الخميس  21 تشرين الثاني 2024

ما ليس شعريا في نظرهم لـ... ويليم كارلوس وليامز

2021-08-05 09:40:20 AM
ما ليس شعريا في نظرهم لـ... ويليم كارلوس وليامز
ما ليس شعريا في نظرهم لـ... ويليم كارلوس وليامز

الحدث الثقافي- أدب

وليم كارلوس وليامز هو شاعر أمريكي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحداثة والتصويرية (Imagism) كما أنه كان طبيبًا للأطفال وممارسًا عامًا حصل على شهادة في الطب من كلية الطب بجامعة بنسلفانيا. نجح ويليامز في مساره الأدبي الشعري بجانب عمله الأساسي كطبيب عائلة. كان يؤلف قصصًا قصيرة، ومسرحيات، وروايات، ومقالات، وترجمات بين الحين والآخر. كان ويليامز طبيبًا في النهار وأديبًا في الليل.

نشر ويليامز في عام 1924 أحد أبرز كتبه عن الشعر الذي يحتوي على بضعة قصائد كلاسيكية مثل «على جانب طريق المستشفى المعدي»، و«عربة اليد الحمراء»، و«إلى إلسي». ولكن في عام 1929 نشر توماس إليوت قصيدة «أرض الضياع» التي أثارت ضجة كبيرة حينئذ وخطفت الأضواء من مذهب ويليامز الحداثي المغاير لأسلوب إليوت. كتب ويليامز لاحقًا في سيرته الذاتية: «عقب ظهور أرض الضياع شعرت أنني انتكست عشرين سنة إلى الوراء. فمن ناحية نقدية أعادنا إليوت إلى فصول المدرسة من جديد في اللحظة التي خلنا فيها أننا اقتربتنا من تأسيس شكل جديد من أشكال الفن يستمد جذوره من مكان نشأته». على الرغم من الاحترام الذي كان يكنه ويليامز لأعمال إليوت فقد جاهر بنقده أسلوب إليوت ذو الطابع الفكري المتطرف الذي يكثر من استخدام اللغات الأجنبية والإشارة إلى الأدب الأوروبي والكلاسيكي. إذ كان ويليامز يؤثر اللغة الإنجليزية الأمريكية الدارجة.

بين عام 1946 و1958 ألف ويليامز قصيدة ملحمية حداثية بعنوان «باترسون»، وفيها حكى ويليامز عن تاريخ باترسون، نيو جيرسي وأناسها وجوهرها. ومن هنا نرى أن ويليامز كان يهتم بالمكان و«المحل» بشكل خاص على نطاق أوسع مقارنةً بجميع محاولات من سبقوه. تأمل ويليامز كذلك في دور الشاعر في المجتمع الأمريكي ولخص أسلوبه الشعري في المقولة الشهيرة «لا يكمن الأمر في الأشياء بل في الأفكار» (وهي عبارة مقتبسة من قصيدة «أغنية من نوع ما» كررها ويليامز أكثر من مرة في قصيدته الملحمية).

أرشد ويليامز في أواخر حياته عددًا لا بأس به من الشعراء اليافعين وكان له تأثير عظيم عليهم. أثر بشكل خاص على العديد من الحركات الأدبية الأمريكية في خمسينيات القرن العشرين، ومن بينها حركة البيت، وحركة النهضة في سان فرانسيسكو، ومدرسة بلاك ماونتن، ومدرسة نيويورك

فيما يلي فصل افتتاحي من ديوان وليم كارلوس وليامز، ما ليس شعريا في نظرهم، والذي ترجمه عن الأمريكية عبد القادر الجنابي وصدر عن دار التنوير للطباعة والنشر في تونس عام 2016.

التنافر (إذا أعجبكم هذا) يُفضي إلى الاكتشاف

شقائق بيانية في القصيدة

وماكنتها المصنوعة من الكلمات

إقليمُ القصيدةِ لهو العالم،

عندما تشرق الشمس، فإنها تشرق في القصيدة.

وعندما تغيبُ، تحلُّ الظلمةُ،

والقصيدةُ مظلمة.

***

يا أيُّها الشاعرُ، عليك أن تتصالح مع عالمكَ، إنه الحقيقةُ الوحيدة.

***

"الشعرُ الجيدُ يوجد حيث تظهر الحيوية حقيقةً، كا في النثر، لكن أفضل. هذا هو الشعر. كان دانتي يتصارع مع الإيطالية، حيويته تتأتى من تهربه من اللاتينية...على الشعر أن لا يسعى لشيء آخر، هذه الحيوية فقط، بذاتها، من أجل ذاتها. إنه تحقيق مشروع كهذا يتغذى على نار داخلية لا تشبه شيئاً. من هنا نغولة التشبيه. هذا الشيء، هذه الحيوية التي هي الشعر بذاته، تصنع القصيدة. لا حاجة للشرح والمقارنة، اتبع هذا القانون، والقصيدةُ ستكون. وها هي حديثةٌ، وليست سرد مآثر وبطولات. ففي أيامنا الراهنة لم يعد هناك سرد بطولات ومآثر، وإنما الآن ثمة أشجار، وحيوانات، ومكائن: ولا شيء آخر". لذلك "لن تكون هناك قيمة للقصيدة إلا حين تتخلص من الرمزية الفجة، وإزالة التداعي المتكلف، والأشكال الطقوسية المعقد، المصممة لفصل العمل عن "الواقع" – كالقافية، البحر كبحر وليس كجوهر العمل، كلمة من كلماته."

***

القصيدةُ آلةٌ صغيرة (أو كبيرة) مصنوعة من الكلمات. وعندما أقول ليس هناك شيء عاطفي إزاء القصيدة أعني أنه لا يمكن أن يكون فيها جزء، كما في أي آلةٍ أخرى، زائد عن الحاجة.

***

كما لو أن الأرض التي تحت أقدامنا

كانت

غائط سماء ما

ونحن السجناء المنحطُّون

قُدِّر علينا

أن نجوع إلى أن نأكلَ القذارة

بينما المخيلة تسعى

وراء غزالٍ مارٍ بحقول عصا الذهب

***

إن الشيء الذي لا يعرف القارئ أبداً، بل لا يجرؤ على أن يعرفه: مَن هو (القارئ) في اللحظة التي هو فيها، وهذه اللحظة هي الشيء الوحيد الذي يهمني. ففي هذه اللحظة كل الأشياء المحيطة تأخذ ملامحها وتتكون ليس فقط لأنفسها، وإنما أيضاً لمُدركها. إنها لحظة انتعاش التغيرات. ولأن التغير مولود جديد، فإنه يبدو عارياً كعشب يتفتح، إنه آدم الشعر. إنها لحظة عالم جديد يتجذر فيه الراصد ويستيقظُ، وها نحن نرى المرئى المألوف للمرة الأولى.

***

أنتظر من النثر أن يكون نثراً. النثر المتخلص من قيم دخيلة لا علاقه له به، عليه أن يعود إلى غرضه الوحيد: إلى الوضوح لإنارة الفهم. ليس للثنر شكل سوى الشكل الذي يعتمد الوضوح. ذلك أن النثر حين لا يكون منضبطا بدقة لعرض الوقائع، فإن لا وجود له- هذا هو شكله لا غير. النفاذ منيراً في كل مكان. الشعر شيء مختلف كليا. الشعر شأنه بلورة المخيلة. – كما الأشكال الجديدة كإضافات للطبيعة.

***

الشعرُ لغة مشحونة بالانفعال. إنه كلمات، منتظمة إيقاعيا!

***

صِرْ في حالة انسيابية!

***

المكتبةُ قفرٌ، لها رائحة خاصة بها، إنها رائحدة الركود والموت.

***

على الميتافيزيقيا أن تختص بشؤونها، فلا شيء يجمع بين الفنون وبينها... ليس ما يقوله الشاعر هو المهم، وإنما ما يفعله اعتباراً من إدراك حسي جد مكثف بحيث عمله يعيش حركة أصيلة.

***

إذا كان علينا أن نفهم زمننا

فعلينا أن نجد مفتاحه

لا في القرن الثامن عشر

أو التاسع عشر

لكن في حقب أبعد

أكثر وحشية

وأكثر ظلاماً.

***

"عالمٌ جديد هو فقط ذهن جديد"

***

الشعرُ يستوجب مادة مختلفة عن النثر. إذ يستخدم وجيها آخر للواقعة ذاتها... تطابق اللغة التلقائي كما تُسمع.

***

"أن أتكلم مع الأشياء

لا تزهو بنفسك

بأني مجنون

بالأحرى عليك أن تدرك

بأنك أصم، ومن

شرين، فالنباتات

هي أيضا صماء،

أختار الذي

يبرهن بصفات

أخرى، أنه يستحق

الامتياز."

***

ليس هناك تفصيل واحد دخيل على التأليف!

***

من الضروري قصائد جديدة: أن تُكتَشفَ أشكالُها في لغة عصرها الحية.

***

بواسطة الإصغاء للغةِ محلّته، يتعلم الشاعر حرفته!

***

أعتقد أن الكتابة كلها مرض، لا يمكنك إيقافه!

***

يُغذي الشعرُ المخيلة، بينما النثر يغذي العاطفة. الشعر يحرر الكلمات من الملابسات العواطفية، النثر يؤكدها. كلاهما يقع في حركة جذب ونبذ بالنظر إلى الذكاء.

***

قصيدة هي كبسولة حيث نغلف أسرارانا المستوجة للعقاب.

***

"المخيلة وحدها حقيقية

لقد أعلنتُ هذا

مراراً وتكراراً

إن ماتَ إنسانٌ

فلذلك لأن الموتَ

أولاً

تَملَّك مخيلته"

***

الفنر بذاته مهم، لأأنه بدعوته انتباهنا وإنعاشه، يساعد على إيقاظنا من المشي اليومي نائمين، من العادات، والحواجز والأوها التي تنتج قساوة الإنسان على الإنسان وتدميه.

***

المهم كتحفة فنية، ليس ما يقول الشاعر، وإنما ما يصنعه!

***

لن أكون راضياً أبداً إلا حين أكون قد دمرتُ كل الشعر كما كان (معروفاً) في الماضي.

***

كلُّ الأنهار

تنشأ من النيل،

كل القصائد تنشأ من

الإلياذة كما كل الحياة تنتهي

في قنلبة

كرر!

***

الواقعية الوحيدةُ هي الفن هي تلك التي تنجُمُ عن المخيلة. لأن المخيلة هي التي تسمح لعمل أن يصبح ابداعاً دون أن ينتحلَ الطبيعة.

***

اللغة استهلكت!

***

الشعرُ يدوم، بما أنه يحدث بشكل صحيح، لا يكذبُ أبدا، لا يتقدم الحياة أبداً وإنما حواليها حين يحدث، فهو على عكس كل شيء آخر في الوجود، مسبوك، مضبوط.

***

يمكننا صنع قصيدة من أي شيء كان. إليكم صورة مزارع شاب سيء السمعة حُبلت من مواد مأخوذة من بيئته.