الأحد  22 كانون الأول 2024

قصيدة إسرائيلية في الجامعة الإسلامية بغزة تثير الاستغراب

2021-12-12 10:59:36 AM
قصيدة إسرائيلية في الجامعة الإسلامية بغزة تثير الاستغراب
يهودا عميحاي

الحدث الثقافي

لو فتحت متصفح "جوجل" وكتبت في خانة البحث "قصيدة القدس" ستظهر لك في الصفحة الأولى من الخيارات المتاحة قصيدة الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي "في القدس" وواحدة للفلسطيني الراحل محمود درويش وأخرى للسوري نزار قباني، وربما لو قلبت في الصفحات المرقمة في الأسفل لظهرت لك أسماء شعراء فلسطينيين وعرب آخرين كتبوا عن القدس، وتغنوا بتاريخها وقدسيتها ومبانيها، منهم من وقف على أطلالها بعد التهجير، وآخر يحكي فيها شوقه للقائها، وهذا ليس بالغريب فالقدس تعتبر مادة شعرية دسمة يتسابق الشعراء منذ القدم للتغني بها وبكائها.

في الجامعة الإسلامية في غزة، قرر البروفيسور رفعت عرير أن يعرض واحدة من مئات القصائد المكتوبة عن القدس، فدخل قاعة المحاضرة وأخذ يروي أبياتها واحدا تلو الآخر:

 "فوق سطح منزل في المدينة القديمة

غسيل منشور تحت شمس آخر العصر

شرشف أبيض لامرأة هي عدوي،

منشفة لرجل هو عدوي،

يمسح بها عرق جبينه.

في سماء المدينة القديمة

طائرة ورقية.

في الطرف الآخر للخيط،

طفل

لا أستطيع رؤيته

بسبب الجدار.

رفعنا رايات عدة،

رفعوا رايات عدة،

ليجعلونا نظن أنهم سعداء.

لنجعلهم يظنون أننا سعداء".

وما إن أنهى قصيدته حتى بدا التأثر واضحا على وجوه طالباته، ما دفعه لسؤالهن عن اعتقادهم حول هوية كاتبها، وبالطبع اتفقن كلهن على أنه فلسطيني، وأخذن يحللن القصد من وراء كلماتها، وفقا لمقال جمعت مادته الخبرية الفلسطينية سمر أبو عوف مراسلة نيويورك تايمز في غزة، الأمر الذي أثار ضحكته، ولاحقا فضولهن.

تقول المقالة  إن مشاعر من الغضب والتذمر اعترت الطالبات لأن أحدا غير فلسطيني شاطرهن "حب" هذه المدينة المقدسة، لما عناه هذا الكلام للوهلة الأولى بالنسبة لهن من منافسة على حب عاصمة فلسطين، إذ اعتقدت إحدى الطالبات أن الكلمات تعني  أن رجلا لا يستطيع الوصول إلى شيء يخصه، ربما منزله الذي استولى عليه الاحتلال. وحينها فاجأ عرير طالباته بإفصاحه عن هوية كاتب القصيدة، وهو الإسرائيلي "يهودا أميحاي" ومعنى اسمه "يحيا شعبي"، وأميحاي مولود عام 1924 في مدينة فورتسبورغ في ألمانيا لأسرة يهودية متشددة، وكان محمود درويش معجبا بشعره رغم إقراره مرارا بالعداوة التاريخية بينهما. 

وفقا للمقال الذي حمل عنوان "في غزة أستاذ فلسطيني مثير للجدل يعلم بهدوء الشعر الإسرائيلي"، فإن "دراسة الشعر الإسرائيلي في الجامعات الفلسطينية نادرة، وإن لم يسمع بها من قبل"، سيما في قطاع غزة التي لا تعترف بـإسرائيل، وتحافظ على مقاومتها بالسلاح، وبالأخص في جامعة إسلامية، شارك في تأسيسها زعيم سابق لحركة حماس"، ومن بروفيسور يكتب باستمرار عن انتهاكات الاحتلال، ويظهر عداءه الطبيعي للمحتل.

أما فيما يتعلق بإثارة الجدل، فكانت تعليقات معظم رواد مواقع التواصل الاجتماعي على المقال الذي انتشر في عدة صفحات أنه يحمل في طياته روائح تطبيع سيما وأن عبارات متعلقة بالتعايش وحل الدولة الواحدة وغيرها زجت في تحليلاته وألقت على كاهل العرير نوايا ملفقة.
وبحسب المقال يتبع العرير نهجا أكاديميا معتدلا، كجزء من دورة لاطلاع الطلبة الجامعيين على الأدب العالمي، ويقوم بتدريس أعمال لتوفيا روبنر، وهو شاعر إسرائيلي بارز آخر، ويعرف الطلاب على "تاجر البندقية" و "أوليفر تويست" وغيرهم. 

أما عن رد فعل الطالبات حول النصوص التي يستعرضها العرير فقالت إحدى الطالبات:  "الفجوة في تجاربنا هائلة، عندما تقارن "خسائرهم" بخسائرنا، وتقارن حياتهم الفاخرة بحياتنا". "قد نتعامل مع الأشياء ونشاركها، ولكن في نهاية المطاف عليهم الاعتراف بما فعلوه."