ولد الأديب ستيفان إيفانوف عام 1986 في العاصمة صوفيا، أنهى دراسة الفلسفة من جامعة صوفيا "القديس كليمنت أوخريدسكي"، نال شهادة الماجستير في علوم الثقافة والدكتوراه في علوم الجمال من الجامعة نفسها. صدرت له المجموعات الشعرية التالية: "أربع ثواني بنفسجية" 2003، "غينسبيرغ في مواجهة بوكوفسكي 2004"، "قوائم 2009، "إلى الباطن" 2014. رشّح عمله الأخير للجائزة الوطنية الأولى "إيفان نيكولوف". نال جائزة "صوفيا" للشعر عام 2011، ألّف مسرحية "ميديا - Medeya"، بالتعاون مع إيفان دوبتشيف، والتي نالت جائزة إيكار عام 2014 للمسرح. نشر العديد من المقالات الصحفية والدراسات لصالح العديد من وسائل الإعلام. ترجمت بعض أعماله للغات الإنجليزية والألمانية واليونانية والصربية. هذه أولى ترجماته للغة العربية.
يمكن زيارة موقعه الخاص على العنوان الإلكتروني: http://siv.sofiascape.com/
Една сутрин камъкът се събуди
استيقظ الحجرُ ذات صباح
إثر سلسلة من أحلامٍ قلقلة
ليكتشف بالأمس،
أنّ سريره العامر بالفوضى
وفوق وسادته الهائلة،
قد قاتل الحجر وقَتل
ليخفي بعناية مخادعاته الغامضة
وليبقِ على نار الكراهية مشتعلة
ليعيد رسم الواقع
بما يتناسب مع الرغبات والمقامات.
على السرير ما تزال آثارٌ من النزق
والالتزامات وبقعٌ من الدم المتخثّر
وبقايا من بشرة وعظام لضحايا منسيّة
لآباء وأمّهات اختفوا دون منتهى.
اليوم، ترى الحجر بريئًا وأبيض كعروس
لا بقايا لغبار، بل مجرّد زغب.
كيف حدث هذا؟
عملية تفاعل طبيعية
نتيجة لفقدان الذاكرة
لأمد طويل دون ندب
وعنف دون عناية.
أولئك الذين شهدوا الفارق
أبدوا اهتمامًا للحظة عابرة
مع أنّ الحجارة هي التي تحدّد الوقت
وتحرص على أن تلصق طرفها الأبيض الليّن
للوجوه الغارقة في النوم.
_ _ _
Човек с петно от кръв
الرجل الذي لوّنت بقعةُ دمٍ طوقَ قميصِهِ الأبيض
عبَرَ الإشارةَ الضوئيةَ الحمراء
داسَ الهواء
ومضى في طريقه
رغبةً منه أن ينجز بسرعةٍ مشاريعَه
أن يمارسَ الحبّ حتى ولادة طفلٍ رضيع.
منغلقٌ على ذاته مثل كلمة عصيّة على الترجمة
لا يهمّ إذا تعذّر على الآخرين فهمه
لكن، من المؤلم عدم قدرته على فهم ذاته
يطأ مندفعًا كأنّه المعاقَبُ بروميثيوس
أو هرقل المشوّش
ينطلق لتحقيق أهداف مستحيلة
أن يطبع كلّ فضاءات الإنترنت
أن يضمّها في كتاب
أو أن يشاهد كلّ مقاطع فيديو القطط.
وجهُهُ ظلّ الروح
بل على الأرجح جهنّمٌ قائمة
وغالبًا جناحٌ من الألم.
في إحدى العينين يسطعُ نورٌ مبهمٌ رماديّ
وفي حدقة العين الأخرى يكمن قبرٌ محفورٌ دون رحمة.
بودّي أن أقول بأنّه قد تحوّل لملاكٍ ونور
لكنّ الحقيقة أنّه قد أصبح رمادًا معدمًا ينفث دخانًا.
جزءٌ من الظلامِ على هيئة سحابة
تدور حول الأرض ليلا
أنشودةٌ تعجزُ عن مواساة أحلام النائمين البائسة.
عنصرٌ جديدٌ في قوامِ الجيش
ينضمُّ لحشدِ الرافضين للحياة
العاجزون عن استيعاب حدّها القاطع
وابتسامتَها الساطعة
حيث تكمنُ مع الولادة حلاوةٌ وانهيار.
خريفٌ،
ليس بالضرورة أن يحلّ بعده ربيع.
كلمات سطرها 22 لاجئ على وريقات في مكتبة*
Думи написани от 22 бежанци..
أريد أن أكون حرًا
اينما تواجدت
أن لا أثبّت بالقيود
وبالجهل والمهانة
أن تختفي السحب السوداء من زرقة السماء
أن تنبت زهرةٌ من دخانِ لفافات التبغ
أن لا يصبح الأملُ خيانة
أن لا يمتدّ الموتُ لما بعد الحبّ
أن تنالَ التعاسةُ من الكراهيةِ
أن لا يتواجد أبي في السجن
أن لا يُقفّى ويتماهى
المستقبلُ والضياعُ والغدّ.
أن تبقى عائلتي بعيدة عن الأكذوبة
أن تكون بجانبي
أن تنال السعادة على منصب
لكن، كلّ هذا
لا يقارن بما سينضج
في حدقة عين القلب.
*حيكت هذه القصيدة من عبارات خطّها 22 لاجئ، حيث قدّمت لهم وريقات عند مدخل مكتبة.
مُترجمةُ دوستويفسكي
Преводачката на Достоевски
ولدتْ قبل 87 سنة
واليوم،
تنظر من النافذة
ترتدي ملابسها ببطء
تكوي الثياب تقطّع البصل
تطهو العدس
ترنو لذاتها
أمّها ترعرعت في بيت ضابط ملكيّ
والدها بروفيسور في علم النبات
ذات صباح، اعتقل الوالد
قرّر ستالين تصفيته
لكنّه عاد بعد عامٍ إلى بيت العائلة الريفي
ليموت إعياءً متأثّرًا بجراحه
واليوم تحملُ هي ساعته على رصْغِها
الرقيق الباهت كسهم.
تمرّ سنتان
ويقتحم جيش الدفاع الألماني البلاد
صديقتُها المقرّبة تصعد إلى القطار
مع كلّ عائلتها
لتهبط في محطّة الرعب.
تنهي دراستها الثانوية، تسجّل في كلية اللغات
يستدعيها الجيش الألماني
لتعمل مترجمة
في أثناء بناء موقع عسكري هامّ
يعدونها بمنحة دراسية في ألمانيا
مقابل سنة عمل.
بعد هزيمتهم في ستالينغراد
توقّف المشروع
وهي التي تحمل ختم المترجمة
لا يمكنها إكمال دراستها العليا
وأمّها لا ترغب أن تعيش في بلد مقتل زوجها.
يستقرون بالقرب من دورتموند
في معسكر للعمال القادمين من الشرق
لتحصل بعد ذلك على منحة هومبولت للدراسة
تغرق في سراديب دراسة اللغات
وهناك في أعماقه أو خارجه
تلتقي عازف كمان
تلد ثمّ تطلّق
لتملأ الوحدة أمسياتها
تدرّس الروسية وتترجم للألمانية
تنقل أعمال تولستوي، بولغاكوف سولجنيتسين
ودوستويقسكي
تملي ترجماتها
على موظفة آلة طابعة
تصيخ السمع
تدرك أنّ صديقها الموسيقي
يرتّل ما تكتب
يحرّر نتاجها قائلا:
توقّفي عن الترجمة كشرنقة
كأنّك تزحفين فوق النصّ
انظري إليه بعين طائر يحلّق عاليًا.
اليوم،
ابنها أصيب بشظية معدنيّة
انشطرت من مخرطة
وهو في غيبوبة
تحادثه تطهو الطعام
وتطلب من تلاميذها الصغار
أن يكتبوا كلمتهم المحببة بالروسية
تترك أوراق الواجبات عند السرير
وابنها لا يستيقظ.
تسافر إلى كييف
لترى البيت العتيق
تقصف غصن شجيرة
امتدّ فوق قبر أبيها
تعطيه لحفيدتها
لتغرسه يومًا في مكانٍ آخر.
تقول: علمني دوستويفسكي فهم الحياة
التي تمرّ تدريجيًا.
ليس عبثًا أن ترد كلمة تدريجيًا
ثلاث مرات في الفقرة الأخيرة
من رواية الجريمة والعقاب.
حتى وإن لم تتعلّم حكمة أخرى من دوستويفسكي
يكفيك ما تمكّنت من اكتشافه.
اليوم،
الساعة على معصمها
تقيس
الثواني الدقائق والساعات
للأمّ والأب والابن.
تمرّ النظرة عبر
الزجاج
ترى المعبر
للشيء ذاته
من اليوم في اليوم.
تفتح فمها
الكلمات الروسية
تتحوّل لألمانية.