الأحد  22 كانون الأول 2024

شتاء الراحلين أوار الديك

2019-01-08 08:25:45 AM
 شتاء الراحلين
أوار الديك
أوار الديك

ويُمطرنا شتاء الراحلين.. بذكراهم.. بأوجعَ ما ابتُلينا

يطول الليلُ مثلَ الشعر هونًا.. على عنق النهار فتختفينا

لرائحة التراب ينوح قلبي.. بأول قطرةٍ كانت حنينا

أتمطر ذي السماءُ رذاذ دمعٍ.. ويُنمي سيلُها الأزهارَ طينا؟

سُقينا السمَّ كأسًا بعد كأسٍ.. وكان السمُّ أهونَ ما سُقينا

نبوح بآهة المشتاق حينًا.. ونرفع رايةَ المهزوم حينا

وشرُّ هزيمةٍ في الحب. نبقى.. لصدق قلوبنا متبسمينا

ببعدكمُ يكاد الجرح يبرا.. لأن الجرح أبرأ ما لقينا

نسينا العقل حين مررتِ يومًا.. وكان العقل أبسط ما نسينا

لقد أزرى بنا الإحساس لما.. تناءت قوضت منا السنينا

لماذا تجرحين الشعر هجرًا.. ودون الشعر ضيعتِ اليقينا؟

وكيف عرفتِ درب البعد عنا.. وما أضناك حتى تهجرينا؟

أنا رجلٌ طواه الحب طيًا.. وما أقساه طيَّ العاشقينا

كذاك البحرِ نبحث عن سكونٍ.. فترميه الرياح كما رُمينا

وعاصفةٍ تشقُ الأرض شقًا.. لخيرٌ من شقوق الهائمينا

وإن البحر أضيقُ من قلوبٍ.. وإن الحبَّ أوسعُ ما ابتُلينا

لنا في الأرض ما في الزهر حسنًا.. تعالي من شذاك لنا هبينا

يكاد يشُع من عينيك شعرٌ.. فنعجز فيه أرقى الكاتبينا

ولم نعرف مكان الوحي حتى.. أرانا شعرها الوحي المبينا

كأن الشَعرَ منها محضُ ليلٍ.. مضيءٍ لا يُخفي الظل فينا

تحنُّ عِصيُّها فتفوح عفوًا.. ولم تلدغ عصي الساحرينا

يُجن البحر إن ألقت برمشٍ.. يحن البحر كانوا الناجيينا

وإن مرت على العميان مشيًا.. بلا قمصان ألفوا مبصرينا

قرأتك آيةً في كل فجرٍ.. وفي جهرٍ أممت الراكعينا 

غبارٌ أصل هذا النجم فامضي.. إلى العلياء حتى يحتوينا

حطامٌ أصل هذا الصخر فاقسي.. إلى أن نصبح الجسد الرصينا

فإن عدنا تناسينا جراحًا.. وإن متنا فميتتنا تفينا

فما أقسى الحياة بدون لقيا.. وما أحلى الممات إذا التقينا