الجمعة  15 تشرين الثاني 2024

المتحف الفلسطيني يفتتح معرض "بلد وحده البحر .. محطّات من تاريخ الساحل الفلسطيني"

2021-10-25 10:01:17 AM
المتحف الفلسطيني يفتتح معرض
معرض بلد وحده البحر

الحدث- سوار عبد ربه

افتتح المتحف الفلسطيني، أمس الأحد، معرضه "بلدٌ وحده البحرُ: محطّات من تاريخ السّاحل الفلسطيني"، للقيّمة الضيفة إيناس ياسين ومساعد القيّم أحمد الأقرع، وذلك في بلدة بيرزيت قرب رام الله.

ويقدم المعرض محطات من تاريخ الساحل الفلسطيني ويتتبع الإمكانيات المستقبلية عبر إخضاع تجارب الماضي للتأمل والمراجعة، وينطلق المعرض من منتصف القرن الثامن عشر ويتوقف عند العام 1948، متيحا بذلك قراءة متجددة لحدث النكبة عبر محطات تاريخية امتدت على طول مئتي عام من زمن.

وقالت القيمة الضيفة إيناس ياسين لصحيفة الحدث "حاولنا من خلال المعرض أن نقدم تاريخ فلسطين في القرن الثامن عشر والتاسع عشر كجزء ممتد من فهمنا العام لتاريخ فلسطين الحديث، لأنه من الشائع والمتداول أن تاريخ فلسطين وقراءتنا له عادة ما تبدأ بالفترة الاستعمارية وسقوط الدولة العثمانية ثم وعد بلفور والانتداب وصولا إلى النكبة، لكن المعرض من خلال البحث الذي قدمه وتصميم المعرض نفسه، حاول إضافة جزء من المعرفة المغيبة -نوعا ما- لربطها بالوعي العام حول الرواية  التاريخية في فلسطين".

وأضافت: "يرتكز المعرض إلى مقولة رئيسية مفادها أن أهل فلسطين، وعبر تاريخ مستمر، استطاعوا صياغة أشكال مختلفة لتجليات وجودهم المتجذر في الأرض بشكل شبه مستقل، خارج سياق الدولة الرسمية وتوغلات الممالك التي خضعت لها المنطقة تباعا عبر قرون عديدة، كانت آخرها الحالة الاستعمارية المعاصرة، وأن فلسطين تجلت عبر التاريخ كحضارة، بكيانها العمراني والاقتصادي  والاجتماعي والسياسي، سبقت تشكل مفاهيم الدولة الحديثة ورسم الحدود السياسية. وأن هذا الحضور للبلد قائم ودائم ومتحقق في بقاء الفلسطينيين على أرضهم وبحرهم ودوام تطلعهم إليهما رغم محاولات الإقصاء الاستعمارية".

وفي تفاصيل التحضير والإعداد للمعرض قالت قيمة المعرض إيناس ياسين لصحيفة الحدث إن التحضير للمتحف بدأ منذ عدة سنوات، من خلال عدد من الورشات التي جرى فيها طرح النقاشات والمقترحات حول كيفية الإعداد لمعرض حول تاريخ الساحل الفلسطيني، "وبعد دراستي للخيارات المطروحة والتوجهات الموجودة للمتحف بشكل عام حول إنتاج معرفة حول تاريخ الساحل الفلسطيني، قمت بعمل مجموعة من الأبحاث والقراءات حول تاريخ فلسطين من خلال مجموعة من الكتب والدراسات".

وتابعت: "من خلال القراءة، وجدت أنه توجد بعض المناطق أو المحطات التاريخية التي من الممكن أن تكون نقاط ارتكاز في رواية عن تاريخ الساحل الفلسطيني من خلال مجموعة من الأحداث على طول مئتي عام من الزمن، والتي تم اختيارها على أساس أن تكون المناطق التي سيقدمها المعرض، من خلال البحث التاريخي".

وأردفت: "من خلال المحطات التاريخية والمناطق الجغرافية؛  توليفة لرواية تاريخية تغطي مساحات حول النشاط الاقتصادي والعمراني والملاحي، والنمو السكاني والتغيرات الاجتماعية المرتبطة بتحولات سياسية وإدارية، مثل التنظيمات العثمانية والاستعمار وبعدها النكبة، وتم اختيار المحطات الخمس الأساسية للمعرض الحالي".

ويتناول المعرض روايات مختارة، تركز الأولى على صعود عكا في منتصف القرن الثامن عشر، وتضيء على نماذج من التاريخ السياسي والاقتصادي والعمراني قبل تكون مفاهيم الدولة الحديثة، لينتقل إلى رواية ثانية تتناول صعود يافا في القرن التاسع عشر والتركز التدريجي في الاقتصاد ورأس المال في مدن الساحل وما رافقه من تنام للنفوذ الأوروبي منذ منتصف القرن التاسع عشر والذي قاد في القرن العشرين إلى النكبة وسقوط البلاد.

وافتتح معرض وحده البحر من خلال عرض أدائي عبارة عن "سكتشات" مسرحية من تأليف الفنان والمخرج المسرحي عامر حليحل، وإخراج إيميل سابا.

وفي هذا الشأن قالت مديرة البرامج العامة والانتاج في المتحف الفلسطيني عبور الحشاش لصحيفة الحدث إن العرض عبارة عن "سكتشات" مسرحية داخل محطات المعرض تتناول قصص الناس والتاريخ الاجتماعي لحياة الناس في تلك الفترة التي يتناولها المعرض. متابعة: "توجد خمس محطات في المعرض، ومحطة أخيرة تختتم بشعر لمحمود درويش عن الأب وهو يتحدث مع ابنته وتخيلاتهم عن البحر".

وحول سبب توجههم للعرض بطريقة مسرحية قالت الحشاش: "اخترنا أن نعده بهذه الطريقة لإضافة حياة على المحطات، وعلى حياة الناس المعاشة في تلك الفترة".

وكان العرض الأول بعنوان مشهد "لوين؟" الذي جسد حياة لعائلة تعتاش من تجارة القطن بعد هدم بيتها ومدينتها وأصبح التهجير واقعها الحتمي، وذلك بعد هدم يافا ومينائها من قبل المماليك من أجل حماية البلاد من الحملة الصليبية.

أما في المشهد الثاني فنرى كيف نظر سكان المنطقة لما أتى به ظاهر العمر من مرحلة عمرانية تجارية سياسية فريدة من نوعها وتبشر بمستقبل زاهر، وذلك كان في قمة صعود مملكة ظاهر العمر في عكا وتتويج المرحلة ببناء حيفا الجديدة ومينائها.

والمشهد الثالث بعنوان "خليك هون" ويتناول قصة حب تحاول النجاة في ظل فترة صعود يافا التجاري والسياسي، ونرى من خلالها مختلف مركبات المرحلة في يافا "أم الغريب"، كما أطلق عليها في تلك الفترة.

والمشهد الرابع بعنوان "أم كلثوم" والذي رصد ملامح فلسطين المنفتحة والمثقفة والثائرة، من خلال لقاء مشحون بين جندي بريطاني وإحدى النساء الفلسطينيات الثائرات".

والمشهد الخامس بعنوان "مشهد كتب"، والذي يحاول إلقاء نظرة فلسطينية مغايرة نحو النكبة، ومن خلالها نشاهد قسوة وبرودة الاحتلال الذي لم يأت مستعمرا فقط بل محتلا.

والمشهد الأخير يمتزج ضمنه الواقع بالتاريخ بالفنتازيا، إذ نرى الأب يحكي لابنته عن رحلته الوحيدة في البحر والتي رأى خلالها حوت حكاية جدته، وقارب جده الأحمر، وكيف أنه رآها قبل أن تولد كما رأى ذاك الشاب الذي كان يتدرب على إلقاء قصيدة للبحر، هي قصيدة حجر كنعاني في البحر الميت للشاعر الفلسطيني محمود درويش.

وإلى جانب العرض المسرحي، تنوعت مواد المعرض بين الصور الأرشيفية النادرة والقطع التاريخية، والأعمال الفنية و"الفيديو آرت" واللوحات الفنية والخرائط التفاعلية والوثائق التاريخية.

وافتتحت المعرض مدير عام المتحف الفلسطيني عادلة العايدي- هنية بكلمة ترحيبة شكرت من خلالها القائمين على المعرض، والفنانين والمساهمين والممولين.

وقالت في كلمتها الترحيبية: "يواصل المتحف من خلال هذا المعرض، تحقيق رسالته المتمثلة في إنتاج ونشر تجارب معرفية تحررية عن فلسطين شعبا وثقافة وتاريخا، ومن خلال هذا المعرض نقدم توليفة جديدة مكونة من مطبوعات وفعاليات عامة، وتربوية وعائلية ونشاطات فكرية، سنقدمها لكم على مدار العام، وتترافق مع المعرض مادة وثائقية غنية، وتدخلات فنية وتصميمية متعددة الوسائط بغية لخلق مساحات ملامسة لتجارب الماضي حسيا ومعرفيا".

وبحسب العايدي: "انبثقت فكرة إقامة هذا المعرض قبل ثلاث سنوات وسيتم من خلاله مشاكرة رؤية المتحف حول تجارب وإنجازات شعب هذا الساحل عبر 3 قرون من الزمن رغم محاولات محو فلسطينيته".