الخميس  21 تشرين الثاني 2024

نثر الأسى قرنفله شعر: د. يوسف شحادة

كتبت بعد زيارة الوطن أول مرة منذ الولادة، رام الله 12-16 كانون أول / ديسمبر 2018

2019-01-12 12:55:25 PM
نثر الأسى قرنفله
شعر: د. يوسف شحادة

نَثرَ الأَسَى وَسْطَ الدُّروبِ قَرَنْفُلَهْ

سَألَ النَّدى صَمْتَ الشُّروقِ

عَنِ الذي في العِشْقِ دَهْرا أهْمَلَهْ

وَرَمى على سِرْبِ الفَراشِ رَحى الرَّحيقِ

وكانَ أوَّلَ عاشِقٍ يُطفي بِأضْلُعِهِ ذُؤاباتِ الوَلَهْ

نَشَرَ المَدى أقمارَهُ وَمَضى على نُتَفِ الفُؤادِ

وَفي رَحيلِ العُمرِ لَمْ يَحْمِلْ على كَتِفَيْهِ

إلاّ شَوْقَهُ وَتِلالَ ما يُحْكى

عَنِ الشَّعْبِ الذَّبيحِ – عَنِ البِلادِ   

وَعلى رُموشِ اللَّيلِ في الوَطَنِ الحَزينْ

رَعَشَتْ دُموعُ القلْبِ

في قَلَقِ السُّنونُوَةِ الوَحيدَةِ

تَرْتَمي في آهَةِ الفَقْدِ المُعَنّى بِالحَنينْ

بَعْثَرْتُ وَجْدي في أَساطيري المَجيدَةِ

وارْتَحَلْتُ على بَنَفْسَجِ ثوْرَتي المُلْقى

على أُحْجِيَّتي لِأشُدَ أشْلائي إلى طَوْقِ الحَمامَةِ...  

بَيْنَ رامَ الله والقُدسِ الشَّريفِ كَتَمْتُ سِرّي

ذا الهَواءُ المُسْتباحُ بِغِيِّهِم يَجْتاحُ صَدْري

يَذبُلُ النَّهرُ الصَّغيرُ

وَيَكْبُرُ الطِّفلُ الأسيرُ

يُقبِّلُ النَّجْمَ البَعيدَ يُطِلُّ مِن لَوْحِ القَدَرْ

اللهُ ... يا وَطَنَ الجَبابِرِةِ!

الحَنينُ لكَ، الدُّروبُ،

وَرَجْفةُ الخُطُواتِ إنْ غابَ القَمَرْ

اللهُ..! يا وَطَنَ الرَّحيلِ المُسْتَمرِّ

إلى قَرَنفُلَةِ الصَّباحِ

على جَناحَيِّ السُّنونُوَةِ الوَحيدَةِ

تَرْتَوي مِن صَحْوَةِ الرِّيحِ العَنيدَةِ

أيُّها الأُفُقُ المُلَوَّثُ بالغُبارِ تَنوسُ

في الأمْداءِ مُرَّ على يَبوسَ! يَبوسُ  

مِن خُوَذِ الجُنودِ بَنَتْ مَعابِدَها

وَفي دَمِهِم نَمَتْ،

في الصَّخرِ وَالوُدْيانِ، في فَيْضِ السَّنابِلِ

في السُّهولِ البِكْرِ في طِينِ الكَناعِنَةِ الأوائِلِ

يَرْسُمونَ سَماءَنا بالحُلْمِ وَالقَلَمِ المُدَمّى

هذِهِ كَنْعانُ عاشَتْ في أُوارِ البَرِّ..

عاشَتْ على مَدّ الحَياةِ على كَفافِ الجَزْرِ

حَرَقَتْ سَفائِنَها لتُعطي البَحْرَ مِيثاقا

بِأنَّ الأرْضَ باقِيَةٌ لِسَيِّدَةٍ

تُواري الشَّمسَ في مَهْوى سَنابِلِها

لِسَيِّدَةٍ تُوَرِّثُ شَعْبَها تاجَ البُطولَةْ

اللهُ..! يا وَطنَ السَّنابِلِ تَخْتَفي بَيْنَ الرَّغيفِ

وَنَزْوَةِ الحُلمِ المُغامِرِ في رثاءات الرُّجولَةْ

كيفَ استَباحَ الحُبُّ

أوْهامَ الكُهولَةِ واستَبى شَغَبَ الطُّفولَةْ؟

اللهُ..! يا وَطَنَ العَمالقَةِ الأُلى يَتَناسَلونَ

بُطولَةً وَبُطولَةً وَبُطولَةً

اللهُ ..! يا وَطَني! قُمِ الآنَ،

البِلادُ على شَفا الشَّمسِ

البِلادُ تَمُدُّ حِنْطَتَها على عَيْنِ المِحَنْ

اللهُ ..! يا وَطَنَ القَرَنْفُلِ وَالنَّدى

وَالآنَ قُمْ! دَمُنا على سوطِ الكَفَنْ.