السبت  21 كانون الأول 2024

إطلالة على رواية رقعة الهدهد للروائي ياسر المصري قراءة أسماء ناصر أبو عياش

2019-04-27 01:34:52 PM
إطلالة على رواية رقعة الهدهد للروائي ياسر المصري 
قراءة أسماء ناصر أبو عياش

لعل اختيار الروائي الفلسطيني ياسر المصري لرمزية الهدهد في ثلاثيته رقعة الهدهد والتي صدر منها الجزء الأول بعنوان الضحايا له مدلول يُدخل القارئ في إشكالات عدة. فأول ما خطر في ذهني لدى قراءتي للعنوان هدهد سليمان الذي أتاه من سبأ بخبر يقين ليبرر غيابه عن مجلس الملك. في هذا إشارة لهدهد ياسر والذي اتسم بثاقب بصره ويقين بصيرته ليعرض مآل الحال الذي وصلنا إليه. رواية ياسر المصري وإذ تندرج ضمن الأدب السياسي إن صحت التسمية تدخلنا في الوصف والتحليل وهو أي الكاتب العارف ببواطن الأمور بحكم موقعه وقربه من صنًاع القرار يوظف الهدهد لإيصال رسالته.. رسالة الفاعل والمتورط في صناعة الحدث ورسالة المراقب.

من خلال حوار أجراه أو لنقل سمعه الهدهد بين جنديين ينتميان للأمن الوطني يعبر عن التناقض الذي يقضّ تفكيره بل وتفكير الكثيرين، ويدخل القارئ في معترك مدلول المصطلح، فتراه يتناول المفردة وعلى لسان أكثر من طرف، كل يحكي حسب قناعته؛ أهو عدو أم نقيض! كما ويسلط الضوء على جدلية التفاؤل والتشاؤم في مسار الأحداث كذلك جدلية الواقع والوهم من خلال توظيف المرآة في إنعكاس المشهد.

لست هنا بصدد تحليل الرواية بقدر عرضها ضمن سياقها الزمني والتخبط الذي يعاني منه المواطن وحتى المسؤول وغبش الرؤية وتوهان الرؤيا.

تتسارع الأحداث من خلال ثلاثة طيور اختارها الكاتب بذكاء لما لرمزيتها من معانٍ؛ الهدهد الحكيم والصقر المتسم بالقوة والاستقلالية والجنوح نحو الذاتية فيما الديك يرمز للأمل والحياة.

ما لفتني في بعض جوانب الرواية تركيز الكاتب على التناقض الثانوي الذي طغى وبفعل ما يشوب الحال والمشهد الفلسطيني من انقسام يكاد يضرب المشروع الوطني في مقتل، طغى على التناقض الرئيس مع الإحتلال. ثم يعرج على اتفاق أوسلو وحرف البوصلة عن مشروعية المقاومة ونقل الصراع مع الاحتلال من الخندق والطلقة إلى طاولة المفاوضات.

لم يعمد الكاتب في رقعة هدهده إلى إيجاد الحلول بل ترك الأسئلة مفتوحة على الاحتمالات، أسئلة ما زالت مشرعة تنتظر.. يدخل القارئ في محطة انتظار اللاشيء، على الأقل مرحلياً وربما عمد من خلال هذا الطرح إلى إشراك القارئ في البحث والتقصي لإيجاد الحلول.

رواية رقعة الهدهد بعنوانها الجانبي الضحايا تستحوذ على عناية قارئها.. ياسر المصري كتب ورسخ نهجاً في الرواية الفلسطينية ربما لم يلجه وبمثل ما تناول من أدوات، كاتب قبله.

ساعتان ونصف أو تزيد وثلاثة حواجز احتلالية وطرق التفافية فرضها الاحتلال لم يعبأ بها الصقر والهدهد كانت رواية ياسر المصري هي السلوى في طريقي من رام الله المحتلة إلى الخليل المحتلة.