الخميس  21 تشرين الثاني 2024

أساوم شجرة على روحها "نصوص" لـ الشاعر: عادل العدوي

2019-03-23 02:17:11 PM
أساوم شجرة على روحها
عادل العدوي

لو أستطيعُ أنْ أساومَ شجرةً في البراري

على رُوحِها

لَقلتُ في فخرٍ: أنا شجرةٌ

أمنحُ ظلِّي للمرهقينَ

وأختزنُ في ذاكرتي قصصَ العشاقِ

أتعايشُ مع الأشياءِ على طبيعتِها

وأتفهمُ كيمياءَ جسدي

وأكونُ صديقًا جيدًا للطيورِ

لو أستطيعُ أنْ أدخلَ عالمًا

يتبادلونَ فيه الأرواحَ

لَبدلتُ قلبي بزهرةٍ

لو أستطيعُ..

لكنَّ العالمَ ما زالَ بهذا القبحِ.

(1)

خمسةٌ وأربعونَ عامًا

ذلكَ هو عمري حسب السجلاتِ

أشعرُ بريبةٍ في التواريخِ

فلا يمكنُ إحصاءُ العصافيرَ التي غادرتْ أشجارَها

حتى تاريخُ صناعةِ الخبزِ

غيرَ موثوقٍ فيه

ماسحُ الأحذيةِ

الذي وَرِثَ المهنةَ عن أبيه وجَدِّه 

يسألني كيفَ يدونُ اسمَه في ذاكرةِ الجدرانِ

أُخبرُه أنني

ألتمسُ خبرًا عن الشحاذةِ الجالسةِ عندَ ناصيةِ الشارعِ

نادلُ المقهى

الذي يفهمُ أمزجةَ الزبائنَ

يمكنُه حسابَ التاريخِ

أنا أيضًا يمكنني ذلكَ

يومي يُقدرُ بثلاثينَ سيجارةٍ

وعشرةِ فناجينَ من القهوةِ المرَّةِ

ولا أذكرُ كمْ تركتُ بقشيشًا على المنضدةِ

فهذا ليسَ مهمًا في حسابِ الزمنِ

على أيةِ حالٍ

النادلُ سوفَ ينساني

فورَ خروجي من المقهى.

(2)

كثيرونَ يومئونَ إليَّ بخفةِ فراشةٍ

يهمسونَ في أذنِي:

أنتَ لطيفٌ

وأشعرُ بنشوةٍ

وربما أنظرُ لـ "براد بيت" شزرًا

وأمرُّ على الجميلاتِ وكأنني لا أهتمُ

أقيمُ علاقاتٍ مع الأشجارِ من نوعٍ خاصٍ

النوعُ الذي يشبِه سعادةَ الطيورِ

وأتبادلُ ابتسامةً صافيةً

مع عاملِ النظافةِ الذي يكنسُ الشارعَ

ويمدُّ يدَه في انكسارٍ لكارثةٍ

أنا بهذهِ البساطةِ

كغصنٍ استكانَ لعصفورٍ

أشعرُ أنَّ هذا الجمالِ

قبسٌ من ذاتي

لكنني

ما زلتُ قلقًا.