
لتصير نجمًا.
**
كانت الأيام طويلة
نفعل بها كل شيء
ولا تنفد
والحب رقراقًا
وفائضًا
كالماء في الدروب
والصنابير
لست من دعاة الحنين
أحببت حاضري أكثر من ماضيَ
وإن كنت وحيدة
بلا أهل أو أصدقاء
أو سائبة
كبيوت العجائز والمهَجَرين
لست أعلم
كيف وصل الألم موصله في قلبي
بينما لم أفتح فمي مرة
إلا للضحك.